القاهرة | دعت وزارة الداخلية المصرية، أمس، معتصمي رابعة العدوية والنهضة الى فض اعتصامهم والرجوع الى منازلهم، وذلك بعد التفويض الذي حصلت عليه من الحكومة للتعامل مع اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي. غير أن الداخلية لم تحدد الساعة صفر لفض الاعتصامات بالقوة إذا لم يستجب المعتصمون، فيما توقعت مصادر «الأخبار» أن تبدأ يوم السبت، وخصوصاً مع الوفود الدولية التي تتسابق على زيارة المحروسة، وسوف تتوج بزيارة لافتة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء المقبل، وهذا يعني أن الزعيم الروسي المشاكس سوف يقضي عيد الفطر في عاصمة المعز. وبحسب مصادر عسكرية، فإن خطة فض الاعتصام ستكون أشبه بما حصل بفض اعتصامات «وول ستريت» في الولايات المتحدة، حيث سيعتمد نظام الدوائر المغلقة، ويجري تضييق الخناق على المعتصمين، على أن يترك منفذ واحد للهرب، وأن لا تتم الملاحقة نهائياً للهاربين. غير أن المصادر تقول إنه في حال تحول المشهد نحو استخدام السلاح، فإن الجيش سيتدخل بقوة.
وتوضح المصادر نفسها أن «فض الاعتصام سيكون على مراحل لتأمين خروج النساء والأطفال»، وسوف يجري على مرأى العالم، حيث سيسمح بحضور مراسلي صحف وقنوات أجنبية ومراقبين حقوقيين. وتضيف إن «قوات الأمن من عناصر الداخلية سوف تبدأ بعد ذلك بفض الاعتصام بالتدرج في استخدام القوة بحسب لجوء الطرف الآخر للعنف، حيث يتم بداية استخدام المياه، ثم الغاز، فالخرطوش والرصاص المطاطي». وفي حال استخدام الطرف الآخر لأسلحة قتالية ثقيلة، تتدخل حينها قوات الجيش بالقوة اللازمة، بحسب المصادر، التي تؤكد أن قوات الجيش عندها سوف «تستخدم الحق القانوني في قتل أي عنصر يحمل السلاح».
وكان المتحدث باسم الداخلية، اللواء هاني عبد اللطيف، قد تلا بياناً قال فيه إنه: «بناءً على قرار مجلس الوزراء، البَدء في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة تجاه اعتصام ميداني رابعة العدوية والنهضة، نظراً إلى ما تمثله تلك الأوضاع من تهديدٍ للأمن القومي المصري وترويعٍ غير مقبول للمواطنين وتكليف وزير الداخلية باتخاذِ كل ما يلزم فى إطارِ أحكامِ الدستور والقانون، بما يحفظ للأمن القومي سلامته وللمواطنين أمنهم واستقرارهم.
وأكد أن «وزارة الداخلية في إطار التزامها بتنفيذ كامل واجباتها، وحرصاً على المصلحة الوطنية العليا للبلاد، تدعو الموجودين بميداني رابعة العدوية والنهضة للاحتكام إلى العقل وتغليب مصلحة الوطن والانصياع للصالح العام وسرعة الانصراف منهما وإخلائهما، حرصاً على سلامة الكافة، مع التعهد الكامل بخروجٍ آمن وحماية كاملة لكل من يستجيب لهذه الدعوة انحيازاً إلى استقرار الوطن وسلامته».
وعقب بيان الداخلية، حلقت مروحيات للجيش فوق ميادين رابعة والنهضة، فيما بدأ أنصار الرئيس المعزول بوضع سواتر ترابية حول مقارّ الاعتصام استعداداً للمعركة، بحسب ما أكد شهود عيان لـ«الأخبار»، وخصوصاً بعدما أعلن ائتلاف الجماعات الإسلامية دعوة وزارة الداخلية الى اخلاء مواقع اعتصامهم في القاهرة. وأكدت المتحدثة آلاء مصطفى «سنواصل اعتصاماتنا واحتجاجاتنا السلمية». كما واصل مناصرو الرئيس المعزول تسيير تظاهراتهم ورص الصفوف وزيادة الحشد، حيث انطلقت مسيرة من أمام مسجد مصطفى محمود، مروراً بشارع البطل أحمد عبد العزيز، واتجهت إلى ميدان النهضة للانضمام إلى معتصمي الميدان.
