في ظل تقديرات اسرائيلية تستبعد التوصل الى اتفاق سلام دائم مع الفلسطينيين، صدرت دعوات الى توجيه الاتصالات نحو تسوية انتقالية أخرى، أي بتعبير آخر، الضغط على الفلسطينيين لتقديم المزيد من التنازلات للجانب الاسرائيلي.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة «معاريف» أن المسؤولين في وزارة الخارجية يعتقدرون بضرورة البحث عن بدائل تسمح ببلورة صيغة تُمكِّن الرئيس الفلسطيني محمود عباس من التعايش معها، رغم أنه حتى الآن يعارض بنحو حاسم أي اقتراح عن تسوية انتقالية، مع الاشارة الى أن اتفاق أوسلو عام 1993، كان اتفاقاً مرحلياً لخمس سنوات فقط.
وبحسب «معاريف»، ينبع اعتراض أبو مازن على مفهوم التسوية الانتقالية، انطلاقاً من خوفه، من تكريس الوضع الانتقالي وعدم توقيع أي اتفاق آخر بين الطرفين. ومن أجل محاولة تبديد هذه المخاوف، يعتزم مسؤولو وزارة الخارجية صياغة اقتراح يقدم للفلسطينيين معظم أراضي الضفة الغربية في غضون فترة زمنية معقولة ابتداءً من لحظة توقيع التسوية الانتقالية، مع العلم أن رئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو يعتزم طرح أي تسوية مع السلطة على الاستفتاء الشعبي.
وفي محاولة لتجنب فشل محاولة استئناف المفاوضات مبكراً، لفتت «معاريف» الى أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري، يضغط على نتنياهو من أجل تفصيل رؤيته لحدود الدولة الفلسطينية المخطط لها، منذ المرحلة الأولية للمحادثات. وينبع هذا الموقف الأميركي من الخشية من أن عدم إجراء نقاش جدي بشأن حدود الدولة الفلسطينية، سيضع المفاوضات في طريق مسدود خلال وقت قصير.
وأضافت «معاريف» أن صيغة استئناف المفاوضات كانت غامضة عن قصد، كي يتمكن الطرفان من التعايش معها؛ فمن جهة يدعي الفلسطينيون أنه اتُّفق على توجيه الإدارة الأميركية «كتابين جانبيين»، تضمن فيها استئناف المفاوضات على أساس المسألتين الأساسيتين: حدود عام 67، والاعتراف بإسرائيل دولة يهودية. ولكن بحسب «معاريف»، ليس واضحاً ما إن تم تسليم الكتابين للطرفين، المستعدين للتوافق على الصيغة العامة.
أمام هذه العقبة التي منعت من إعلان صيغة محددة وصريحة لاستئناف المفاوضات، رأت الصحيفة أنه من هنا نبعت الحاجة الى مبادرات حسن نية من الطرفين. من ناحية اسرائيل، يدور الحديث حول تحرير أسرى وتجميد هادئ للبناء في المستوطنات، فيما يجمد الفلسطينيون الخطوات الأُحادية الجانب، في الامم المتحدة.
وبالرغم من اهتمام الاميركيين بالانتقال السريع للبحث في القضايا الجوهرية، فإن جولة المحادثات الأولى التي ستعقد في الأيام المقبلة، ستُعنى أساساً بتفاصيل فنية تتعلق بشكل ادارة المحادثات، مكانها ووتيرتها.
في موازاة ذلك، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني اتفقا على عدم تسريب اي معلومات تتصل بالمفاوضات، التي ستبدأ في واشنطن بداية الأسبوع المقبل، قبل الرابع من آب. واتفقا على أن يكون كيري هو الشخص الوحيد المخول إعلان أي تفاصيل تتعلق بسير المفاوضات. وأكدت أن الخطة الأميركية تقضي بإجراء نقاشات بشأن الحدود الدائمة للدولة الفلسطينية، التي في الاتفاق عليها، ستُحل مسألة البناء في المستوطنات الاسرائيلية. وبحسب الصحيفة نفسها، سيقوم كيري في مستهل المفاوضات بعرض هذه الخطة على الجانبين، ويؤكد أن الحل الدائم سيكون على اساس حدود عام 67، مع تبادل أراضٍ متفق عليها، على أن تتناول جولة المفاوضات مواضيع عالقة أخرى مثل الترتيبات الأمنية التي تتناول معنى تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح. وبحسب الخطة الاميركية، يتوقع أن تنتقل المفاوضات في وقت لاحق من واشنطن الى الشرق الأوسط، على أن تعقد جولات منها في اسرائيل وأخرى في مناطق السلطة الفلسطينية. ونقلت الصحيفة أن كيري سيضع جدولاً زمنياً للمفاوضات يقضي بوجوب توقيع اتفاق حتى الربيع المقبل.
في هذه الأثناء، أدى إعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي بشأن عرض أي اتفاق يجري التوصل اليه مع الفلسطينيين على الاستفتاء الشعبي، الى نشوب أزمة بين الاحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي؛ اذ من المتوقع أن يبادر نتنياهو لسنّ قانون جديد ينص على طرح أي اتفاق سلام يجري التوصل اليه على الاستفتاء الشعبي، بغض النظر عن مضمونه، في حين أن القانون المعمول به حالياً ينص على طرح اتفاق كهذا على الاستفتاء إن كان يتضمن بنداً يقضي بالانسحاب من «أراضٍ اسرائيلية»، في اشارة الى الأراضي التي احتلتها اسرائيل بموجب قوانين خاصة مثل الجولان والقدس الشرقية. في مقابل توجه نتنياهو، المدعوم من اليمين المتطرف، أعربت رئيسة حزب الحركة، ووزيرة القضاء تسيبي ليفني، عن معارضتها لقرار كهذا، وشددت على أن «أي قرار مهما كان هاماً ودراماتيكياً، يكفي أن يتخذ في الحكومة وفي الكنيست. هذا ما اختارنا الشعب لنقوم به: أن نتخذ القرارات الشجاعة»، مضيفة أن «الانتخابات العامة هي الاستفتاء الشعبي الوحيد والحقيقي. حين نخرج الى الحرب لا نسأل الشعب وهكذا أيضاً يجب أن يكون بالنسبة إلى التسوية السياسية».
بدوره، أعرب رئيس حزب «اسرائيل بيتنا» ورئيس لجنة الخارجية والأمن، أفيغدور ليبرمان، عن معارضته لقرار الاستفتاء الشعبي، بالقول إنه يمثل «تهرباً من قبل أصحاب القرار من المسؤولية، ومحاولة للإمساك بالعصا من طرفيها».
أما رئيس حزب «يوجد مستقبل» الشريك الأكبر في الحكومة، يائير لابيد، الذي سبق أن أبدى معارضة لخيار الاستفتاء الشعبي، فقد امتنع عن إعلان موقفه، مشيراً الى أنه سيتخذ قراره عندما يطرح الموضوع على البحث. في المقابل، رأى رئيس حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، أن الاستفتاء الشعبي هو الطريق الوحيد لمنع حصول شرخ في صفوف الشعب، مؤكداً أن كتلته ستصرّ على اجرائه بشكل قاطع.
وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض: «نعمل على تحديد موعد في الاسابيع القادمة لعقد اجتماع فلسطيني اسرائيلي في واشنطن»، مضيفاً ان «تحدياً هائلاً يواجه اسرائيل والفلسطينيين في محاولة إبرام اتفاق سلام».