القاهرة | فرض عيد الفطر هدنة إلزامية في مصر، قبل أن تعود الأزمة لتعصف من جديد، بعدما لاحت بوادر فض اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، في ميداني «النهضة» و«رابعة العدوية» الذي قُطعت عنه الكهرباء لفترة محدودة. وكشفت مصادر «الأخبار» أن خطة اقتحام الاعتصامات ستكون تدريجية، وسط توقعات بأن تبدأ اليوم الاثنين، في وقت تراجعت فيه أيضاً مبادرات الوساطة بعد رفض جماعة «الإخوان» دعوة الأزهر إلى الحوار. وذكرت مصادر عسكرية مطّلعة لـ«الأخبار» أن المراكز الأمنية التابعة لوزارة الداخلية وضعت خطة أمنية تحت عنوان «سياسة إنهاك القوى» تهدف الى التقليل من حجم الخسائر البشرية. وتعتمد الخطة على الدوائر المغلقة من أجل إحكام السيطرة على مداخل المنطقة ومخارجها، وخصوصاً بعدما وردت أنباء رصدها جهاز الأمن الوطني تكشف وجود تنسيق يجري حالياً من قبل قيادات جماعة «الإخوان» وبين سفارتي قطر وتركيا ليتم منح اللجوء السياسي للشخصيات الإخوانية البارزة الموجودة في إشارة اعتصام «رابعة»، وفي مقدّمهم المرشد العام محمد بديع، والقيادي محمد البلتاجي.
وقالت المصادر إن «جهاز الأمن الوطني والأجهزة السيادية رصدت من خلال عناصرها المنتشرة باعتصام إشارة «رابعة» أن خطة اللجوء للسفارات الأجنبية ستكون البديل الوحيد أمام قيادات الجماعة في حال فشل تهريبهم من الميدان خلال الساعات المقبلة، لأن الاقتراح المبدئي هو تهريبهم في ملابس سيدات بواسطة سيارات الإسعاف أو الأكفان». وشددت على أن القيادي الإخواني محمود عزت، الهارب الى مدينة رفح الفلسطيينة، أمن طريق هروب القيادات عبر الاسماعيلية كخطوة أولى، قبل أن يتم تهريبهم عبر أحد الأنفاق الى قطاع غزة».
وقالت المصادر نفسها إن «الأجهزة الأمنية وضعت خطة محكمة للتصدي لعملية تهريب القيادات الإخوانية ونشرت عناصر عند مداخل الطرق المؤدية إلى الاعتصام ومخارجها، بالتزامن مع خطة التضييق على المعتصمين لإجلاء الميدان منهم من دون خسائر في الأرواح».
في المقابل، عمد عناصر «الأجهزة السيادية» الى قطع المياه والكهرباء عن ميدان «رابعة» مدة نصف ساعة فقط، من أجل استبيان قدرة الإخوان على حماية اعتصامهم والتصدي للقوات الأمنية، حيث أوضحت مصادر «الأخبار» أن «قيادات أجهزة المخابرات رفعت تقارير تفيد بوجود مولدات كهربائية داخل الاعتصام، ما يعني التحفظ على كل السيارات التي تحمل السولار والبنزين داخل الاعتصام».
وقد أعلن المستشار الإعلامي لمجلس الوزراء، شريف شوقي، أن قطع المياه والكهرباء عن اعتصامي رابعة والنهضة هو إحدى آليات الحكومة لفض الاعتصامات. غير أن مصدراً مطلعاً قال لـ«الأخبار» إن أسباب انقطاع التيار الكهربائي لمدة 50 دقيقة عن منطقة رابعة العدوية كان نتيجة حدوث عطل مفاجئ في كابل الكهرباء. وأكد أن العاملين في شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء نجحوا فى عزل الكابل وإجراء مناورات سريعة لإعادة التيار إلى المنطقة في أسرع وقت.
بدوره، أعلن المتحدث باسم وزارة الكهرباء والطاقة أكثم أبو العلا أعلن أنه في حالة إصدار تعليمات من رئاسة مجلس الوزراء بفصل التيار عن معتصمي رابعة، فإنه لن يتم الاستجابة لها. وقال إن وزير الكهرباء أحمد إمام لن يقبل أن تستخدم الوزارة في صراعات سياسية.
