بدت أحداث مصر يوم أمس منعكسة تماماً على الوضع في تونس التي تحكمها سلطة غالبيتها من الإسلاميين؛ فقد حذّر الرئيس التونسي المنصف المرزوقي من نموذج مصر، مشيراً إلى أن الأحداث التي تجري في أرض الكنانة تؤكد أن على القوى السياسية التونسية تكثيف الحوار الوطني للخروج من الأزمة السياسية العميقة، بينما أيّد الأمين العام لحركة النهضة حمادي الجبالي، في تنازل غير مسبوق من الحركة الإسلامية، تشكيل حكومة غير حزبية بعد يوم واحد من تظاهرة حاشدة للمعارضة العلمانية طالبت بإطاحة حكم الإسلاميين. وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن «ما يجري في مصر يدعو مختلف الأطراف السياسية في تونس إلى تكثيف الحوار الوطني ووقف الخطاب التحريضي والتشبث بالشرعية والديموقراطية الحقيقية»، مشيراً إلى أن تونس «ليست مؤتمنة على مصيرها فقط، بل على مصير إنجاح الربيع العربي».
في غضون ذلك، قال الجبالي، الرجل الثاني في حركة النهضة رئيس الوزراء السابق إنه «يتعين تكوين حكومة غير مسيسة وتقوم بمهمة تقنية لمدة ستة أشهر في إدارة الانتخابات». ويبدو هذا أول تنازل من الحركة الرافضة لحل الحكومة، لكن الكلمة الفصل في النهضة تبقى للرجل الأول فيها راشد الغنوشي.
وتطالب المعارضة العلمانية، التي اكتسبت جرأة بعد أن عزل الجيش المصري الرئيس الإسلامي المنتخب محمد مرسي، بإطاحة الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية وحل المجلس التأسيسي المكلف صياغة دستور جديد والقانون الانتخابي وإعلان «حكومة إنقاذ» بديلة في الأسبوع المقبل.
لكن أنصار حركة النهضة يرفضون هذه المطالب، ويتّهمون منتقديهم بأنهم يريدون القيام بانقلاب على غرار ما حصل في مصر.
وكان نحو 40 ألفاً من المحتجين العلمانيين قد تجمّعوا في العاصمة التونسية أول من أمس للمطالبة برحيل الائتلاف الحاكم الذي يقوده إسلاميون.
وعلى بعد عدة كيلومترات احتجّ آلاف الإسلاميين لتأييد حزب النهضة في شارع الحبيب بورقيبة.
في هذه الأثناء، يقوم وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي بمحاولة للوساطة بين الحكومة والمعارضة في تونس التي وصل إليها أمس.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية إن هدف فسترفيلي هو «تشجيع محادثيه في هذه المرحلة الانتقالية السياسية الحاسمة على عدم قطع حبل الحوار والتوصل إلى تسويات».
وكانت النائبة الأولى لرئيس المجلس التأسيسي محرزية العبيدي، قد أشارت إلى أن على النخبة السياسية أن تتحمل مسؤوليتها وتتفاوض بدلاً من التضييق على المواطنين بالاعتصامات.
وقال عضو الحزب الجمهوري العلماني إياد دهماني، إنهم ينتظرون نتائج المفاوضات بين الأحزاب والاتحاد التونسي العام للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة للتوصل إلى حل مقبول لهذه الأزمة السياسية.
(أ ف ب، رويترز)