ناقشت الإذاعة الإسرائيلية، في تقرير نشرته على موقعها على الإنترنت، وضع حركة «حماس» في قطاع غزة، وتوجهاتها وسياساتها المقبلة، في مرحلة ما بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، مقدّرة أن أوضاع الحركة ستكون أكثر تعقيداً عما كانت عليه، وستشهد علاقاتها مع مصر، الراعية السابقة لها، مزيداً من التأزم و«حرباً شبه مفتوحة».
ويشير التقرير إلى أنّ «شهر العسل القصير» بين حماس والقاهرة، تحطّم قبل ثورة 30 حزيران/ يونيو الماضي، خلال حكم الرئيس المصري المخلوع، محمد مرسي. وكانت الشرارة الأولى قد انطلقت في 5 آب من العام الماضي، عندما تعرضت نقطة تفتيش مصرية في رفح لهجوم مسلح، أودى بحياة 16 جندياً وضابطاً مصرياً. السلطات المصرية، حينها، وجهت اتهاماتها لحركة «حماس»، وكانت النتيجة تراجع شعبية الحركة لدى الشارع المصري، وإعادة التنسيق، وبقوة، بين الجيش المصري وإسرائيل في سيناء.
ويرى التقرير أنّ عملية «عمود السحاب» التي أطلقتها إسرائيل ضد حركة «حماس» في غزة في منتصف شهر تشرين الثاني الماضي، أربكت مرسي وقيادة «الإخوان» في مصر، ودفعتهم إلى الاختيار بين التزاماتهم التنظيمية والأيديولوجية مع «حماس» من جهة، وبين استمرار القاهرة ما بعد (حكم الرئيس المصري المخلوع حسني) مبارك، في الاعتماد على نحو كامل على الجيش المصري أمنياً وعلى واشنطن اقتصادياً وعسكرياً. أما القرار الذي اتخذه مرسي، فكان موقفاً معتدلاً نسبياً من إسرائيل ومن الحرب في غزة، وطالب بعودة الاستقرار الأمني إلى منطقة القطاع.
وعلى نحو عام، يضيف التقرير، فإنّ عهد مرسي، و«ربما رغماً عنه»، وخلافاً للتوقعات المتشائمة التي سبقت ثورة 25 كانون الثاني، لم يشهد انهياراً للعلاقات بين مصر وإسرائيل، فنظام مرسي منح نوعاً من الشرعية الإخوانية الضمنية لمعاهدة السلام الإسرائيلية ـــ المصرية. كما شهد عهده توسعاً في عملية تدمير الأنفاق على الحدود المصرية مع قطاع غزة، إضافة إلى تكثيف الحرب ضد «الجهات الإرهابية، في شبه جزيرة سيناء».
ويتوقع التقرير «شبه حرب مفتوحة» بين القاهرة وغزة، في مرحلة ما بعد مرسي، الذي لم يعد موجوداً لوضع العراقيل أمام سعي الجيش المصري لإطلاق حملة عسكرية فعالة في شمال سيناء لمكافحة الإرهاب وتدمير أنفاق تهريب الأسلحة والمسلحين إلى قطاع غزة، في حين أنّ إسرائيل منحت الضوء الأخضر للجيش المصري لإرسال كتيبتين إضافيتين إلى شمال سيناء، وهو خرق متفق عليه بين الجانبين لمعاهدة السلام، بهدف تعزيز القدرات العسكرية المصرية لمكافحة الإرهابيين في شبه الجزيرة.
أما لجهة التداعيات، والخاسر والمستفيد من انهيار العلاقة بين «حماس» والقيادة المصرية، فيثير التقرير بعض التساؤلات:
أولاً ــ هل تكون إسرائيل مستفيدة بالفعل من تدهور هذه العلاقة، وعودة الهدوء إلى حدودها الجنوبية مع مصر، أم أنّ سقوط مرسي والحكم الإخواني في مصر، سيتسبب بعكس ذلك، وبتكثيف الأعمال المسلحة من جانب المتحالفين مع الإخوان في سيناء وفي القطاع، وعلى الحدود مع إسرائيل؟
ثانياً ــ هل سيكون رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، وربما أيضاً حركة فتح، المستفيد الرئيسي فلسطينياً من تدهور العلاقة بين قيادة حماس والقاهرة؟ وكيف سينعكس سقوط الإخوان، الموقت على الأقل، على مكانة تيار الإسلام السياسي برمته في الساحة الفلسطينية؟
ثالثاً ــ هل ستكون مسيرة السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، من ضمن المستفيدين من مرحلة ما بعد مرسي وتدهور العلاقة بين القاهرة وغزة، ولا سيما أنّ حركة حماس، وتحت رعاية سورية وإيرانية، كانت من أبرز المعارضين والمعرقلين للسلام الإسرائيلي الفلسطيني.
رابعاً ــ هل ستستفيد جهات فلسطينية أخرى في القطاع، مثل حركة الجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية، من أزمة حماس، لتعزيز موقعها في غزة؟
خامساً ــ هل ستحاول دول عربية وإقليمية، مثل قطر وتركيا، الاستفادة من الأزمة الراهنة بين القاهرة وحركة حماس، في محاولة لتعزيز دورها بشكل أو بآخر، على الساحة الفلسطينية، وربما في محاولة لمنح حماس الرعاية الإقليمية والعربية التي فقدتها على خلفية الأزمة في سوريا، وثورة 30 حزيران/ يونيو، في مصر؟
ويختم التقرير تساؤلاته، بالتشديد على هشاشة الأوضاع في مصر ما بعد مرسي، وتداعياتها في مرحلة ما بعد ثورة 30 حزيران/ يونيو، إذ إن جماعة الإخوان المسلمين ليست بصدد التنازل طوعاً عن السلطة التي حصلت عليها في أول انتخابات ديموقراطية في تاريخ مصر. والأوضاع في شبه جزيرة سيناء وعلى الحدود المصرية مع حماس، والمصرية مع إسرائيل مرشحة للتصعيد في الفترة المقبلة، والتطورات قد تنعكس على العلاقة بين القاهرة وحركة حماس، بشكل أو بآخر.