من جهة ثانية، قالت مصادر «الأخبار» إن الأجهزة الأمنية استطاعت أن ترصد أماكن البث المباشر للقنوات الفضائية في «رابعة»، حيث توجد سيارات البث المباشر المسروقة من ماسبيرو، وستعمل على إنزال قوات خاصة لإخراج هذه السيارات من دون تعرضها للأذى أو الإتلاف. كما تمكنت من رصد العدد الحقيقي للأطفال والسيدات الذين يبيتون في الميدان، وحصر جميع الموجودين في الاعتصام، ليتم توفير قوات تضاهي هذه الأعداد.
وبحسب المصادر نفسها، فإن الأجهزة الأمنية رصدت أيضاً استعدادات الإخوان المسلمين عند مداخل الميدان ومخارجه، وخصوصاً أن بحوزتهم قنابل «مولوتوف»، عمدت مجموعات من شباب المعتصمين الى وضعها أمام الطريق الرئيسي المؤدي إلى الاعتصام.
وأكّد عناصر من المخابرات العامة لـ«الأخبار» أنّ هناك قوة تابعة للأمن الوطني جالت على منطقة الاعتصام للتأكيد على مجموعة من الإرشادات الخاصة بالأهالي عند فض الاعتصام، وتبدأ بمجرد سماع دوي الرصاص المتوقع، بحيث يلجأ أهالي الوحدات السكنية الى الانزواء بعيداً عن الشرفات والأبواب، مع استخدام قطع من القماش المبللة بالماء والخل ووضعها على الوجوه وتغليف الزجاج والأبواب بها وإطفاء الأنوار.
واستعدت وزارة الداخلية بعدد 120 تشكيلاً من قوات الأمن المركزي وقوات من فرق مكافحة الإرهاب واعتلت أسطح العمارات المطلة على ميدان الاعتصام. وبحسب المصادر، ستبدأ خطة الاقتحام بالتعامل النفسي مع المتظاهرين، ثم مكبرات الصوت، فخراطيم المياه الملونة والقنابل المسيلة للدموع وقنابل الغاز، على أن تتجنب اللجوء الى الخطة «ب» إلا في حال الضرورة لذلك.
على الضفة الإخوانية، قال عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة»، سعد عمارة، إن أي إجراءات لفض اعتصامي رابعة والنهضة لن تخيفهم، ولديهم البدائل، موضحاً أنه «حال قطع التيار الكهربائي سنلجأ إلى المولدات ولن يخيفنا الظلام ولن يجعل المعتصمين يفضون اعتصامهم، مهما كانت محاولات الحصار لفضه».
كما نفت جماعة الإخوان الأنباء التي تداولتها بعض وسائل الإعلام، بشأن صفقة بين الجماعة والجيش، تقضي بفض اعتصامي رابعة والنهضة، مقابل إطلاق سراح قيادات الجماعة المحبوسين على ذمة قضايا وعدم حل حزب «الحرية والعدالة». وقال المتحدث ياسر محرز، إن الأنباء المتداولة عن هذه الصفقة «ليست صحيحة على الإطلاق».
إجراءات فض الاعتصامات تأتي في موازاة تسجيل انتكاسة لجهود المصالحة، حيث رفض «الإخوان» الاستجابة لدعوة الأزهر للحوار بُعَيد العيد وهاجموه. وردّ الأمين العام لهيئة كبار علماء الأزهر، عباس شومان، على ذلك بالقول «إننا نسير إلى الهاوية بسرعة كبيرة، وليتحمل من يرفض التصالح الدماء التي سالت والتي ستسيل. الأزهر الشريف وشيخه أكبر من أن ينال منهما بكلمات من هنا وأخرى من هناك، وإذا كان الأزهر كما يزعمون فقد دوره، فليقبلوا دعوات التصالح الصادرة من أي جهة أو حتى من الخارج». وكان القيادي الإخواني جمال حشمت قد أعلن أن «أي حوار تحت رعاية شيخ الأزهر محكوم عليه بالفشل، لموقفه المؤيد لـ 30 يونيو.
غير أن الأزهر أصر على مواصلة جهوده، وقال مستشار شيخ الأزهر، محمد مهنا، إنهم سيدعون جماعة الإخوان الى اجتماع تناقش فيه مبادرات المصالحة الصادرة عن القوى السياسية، قائلاً: «فعلنا الكثير لعدم الوصول إلى 30 يونيو وسنكشف ذلك».
بدوره، قال نائب رئيس حزب «النور» السلفي، بسام الزرقا، إن الحزب يجري اتصالات مفتوحة مع كل الجهات والقوى السياسية لتفعيل المصالحة الوطنية. غير أنه تحفّظ عن الكشف عن الخطوات الأولية لجهود المصالحة رغبة فى الوصول إلى نتائج إيجابية.