بعد جملة لقاءات في نيويورك، انخفض سقف «الائتلاف» المعارض. ظلّ يحثّ على التسليح لكنّه، وبلسان رئيسه، قبل بمؤتمر «جنيف 2». لم يستطع أحمد الجربا أن يتجاوز حدود خطاب وزير الخارجية الأميركي «المتفائل» بأنّ مؤتمر جنيف مهم. أوضح، في مؤتمر صحافي عقب اللقاء غير الرسمي مع أعضاء مجلس الأمن، أنّ «الائتلاف قبل المبادرات المطروحة لحل الأزمة السورية، بما فيها مؤتمر «جنيف 2»، وعبرّ عن قبوله التفاوض مع أطراف داخل النظام السوري، مشترطاً عدم انخراطها في جرائم ضد الإنسانية تجاه الشعب السوري خلال الأعوام الماضية». أشار إلى أنّه طالب الولايات المتحدة بالضغط على مؤيدي الرئيس السوري بشار الأسد لوقف استعمال الأسلحة الثقيلة. كذلك وعد بتغيّر الأوضاع الميدانية على الأراضي السورية لصالح قوات المعارضة خلال الشهر المقبل، لافتاً إلى أن الائتلاف عقد اجتماعات مكثفة خلال الأسابيع الأخيرة مع قادة الإمارات والسعودية وتركيا وفرنسا لطلب الدعم العسكري، وكاشفاً أن الولايات المتحدة ستدعم بأسلحة غير فتاكة.
ورداً على سؤال عن التقدم العسكري للجيش السوري، أشار الجربا إلى أنّه أحرز تقدماً «بعد تدخل قوات من الحرس الجمهوري الإيراني ومقاتلين من حزب الله اللبناني وميليشيات شيعية مناصرة للأسد»، مما غيّر الوضع على الأرض.
وأكد ضرورة تأليف حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة بما في ذلك عسكرياً وأمنياً.
في السياق، أعلن مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، عقب لقاء أعضاء المجلس وفد الائتلاف، أنّ الأخير أعرب «من حيث المبدأ عن نيتهم في المشاركة في مؤتمر (جنيف 2)، لكنهم طرحوا شروطاً للموافقة على عقده». ونوّه بأنّ الجانب الروسي طلب مساعدة «الائتلاف» على تحرير المطرانين المختطفين منذ 3 أشهر، بولس يازجي ويوحنا ابراهيم، موضحاً أن أحمد الجربا وعد بالمساعدة رغم تأكيده أن المطرانين اختطفا من قبل «أجانب»، لا يخضعون للجيش السوري الحر.
وكان الجربا قد طالب خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالوفاء بوعد تسليم المعارضة «سريعاً» أسلحة تمكنها من مواجهة الجيش السوري، بما يتيح لها الدفاع عن نفسها وحماية السكان المدنيين. وأضاف، في بيان له عقب لقائه كيري، أنّ «الوضع في سوريا يبعث على اليأس، ونحن نحتاج بشدة الى إجراءات أميركية لدفع المجتمع الدولي إلى المطالبة بانتقال سياسي. والقيادة الأميركية ضرورية لإنهاء هذه الحرب وجلب الديمقراطية التي يتوق إليها أغلبية الشعب السوري». وأكد أنّ الائتلاف «يعي تماماً المخاوف الأميركية بما خص التطرف وامكانية الاستيلاء على المساعدة العسكرية»، مشدداً على أن المعارضة السورية «مصممة 100% على ارساء نظام ديموقراطي منفتح».
ولفت إلى أن الأسد يسعى إلى الانتصار عسكرياً. وأضاف «طالما أن النظام لم يوافق على حل سياسي، فنحن بحاجة إلى أن ندافع عن أنفسنا».
من جهته، لم يتطرق كيري إلى موضوع تسليح المعارضة، مكتفياً بوصف اللقاء بـ«الإيجابي». وأشار إلى أنّ «المعارضة السورية أكدت أن مؤتمر (جنيف2) مهم جداً، وقد وافقت على أن تعمل خلال الأسابيع المقبلة للتوصل إلى توافق في ما بينها على الشروط والبنود التي تعدها كفيلة بإنجاح المؤتمر».