خطط فض الاعتصامات وانتظار الساعة صفر للاشتباكات المتوقعة، تأتي رغم توافد المبعوثين الدوليين الى مصر للقاء المسؤولين في السلطة الانتقالية وقيادة الجيش، وقادة المعارضة السابقة وجماعة «الإخوان»، من أجل دفع الأفرقاء المتخاصمين الى الحوار والمصالحة. وسوف تتوج الزيارات بزيارة الرئيس الروسي، حيث قالت مصادر إن إجراءات دبلوماسية تجرى على قدم وساق لترتيب زيارة تاريخية للزعيم الروسي.
وأضافت إن «زيارة بوتين للقاهرة تأتي في ظل ظروف بالغة الأهمية تمر بها الثورة المصرية، وخاصة أن الموقف الأميركي من ثورة الشعب المصري لم يكن على مستوى الحدث وأنه قد شابه غموض دفع الأوساط الشعبية إلى المطالبة بإعادة تقويم العلاقات المصرية الأميركية». وخلال زيارته للقاهرة، دعا وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله السلطة الانتقالية الى تفادي العدالة الانتقائية، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري نبيل فهمي. «يمكننا فقط أن نسدي النصيحة، لكن قرار مستقبل مصر لن تحدده سوى مصر». وأضاف «من وجهة نظرنا، من المهم الوصول إلى حلول سلمية والإحجام عن العنف حتى تكون هناك بداية جديدة ديموقراطية في مصر مع إجراء انتخابات يمكن أن تشارك فيها كل القوى السياسية». ورد فهمي بالقول إن «مصر لا تتبع سياسة انتقامية وليست فيها عدالة انتقائية وفيها قوانين تطبق على الجميع».
وبعد لقائه الضيف الألماني، قال نائب الرئيس محمد البرادعي إن «ما حدث في مصر كان ثورة شعبية، مؤكداً: «تخطينا مرحلة النقاش في هذا الموضوع». وأكد «من المهم أن نبذل الجهود لحل الأزمة الحالية بعيداً عن إراقة الدماء، وحفاظاً على أرواح وأمن المواطنين بمُختلف انتماءاتهم»، مُشيراً في الوقت نفسه إلى أن من حق الدولة الدفاع عن المواطنين إزاء أي ترويع أو تهديد يتعرض له أمنهم.
كما واصل وفد لجنة الحكماء الأفريقي، برئاسة ألفا عمر كوناري، لقاءاته مع المسؤولين المصريين، حيث التقى رئيس الحكومة حازم الببلاوي، الذي أكد لهم أن ما حدث في مصر ثورة شعبية. فيما يرتقب أن يكون الوفد الأميركي قد بدأ لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين مساء أمس.
من جهة ثانية، طالب عضو الدعوة السلفية، الشيخ أحمد الشحات، جماعة الإخوان المسلمين بالتوقف عن الهجوم على قادة الجيش المصري. وقال «إننا نناشد إخواننا من جماعة الإخوان أن يعودوا إلى رشدهم، فما يفعلونه الآن ما هو إلا انتحار جماعي لجماعتهم وقضاء تام على تاريخهم ومسيرتهم؛ لأنهم الآن يواجهون دولة وشعباً وليس معهم من أدوات لهذه المقاومة». وأكد أن الجيش سيظل هو المحدد الحاسم فى أي صراع سياسي أو غيره.
وأكد «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» أن هناك مخططات مخابراتية وأمنية تواترت شواهد بشأنها، مثل إخلاء بعض الأماكن من قوات الحراسة في القاهرة وبعض المحافظات وغيرها لإشاعة الفوضى وافتعال أعمال عنف لتكون ذريعة لارتكاب مذابح جديدة وفض الاعتصامات السلمية بالقوة.
وشدد على أن «سلميتنا أقوى من رصاصهم، ويحمّل التحالف الانقلابيين المسؤولية الكاملة عن أي أعمال عنف أو قتل». ودعا «شرفاء قوات الجيش والشرطة إلى عدم توجيه رصاصهم إلى صدور إخوانهم من أبناء الشعب المصري، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق».
كما دعا «جماهير شعبنا العظيم إلى الاحتشاد في جميع ميادين مصر في مليونية: مصر ضد الانقلاب» اليوم.