«عصبة العينين» كانت إجراءً احترازياً قامت به الجهات السيادية لنجل الرئيس المعزول محمد مرسي للتأمين على عدم اطلاع أحد على مكان الاستراحة التابع للمخابرات الحربية، الذي يقبع فيه مرسي تحسباً من هجمات أنصاره عليه، وفق المعلومات الواردة للأجهزة المختلفة. مساء الخميس الماضي، وتحديداً عند الساعة الثامنة، قابل أسامة والده المعزول في حضور عناصر من القوات الخاصة، فبادره الأب بالسؤال عن الأسرة والأهل والعشيرة، كما اعتاد أن يسردها للجميع في لقاءاته وخطبه، فأجابه الابن: الجميع يحتشدون في الميادين، وينتظرون عودتك، وغالبية مستشاري المؤسسة الرئاسية لا نعلم عنهم شيئاً، وكلهم قيد الإقامة الجبرية.
يضيف الابن، بحسب المصادر «الأخبار» المطلعة: «والداتي والأسرة جميعهم بخير، وندعو لك بأن تزول الغمّة وتعود لمنصبك، وتهدأ الجموع البشرية، التي تجتاح ميادين مصر وتهدد بحرق الأخضر واليابس في حال استمرار بقائك في حبسك».
وطلب أسامة من والده المعزول خلال اللقاء ألا يقبل بالخضوع للتحقيقات، قائلاً له: «أرجوك، أرفض المثول أمام قاضي التحقيقات؛ لأنك لا تزال رئيساً للبلاد، ولا تزال رعيتك تنتظر خروجك»، وذلك في محاولة منه لأن يخبر أباه بأن هناك سيلاً من التهم موجهه إليه، وأن هناك أمراً نيابياً بمثوله للتحقيق في الكثير من القضايا.
عبثاً حاول مرسي تغيير مسار الحديث كي لا يفتضح إحساسه بالخوف، وأخذ يشدّ على يد ابنه أسامة ويقول: «أبلغ الجميع بأنني بخير، وأنني أعلم أن جنود الله مسخرين في الأرض للدفاع عن الشريعة والشرعية». وطلب من ابنه أن يدعو أنصاره إلى «مواصلة الحشد في الميادين، لإظهار حقيقة ما يدور على أرض مصر من مكائد على الرئيس المنتخب»، وقال بصوت عال جداً: «أنا بعلي صوتي عشان الكل يعرف وعشان اللي بيسجل ينقل كلامي، أنا ممكن أتغاضى عن كل شيء بس أخرج من هنا».
يعود الرئيس المعزول إلى حالته الهادئة ويسأل أسامة عن المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ونائبه الأول، فيجيب الابن: «الدكتور محمد بديع مع المؤيدين في رابعة، ومعه محمد البلتاجي وصفوت حجازي وعدد من الأخوة، والمهندس خيرت الشاطر في سجن وادي النطرون بعدما ألقي القبض عليه».
يقول الأب المعزول: «وماذا عن الاتصالات الخارجية؟»، يجيب أسامة: «كل الاتصالات بالدول الخارجية قائمة على قدم وساق، والدكتور جهاد الحداد وسندس عاصم، المساعدان لعصام الحداد (مسشار مرسي للشؤون الخارجية) أنهوا اتصالات مع أميركا والاتحاد الأوروبي وألمانيا للحصول على تأييدك ورفض الانقلاب العسكرى القائم». وتابع: «لكن أميركا هي البلد الوحيد الذي وعدنا بأن يقف إلى جوارك بمجرد أن يزداد أعداد المؤيدين لك في الشوارع والميادين، وهو ما نعكف عليه الآن».
ينظر أسامة إلى العناصر المسلحين الموجودين في اللقاء، ويقول: «كان لازم تنتهي من العسكريين القدامى، وكان حتمياً إطاحة السيسي ورجاله». ويستطرد: «أياديهم ملطخة بدماء الإخوان المسلمين في مجزرة الحرس الجمهوري، التي راح ضحيتها العشرات من أعضاء الجماعة».
يربّت الرئيس المعزول كتف ابنه ويقول: «معاملة القيادات الأمنية لي في منتهى الاحترام، وأنال قسطاً من الراحة فقط لأكمل مسيرتي بالخارج مع الصفوف المجاهدة، وقريباً سأعود للحكم، فقط ابقوا في الميادين». وينتهى اللقاء وتعاد عصبة العينين إلى وجه الابن المهزوم بفراق والده المعزول ليعود أدراجه كيفما جاء دون أن يعلم مكان والده.