تظاهر عشرات آلاف العراقيين، أمس، بدعوة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، عند مدخل «المنطقة الخضراء»، في وسط بغداد لمطالبة الحكومة بإصلاحات تشمل تغيير مسؤولين. ورغم الإجراءات الأمنية المشددة التي فرضتها القوات الأمنية، وتضمنت انتشاراً أمنياً واسعاً وغلق طرق وجسور رئيسية تؤدي إلى «المنطقة الخضراء»، فقد توافد عشرات آلاف المتظاهرين تلبية لدعوة الصدر.
وحملت غالبية المتظاهرين، الذين احتشدوا عند أحد المداخل الرئيسية لـ«المنطقة الخضراء»، أعلاماً عراقية ورددوا هتافات بينها «كلا كلا للفساد نعم نعم للعراق». وقال الصدر، في كلمة مسجلة بثت خلال التظاهرة: «أدعو كل الأطراف السياسية، ولا سيما البرلمانيون، إلى التحاور مع الشعب وممثليه لإزاحة هذا الكابوس، أعني حكومة الفساد». وأضاف أن الحكومة «فشلت فشلاً ذريعاً في ترميم الوضع برمته»، مؤكداً أنه «لا بدّ من إعطاء فرصة لأناس أكفاء مختصين، وأن يتنحى كل الذين أوصلوا العراق إلى الهاوية».
العبادي أوقف رواتب أعضاء البرلمان بسبب عدم التزامهم خفض الرواتب

كذلك طالب بإصلاح حقيقي، قائلاً: «لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن نزيح فاسداً ونأتي بآخر». الصدر الذي حذّر المتظاهرين من إرجاع العراق إلى النقطة الصفر إذا ما دخلوا «المنطقة الخضراء»، أكد في الوقت ذاته أن الشعب سيتصرف مع من يمتنع عن تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة. وقال إن «دخول المنطقة الحمراء أو الخضراء لا نريده أن يكون بداية لنهاية الخير والإصلاح، بل بداية لنهاية الشر والفساد، فإياكم وإرجاع العراق إلى النقطة الصفر». وأكد أن «على الجميع أن يذعن لصوت الشعب، سواء من هم في داخل المنطقة الحمراء من سياسيي العراق أو أفراد حكومته أو بعض السفارات الأجنبية، والتي نطالبها بالسكوت أو الخروج من تلك المنطقة، ولا سيما التي تدعي دفاعها عن المظلومين لا عن المفسدين».
وفي تظاهرات مماثلة، خرج آلاف العراقيين في مدن أخرى، بينها الحلّة والنجف والكوت، جنوب بغداد، تأييداً لهذه المطالب.
من جهته، طالب رئيس الوزراء حيدر العبادي الكتل السياسية بإجراء إصلاحات بشكل دستوري. كذلك، دعا المتظاهرين، في بيان، إلى الحفاظ على السلمية في احتجاجاتهم، فيما أعلن عن توجّه مؤسسات الدولة للاستماع لمطالبهم.
في سياق متصل، أفاد مصدر مطلع بأن العبادي أوقف رواتب أعضاء البرلمان ــ البالغ عددهم 325 نائباً ــ بسبب عدم التزامهم الخفض الذي أقرّه مجلس الوزراء بشأن الرواتب الذي بدأ تطبيق العمل به مع الوزراء والمديرين العامين والموظفين في مجلس الوزراء.
وقال المصدر إن «العبادي أوعز إلى وزارة المالية بإيقاف صرف رواتب ومخصصات البرلمان لنواب ومستشارين ومديرين عامين وموظفين وحتى الحمايات، بسبب عدم التزامهم الخفض وتحايلهم على القانون». وأشار إلى أن «مجلس الوزراء كان قد خفض رواتب النواب بنسبة 50 في المئة، والمديرين بنسبة 40 في المئة، والموظفين بنسبة 30 في المئة»، مضيفاً أن «مجلس الوزراء والأمانة العامة للمجلس التزما ذلك، فيما لم يلتزم البرلمان بحجة وجود موازنة خاصة بهم». وبناءً عليه، لفت إلى أن «العبادي أوقف صرف رواتبهم باعتباره وزيراً للمالية بالوكالة، بديلاً من هوشيار زيباري»، الذي يعالج في لندن. وأكد المصدر أن «رواتب النواب وموظفي البرلمان كلها متوقفة، ولم يتسلموا الرواتب منذ شهرين إلى حين إرجاع ما تقاضوه خلافاً للقانون وبأثر رجعي، وكذلك التزامهم خفض عديد حماياتهم».
وكان العبادي قد قرر، في أيلول، خفض رواتب أعضاء مجلس النواب بنسبة 45 في المئة، وشمل القرار موظفي المجلس ابتداءً من أمينه والدرجات الخاصة والموظفين العاملين في المجلس.
على المستوى الميداني، نقل موقع «كل العراق» عن مصدر أمني معلومات عن شروع قوات تحرير مدينة الموصل بأولى العمليات ضد «داعش». وذكر المصدر أن «قوات مدفعية اللواء 71 في الفرقة 15 من الجيش، إحدى قوات تحرير الموصل، قصفت ضمن محور العمليات وقتلت الإرهابي المدعو هاشم محمد الملقب بأبو شعيب مسؤول قاطع السبعاوين في داعش وعدداً من معاونيه».
وكان مصدر أمني في محافظة نينوى قد أعلن، أول من أمس، أن «داعش أقدم على قصف مواقع قوات الجيش العراقي المتمركزة في منطقة مخمور، استعداداً لبدء عملية تحرير الموصل»، مضيفاً أن «القصف أدى إلى مقتل وإصابة 22 جندياً».
يأتي ذلك في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع انطلاق المرحلة الثانية من عملية تحرير جزيرة غرب سامراء في محافظة صلاح الدين، المتمثلة برفع العبوات الناسفة ومعالجة المنازل المفخّخة والعجلات الملغّمة التي خلّفها عناصر «داعش» بعد انسحابهم.