وأعرب كيري عن تفاؤله بامكان انعقاد مؤتمر «جنيف 2»، قائلاً «أنا متفائل جداً، هناك هذا الشعور القوي بأن مؤتمر جنيف مهم وسوف نسعى إلى انجاحه».
في المقابل، رأى عضو الهيئة السياسية في «الائتلاف» كمال اللبواني، أن «موافقة الائتلاف على الذهاب إلى مؤتمر (جنيف 2) دون شروط، بمثابة حرب أهلية وطويلة في سوريا، باسم الحل السياسي»، مشيراً إلى «أننا لا نقبل جنيف إلا بتحقيق توازن عسكري مسبق بما يعنيه ذلك من تقديم سلاح كاف كماً ونوعاً».
من جهة ثانية، أعلن وزير الاستخبارات والشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، يوفال شتاينتز، أن «سياسة بلاده تقوم على عدم التدخل في سوريا، لكنها ليست ضد تسليح معارضتها». ولفت، في حديث لصحيفة «ذي ديلي تليغراف» البريطانية، إلى أنّه «يريد ترك موضوع تسليح المعارضة للدول الغربية لاتخاذ قرار بشأنه». وحول فرص الأسد للخروج من الأزمة، أشار إلى أن «هناك احتمالاً واقعياً بأن يستمر الأسد في منصبه».
في سياق آخر، كشفت صحيفة «وورلد تريبيون» الأميركية، في تقرير أوردته نقلاً عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أنّ «إدارة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما وافقت على دفع 10 ملايين دولار كرواتب لضباط الشرطة الذين انضموا الى المعارضة السورية». ولفتت الصحيفة إلى أن «أغلب الضباط المتمردين يعملون في الأراضي الواقعة تحت سيطرة المعارضة، التي يقع معظمها في شمال سوريا».
إلى ذلك، أعلن وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أن أجهزة الأمن التونسية منعت منذ آذار الماضي وحتى اليوم 4500 تونسي من السفر إلى تركيا لقتال الجيش السوري تحت مسمى «الجهاد».
الجيش يتقدّم في حيّ الخالدية
ميدانياً، حقّق الجيش السوري تقدماً جديداً في حيّي الخالدية وجورة الشياح بمدينة حمص، ملحقاً خسائر كبيرة في صفوف المسلحين.
وتقدّم الجيش في حيّ الخالدية، حيث بات قريباً من جامع خالد بن الوليد، الذي يتمركز فيه المعارضون.
كذلك، أحبط محاولة تسلل من بلدات سكرة والرستن إلى حيّ عشيرة، مسقطاً خلالها عشرات المسلحين. وكالة «سانا» أكّدت أنّ وحدة من الجيش وصلت في ملاحقتها للمسلحين إلى حديقة بيت العلو في الطرف الشرقي لحيّ الخالدية، فيما «وصلت وحدات أخرى إلى الجهتين الشمالية الشرقية والشمالية من جامع خالد بن الوليد في الحي المذكور بعدما أحكمت سيطرتها على القسم الأكبر من المنطقة المحيطة».
وأضافت الوكالة أنّ وحدات أخرى حققت تقدماً جديداً في جورة الشياح».
في سياق آخر، أفادت «سانا» أنّ «ميليشيا مسلحة ارتكبت مجزرة في قرية المقبرة غرب مدينة الحسكة، راح ضحيتها سبعة مواطنين من أبناء القرية».
ونقلت عن عدد من الأهالي أنّ «إرهابيين أعدموا المواطنين السبعة ميدانياً انتقاماً من أهالي القرية نتيجة رفضهم اعمال المسلحين».
في موازاة ذلك، نقلت تنسيقيات المعارضة ومواقعها أخباراً عن مقتل عشرات الجنود من الجيش السوري خلال معركة بلدة خان العسل في ريف حلب. وأشارت إلى أنّ من بينهم «51 عنصراً اعدمواً ميدانياً، بينهم نحو 30 ضابطاً».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)