القاهرة | المصالحة، المصافحة، وغيرها من المصطلحات التي تدعو إلى التصالح مع جماعة «الإخوان المسلمين»، تكررت كثيرا بعد سقوط حكم الجماعة، وظهرت مبادرات عديدة تطالب الجميع بالجلوس إلى طاولة واحدة، لتبادل الآراء والأفكار، وإجراء «مصالحة وطنية». وفي التشكيل الحكومي لحكومة حازم الببلاوي، أصبح للعدالة الانتقالية حقيبة وزارية مستقلة، لأول مرة في التاريخ الحديث المصري، ومعها تجددت الآمال في إحداث مصالحة تنهي الشقاق السياسي. وفي حديث خاص لـ«الأخبار»، أكّد وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في الحكومة الجديدة، المستشار محمد أمين المهدي، أن المصالحة هي «السبيل الأول لاستقرار الشارع المصري ووقف نزف الدماء والعنف تمهيداً لتقدم البلاد»، لافتاً إلى أنه يعمل الآن على إعداد قانون يحدد مفهوم المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، ويوضح مفهوم المصطلح الذي يفهم غالبية الشعب معناه بالخطأ. وأضاف إن «الغالبية رأت معناها بالإفراج عن رموز النظام السابق مقابل دفع مبالغ مالية معينة»، وهذا هو المفهوم «الضيق» للمصالحة، لافتاً إلى أن المصالحة لا تعني ابداً الإفلات من العقاب. وأشار الوزير، الذي شغل منصب رئيس مجلس الدولة السابق، والقاضي السابق في المحكمة الجنائية الدولية والعضو السابق في المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمعني بقضايا حقوق الإنسان محليا ودوليا منذ ما يزيد على 40 عاما، إلى أن المصالحة تقوم على أساس أن يقر المتصالح معه بأن ما فعله جريمة في حق المجتمع. وقال إن البلاد الآن تحتاج إلى تضافر جميع مؤسسات الدولة للتوصل إلى صيغة مناسبة للتصالح «سواء مع رموز نظام مبارك أو مع قادة الإخوان المسلمين»، مضيفاً إن الوزارة ستنظر في المبادرات المطروحة أمامها ومنها مبادرة شيخ الأزهر.
وطرحت رئاسة الجمهورية مبادرة للمصالحة. كذلك فعل حزب «النور» السلفي، وأعلن قادته تبني الأزهر لمبادرته. ويقول الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وحيد عبد المجيد، لـ «الأخبار»، إنه من الضروري أن تكون المصالحة شاملة لكل القوى السياسية المختلفة، مشدداً في الوقت نفسه على أن هذا التصالح «لا يعني أن يوقف أو يلغي الإجراءات القانونية، بل يقوم على أساس تجاوز المشاكل والاستقطابات السياسية».
وفيما طالبت قوى سياسية بالعمل في أسرع وقت لوضع أسس للمصالحة الوطنية الشاملة، ذهب البعض إلى وضع عدد من الخطوات التي يرى أنها من الممكن أن تعيد فصيل الإخوان، وخاصة الشباب منهم، إلى المشهد السياسي من جديد بدلًا من اللجوء إلى العنف، ومن بينها فتح قنوات حوار مباشرة مع شباب تيار الإسلام السياسي، بعيداً عن قادتهم، بينما خرجت دعوات أخرى تطالب النشطاء السياسيين بمختلف انتماءاتهم السياسية بعدم استفزاز شباب التيار الإسلامي والعمل على التقارب.
اصحاب الرؤى المدنية وجدوا في إغلاق الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني، ضالتهم، إذ رأوا أن تلك الأحزاب تدعو إلى العنف والتمييز الديني والجنسي، لذلك يجب الاستمرار في إغلاق القنوات الفضائية والصحف الدينية، بحسب هذه الرؤية.
غير أن إيهاب الخراط، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديموقراطي، وعضو جبهة الإنقاذ، قال لـ «الأخبار» إنه من المستحيل أن تهدأ الأوضاع إلا بسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وتطبيق العدالة الانتقالية.
وأشار إلى أن سيادة القانون لا ينبغي فيها إغلاق قنوات دينية أو أحزاب معينة، إلا في إطار القانون، فالحزب الذي يثبت أنه سعى أو نظم لإنشاء ميليشيات مسلحة، يغلق، وكذلك المذيع الذي يضبط بالتحريض على إحدى القنوات. وقال إن هناك ثلاث خطوات لتنفيذ العدالة الانتقالية، أولاها المصارحة ثم المحاسبة وبعدهما تأتي المصالحة. أحمد بهاء شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، كان له موقف مغاير، وقال إن مصطلح «المصالحة الوطنية» حق يراد به باطل، لافتاً إلى أن الإخوان والجماعات التابعة لهم يمارسون «دوراً في منتهى الانحطاط باستدعاء التدخل الأجنبي في مصر»، وبناءً عليه تصبح المصالحة في غير موضعها.