لم يزد تردّد وزارة الداخلية في فض اعتصامات «رابعة العدوية» و«النهضة» جماعة «الإخوان المسلمين» الا إصراراً على تصعيد مسيراتهم وحشد مخيماتهم، في ظل معلومات عن إعدادهم مخططات للتصدّي لأي هجوم متوقع. ومع ذلك، صدرت عنهم إشارة إيجابية تمثلت في قبول الحوار لكن بشروط، وقد تكون مناورة بما أن الشرط يقضي «بالاعتراف بالشرعية»، الذي يعني بالنسبة إلى الإخوان الرئيس المعزول محمد مرسي.
وبحسب مصادر مطلعة لـ «الأخبار»، فإن وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وعد الأميركيين بعدم اللجوء الى العنف.
إضافة الى ذلك، فان وزارة الداخلية، التي تحمل تاريخاً غير سوي بالتعامل مع التظاهرات، ترفض تحمل المسؤولية وحدها، كما كان يحصل سابقاً، وخصوصاً أن وزير الدفاع رمى الكرة في ملعبها ودفعها الى مواجهة أنصار «الإخوان»، وترك للجيش التدخل عندما تصل الأمور الى حافة الهاوية، لأن ذلك يجعل منه بطلاً ومخلصاً قومياً.
وتقول المصادر إن سبباً آخر أرجأ تنفيذ مخطط فض الاعتصام وكبح جماحه، يتمثل في الميدان الثالث الرافض للطرفين، الذي يزداد نمواً وانتشاراً.
في المقابل، كشفت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أن الأجهزة الأمنية رصدت تحركات بعض رموز الجماعة الإسلامية في محافظات الجنوب لحشد أعداد مضاعفة من أنصارها لنقلهم الى القاهرة في حال إقدام وزارة الداخلية على فض الاعتصام. وقالت إن الجماعة جهزت عناصر بشرية قادرة على الالتحام المباشر مع العناصر الأمنية عند فض الاعتصامات المؤيدة للرئيس المعزول محمد مرسي، على أن يجري تأمين تهريبهم في حال إتمام العمليات المسلحة المقرر أن ينفذوها في قلب العاصمة لنشر الفزع بين المواطنين
وأوضحت التقارير الأمنية أن الجماعات الاسلامية بدأت بدعم «المجاهدين بالسلاح والعتاد اللازم لمواجهة المداهمات الأمنية المتوقعة». ورصدت الأجهزة الأمنية اتصالات هاتفية لقادة الإخوان المسلمين وفي مقدمتهم المرشد العام، محمد بديع، مما جاء فيها لأحدهم: «أيام التسعينات راجعة تاني، ولو حد فكر يقربلكم من الشرطة الكافرة مش حنسكت، وأيام أمن الدولة مش راجعة تاني، هما فاكرين أنهم حيرجعونا السجون. على جثتنا».
تقول مصادر «الاخبار» إن الجماعة، وبعدما تنبأت بتسريب محتوى الاجتماعات ورصد تحركات كوادرها، قامت بتشفير رسائلهم عبر وسائل الإنترنت المرسلة لبعضهم، استعداداً لما سموه «اليوم الموعود». وتشير الى أن القيادي صفوت حجازي اتفق مع قادة الجماعة في أسيوط على خطف قادة من وزارة الداخلية وأخذهم كرهائن للتفاوض عليهم إذا تأزم الموقف لمصلحة الاجهزة الأمنية.
في غضون ذلك، صدرت إشارات ايجابية من «الإخوان»، التي أعلن المتحدث باسمها، جهاد الحداد، أنهم مستعدون للمشاركة في محادثات بشأن الأزمة السياسية في البلاد يتوسط فيها الأزهر «ما دامت تجري على أساس صحيح».
وقال: «نعم.. إذا التزموا بالأحكام التي نطلبها»، موضحاً أن ذلك يجب أن يكون على أساس «إعادة الشرعية الدستورية». وأوضح أن الأزهر لم يتقدم بعد بمبادرته للإخوان، إلا أنه قال في الوقت نفسه إن «الإخوان» سيعارضون أي مبادرة يطرحها شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، لأنه أيّد عزل الجيش لمرسي.
ميدانياً، وإضافة الى حشد «الإخوان» لأنصارهم في الميادين وتمترسهم خلف سواتر ترابية وتسلحهم بالعصي والطوب استعداداً للمواجهة الموعودة، انطلقوا امس في عدة مسيرات باتجاه مرافق حيوية كالوزارات، فيما اندلعت مواجهات بينهم وبين السكان وسط القاهرة تدخلت على أثره الشرطة المصرية وفضت الاشتباك مستخدمة الغاز المسيل للدموع.
وبدأت الاشتباكات عندما دخل عشرات من الشيوخ المنتمين إلى جماعة «الاخوان» المسلمين الى وزارة الاوقاف وامرتهم الشرطة بالخروج، بحسب مسؤول أمني.
في غضون ذلك، دعت وزارة الخارجية الاميركية الحكومة المصرية المؤقتة الى وضع حد لكل «الاعتقالات السياسية»، من دون ان تشير علنا الى حالة الرئيس المعزول. وقالت المتحدثة ماري هارف، إننا «نستمر في الدعوة الى انهاء كل التوقيفات والاعتقالات ذات الدوافع السياسية، ونشدد على انها لا تساعد مصر على تجاوز هذه الازمة».