القاهرة | كشف مصدر رفيع المستوى داخل مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين في مصر لـ«الأخبار»، أن ثمة لقاءات جرت بين قادة في القوات المسلحة، وقادة في جماعة الإخوان المسلمين، لكن بشكل فردي وشخصي وليس على نحو رسمي أو مؤسسي، كان آخرها يوم الخميس الماضي. وقال المصدر إنه رفض الجلوس بشكل رسمي هو أو غيره من الجماعة، مبينا أنه إذا كانت ثمة لقاءات رسمية فلتكن مع اللجنة القانونية في الجماعة أو الحزب، مرشحاً اسم محمد طوسون، رئيس اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الشورى المنحل، للجلوس في هذه الجلسات وخاصة أن المرشح لها من قبل المجلس العسكري هو اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية.
وأقر المصدر بأن «الجماعة وحلفاءها يرفضون رسائل جس النبض التي ترسل من قبل مؤسسة المجلس العسكري، بأن أي تفاوض يكون بعد فض الاعتصامات والتظاهرات»، وهو الأمر الذي يرفضه المعتصمون، كاشفاً أن الجماعة «مستعدة للتنازل عن المطالبة بعزل عبد الفتاح السيسي حال عودة محمد مرسي وإرجاع الدستور». ولفت الى أن الجماعة موافقة على إجراء استفتاء على بقاء مرسي أو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، شريطة أن يكون هذا عقب عودة مرسي وعلى أساس الشرعية الدستورية، حتى لو أدى هذا إلى رحيل الرئيس.
غير أن مصادر عسكرية مطلعة نفت ما تردد بشأن وجود مفاوضات تجرى حالياً بين الإخوان وقادة من المؤسسة العسكرية. ورغم هذا النفي، فإن القيادي البارز في جماعة الإخوان، جمال حشمت، أكد في حديث الى «الأخبار» من داخل المركز الإعلامي لاعتصام رابعة العدوية، أنه «لم تحدث لقاءات رسمية، ومن جلس مع أحد من قادة الجيش جلسوا بصفتهم الشخصية»، لافتاً الى أنه كان أحدهم، وطالب في تلك الجلسة بأن يكون التشاور مع الرئيس، لأن «القوات المسلحة تريد الفض، ثم التفاوض». وقال «نحن لا نريد أن نحمّل كل قادة القوات المسلحة ما حدث من انقلاب ومذابح، إنما نحمّل الفريق السيسي شخصياً هذه التداعيات التي حدثت بعد الانقلاب العسكري، لأنه خان العهد وخان القسم الذي أقسم عليه أمام الرئيس أثناء توليه وزارة الدفاع؛ فالفريق السيسي يجب أن يحاسب ويختفي من الصورة الآن، فهناك إجرام حدث في مذبحة الحرس الجمهوري، والجهات الطبية تضيّق علينا في إثبات طريقة القتل، فلا نستطيع استخراج شهادة طبية، وسنأخذ خطوات للجوء إلى المحاكم المحلية والدولية لمقاضاة الفريق السيسي، لأمره بقتل المتظاهرين، فضلاً عن وقف البرلمان وتعطيل الدستور واختطاف الرئيس».
وأشار حشمت الى أنهم «عرضوا في بداية الأحداث عقب الانقلاب أن يكون هناك استفتاء على بقاء مرسي بعد الإفراج عنه. رفض المجلس العسكري أن يتم التفاوض مع الرئيس إلا في إطار المنظومة التي وضعت وهي منظومة ناتجة من انحياز الفريق السيسي لطرف دون آخر، طبقاً لمؤامرة أعدت من قبل أطراف دولية وإقليمية وداخلية». وشدد على أن «الحد الأدنى لمطالبنا الآن هو عودة الشرعية مرة أخرى، حتى لو عاد الرئيس لمدة شهر أو أسبوع أو غيره، كيفما نتفق».
وعليه، يبدو أن كلا الطرفين، الإسلاميين وفي القلب منهم الإخوان، ومؤسسات القوة وفي القلب منها القوات المسلحة، قد بدأوا لعبة جس النبض بين بعضهم البعض، مع الحرص على ترك مسافة تجنبهم انتقاد أتباعهم ومؤيديهم.
كما يبدو أيضاً أن جماعة الإخوان اقتربت من التيقن من أن مرسي لن يستطيع الاستمرار في الحكم، ومن ثم فإنها تشرع للبحث عن خروج كريم له، يحافظ على مكتسبات إنجاز الدستور ويضمن لها عدم التنكيل بها وبقادتها وبمقدراتها.
أما القوات المسلحة، فباتت متيقنة من أن التعامل مع جماعة الإخوان ليس سهلاً، فضلاً عن وجود واقع جديد يرفض عسكرة الدولة ولو من وراء ستار، حتى لو كان يرفض في الوقت ذاته أسلمة الدولة أو تسلفها أو أخونتها.
فهل ينتظر الطرفان حتى نهاية رمضان لجس النبض، أم يباغت أحدهما الآخر بتصعيد ليس في الحسبان؟