تونس | في ما يُطلق عليه في الأوساط السياسية التونسية لقاء الفرصة الأخيرة، يجتمع اليوم الإثنين رئيس المجلس الوطني التأسيسي في تونس مصطفى بن جعفر، مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي، ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، قبل انتهاء المهلة التي حددها الاتحاد للحكومة، التي تقودها حركة النهضة، من أجل الاستقالة، وتأليف حكومة إنقاذ وطني، وهو المقترح الذي تسانده معظم الأحزاب الفاعلة في الحياة السياسية، وكذلك منظمة رجال المال والأعمال التي ساندت الاتحاد في مطلبه. لقاء اليوم تُعلّق عليه كل القوى السياسية والاجتماعية آمالاً عريضة للخروج من النفق الذي وصلت اليه البلاد بعد اغتيال الزعيم الناصري محمد البراهمي، الذي عدّته المعارضة آخر جريمة يمكن ان تقبلها في حق تونس بعد الانهيار الاقتصادي والأمني وانتشار العنف والسلاح الذي لم تعرفه تونس طيلة تاريخها. هذا اللقاء يأتي بعد سلسلة من اللقاءات التي عقدها بن جعفر، بعدما علّق أعمال المجلس التأسيسي، فيما التقى كافة الأطراف السياسية من «النهضة» إلى معارضيها، كما التقى عدداً من وزراء الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، الذين يمثلون «كاريزما» دولة الاستقلال، الدولة التي تتهم المعارضة «النهضة» بمسؤوليتها عن استهدافها وإضعاف مؤسساتها.
ويحاول بن جعفر باعتباره رئيساً للمجلس كسلطة عليا في البلاد، إيجاد مخرج من النفق بضمان الحد الأدنى من الوفاق، حتى لا تنحدر البلاد إلى مربع العنف أو الحرب الأهلية، وخصوصاً مع انتشار السلاح وظهور الخلايا النائمة للإرهابيين، وتواصل المواجهات في جبال الشعانبي من ضاحية القصرين (وسط غرب) وتداعيات ذلك على الاقتصاد والسياحة، إذ حذّرت «جمعية الاقتصاديين التونسيين» من كارثة محدقة بالبلاد بعد انهيار الموسم السياسي، وهروب المستثمرين وتراجع الأمن، وهي الشروط الأساسية للتنمية الاقتصادية.
ويبدو الوفاق مستحيلاً رغم رغبة بن جعفر في الوصول إلى وفاق باستعمال سلطته الأدبية ونفوذه في الترويكا الحاكمة وتهديده بسحب وزراء حزبه التكتل من اجل العمل والحريات، ذلك لأن حركة النهضة وضعت «خطوطاً حمراء»، كما سماها الغنوشي؛ وهي رئيس الحكومة علي العريض، والمجلس التأسيسي، في الوقت الذي تطرح فيه جبهة الإنقاذ الوطني، حل الحكومة شرطاً اول للتفاوض.
ويأتي موقف «النهضة» خلافاً لكل القوى السياسية والنقابية في البلاد.
فهؤلاء الذين يقرون بفشل الحكومة، وفشل «النهضة» في الحكم، ترى الحركة المهيمنة على الترويكا أنهم «انقلابيون» ومن «الأزلام.. والثورة المضادة».
وبينما كان الشارع ينتظر من «النهضة» البحث عن حلول، اتجهت الحركة الاسلامية إلى التصعيد، إذ اعلن «ائتلاف الدفاع عن الشرعية وتحقيق أهداف الثورة» القريب منها عن الاعتصام من جديد أمام المجلس التأسيسي في ضاحية باردو (قرب وسط العاصمة)، بعدما علق الاعتصام قبل يوم من العيد. وذلك في مواجهة اعتصام المعارضة تحت عنوان «الرحيل» الذي يطالب بحل الحكومة والمجلس، حيث يفصل بينهما رجال الأمن والأسلاك الشائكة.
محاولات النهضة لارباك خصومها لم تُجد نفعاً، إذ فشلت في إقناع اتحاد الأعراف بالانضمام الى مبادرتها في تنظيم استفتاء، كما فشلت في تكوين رأي عام للدفاع عمّا تسميه شرعية.