القاهرة | كلّ طرف أورد أرقاماً للضحايا تناسب حملته الإعلامية، غير أن المؤكّد أن المحافظات المصرية لم تهدأ أمس عقب خروج أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في مسيرات «غضب» عقب صلاة الجمعة، تحولت الى اشتباكات مع قوات الشرطة، استُخدمت خلالها الأسلحة النارية، وسقط عشرات القتلى والجرحى، وذلك في ظل وضع القوات المسلحة خططاً لإحكام السيطرة على البلاد والقضاء على «الإرهاب»، وفق ما أعلنت مصادر «الأخبار». تصاعد العنف في مصر أقلق المجتمع الدولي، وأعلنت الأمم المتحدة إرسال مبعوثها جيفري فيلتمان الى القاهرة الأسبوع المقبل، في محاولة لإنقاذ الوضع والدعوة إلى التهدئة والمصالحة.
وذكر شهود عيان أن 39 جثة وضعت في مسجد التوحيد قرب ميدان رمسيس في وسط القاهرة عقب اشتباكات بين قوات الامن ومتظاهرين مؤيدين للرئيس المعزول مرسي. وفي مدينة الاسماعيلية الواقعة على قناة السويس، قتل أربعة أشخاص وأُصيب 11 آخرون بعدما أطلق الجيش الرصاص لتفريق تظاهرة مؤيدة لمرسي أمام مسجد الصالحين في المدينة الساحلية. فيما أُعلن عن سقوط 5 قتلى وعشرات الجرحى في الإسكندرية. كما قتل ثمانية أشخاص في دمياط.
وفي شرق البلاد، قالت مصادر طبية إن «شخصا قتل في اشتباكات بين أنصار مرسي والشرطة اثناء محاولة اقتحام مركز شرطة العرب ببورسعيد»، فيما قتل شخص على الاقل واصيب 7 آخرون في اشتباكات بين أنصار مرسي وقوات الامن في العريش أثناء محاولتهم اقتحام عدة مقار امنية. كما هاجم أنصار المعزول عدة مراكز شرطة في مختلف المحافظات.
وانطلقت مسيرات «الإخوان» عقب أداء الصلاة في مسجد الفتح في ميدان رمسيس الرئيسي في قلب القاهرة، ومن مدينتي الغردقة على البحر الأحمر والاسماعيلية شمال شرق البلاد على قناة السويس، وفي مدينة طنطا في محافظة الغربية في الدلتا وفي مدينة العريش شمال شبه جزيرة سيناء.
وكان المتحدث باسم جماعة «الاخوان المسلمين»، جهاد الحداد، قد أعلن أن «المظاهرات ضد الانقلاب ستنطلق من جميع المساجد في القاهرة وتتجه الى ساحة رمسيس بعد الصلاة في جمعة الغضب».
واستبقت القوات الأمنية التظاهرات باجراءات أمنية مشدّدة، ووضعت خطتين هما «إرادة» و«القبضة الحديدية» لإحكام السيطرة على مداخل ومخارج العاصمة والمحافظات.
وبحسب مصادر «الأخبار»، فان القائد العام للقوات المسلّحة الفريق أول عبدالفتاح السيسي، أشرف بنفسه مع القيادات العسكرية، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش المصري الفريق صدقي صبحي على تنفيذ خطط «الإحكام والسيطرة» من خلال المتابعة الدائمة وتواجدهم في غرفة العمليات التابعة للقيادة المركزية للمؤسسة العسكرية والعمل على زيادة القوات والتشكيلات من أسلحة المظلات والصاعقة والمدرعات والكتائب البرية والسلاح الجوي لتوفير التأمين المناسب، والتنسيق مع قائد الحرس الجمهوري، اللواء محمد ذكي، لتأمين المباني التابعة للبث المباشر ومبنى ماسبيرو.
وقالت المصادر الرفيعة المستوى لـ«الأخبار» إن «توقيت السابعة، حين يبدأ فرض حظر التجوال، هو الفيصل في المواجهة المباشرة مع الخارجين على القانون بغض النظر عن انتمائهم للأجندات السياسية، خاصة وأن الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للعقيد أركان حرب أحمد محمد علي، شددت على ضرورة التزام المواطنين بموعد بدء ساعات الحظر ليتسنى لهم التعامل بحسم».
من جهة ثانية، تمكن خبراء المفرقعات من العثور على جسم صلب عبارة قنبلة شديدة الانفجار في اعتصام «رابعة العدوية»، وقد وضعه أنصار «الاخوان» داخل إحدى الحدائق، غير أنهم لم يستطيعوا تفجيره بسبب أجهزة التشويش التى وضعها الجيش بالقرب من اعتصام «رابعة».
وقالت المصادر المطلعة إن «القنبلة التي وضعت داخل الاعتصام يجري تفجيرها عن بعد»، وإن «الأجهزة التابعة للقوات المسلحة وضعت مجسات وأجهزة تشويش للكشف عن المتفجرات».
بدورها، قالت الحكومة في بيان إنها «والقوات المسلحة المصرية والشرطة وشعب مصر العظيم يقفون جميعاً يداً واحدة في مواجهة المخطط الارهابي الغاشم من تنظيم الاخوان على مصر». ودعت المصريين إلى االتمسك «بوحدتهم الوطنية والانصراف عن أي دعوة إلى الانقسام في ضوء الأحداث التي تشهدها البلاد». من جهته، قال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع في رسالته الأسبوعية إن فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» جريمة ترقى إلى جرائم الحرب، مشيرا إلى أن ما تتعرض له الدولة المصرية هو «هجمة شرسة» من نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. وقال إن إعلام مبارك «زرع الفتنة والكراهية».
وفي سياق المساعي الدولية، أعلنت الأمم المتحدة أن وكيل الأمين العام للشؤون السياسية جيفري فيلتمان يعتزم زيارة مصر الأسبوع القادم لسماع وجهات النظر بشأن الأزمة وبحث سبيل للمضي قدما.
بدوره، قال الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إن «المملكة شعبا وحكومة تقف مع مصر ضد الإرهاب، والضلال والفتنة»، مشددا على أنه «نقف مع مصر في حقها الشرعي في ردع العابثين».
وأضاف، في كلمة له للتعليق على الأحداث في مصر بثتها قناة «العربية»، أن كل من يتدخل في شؤون مصر الداخلية يوقد الفتنة، مضيفا: «واثقون أن مصر ستستعيد عافيتها». وأشار إلى أن «استقرار مصر يتعرض لكيد الحاقدين والكارهين». وقال إنه «على المصريين والعرب والمسلمين التصدي لكل من يحاول زعزعة أمن مصر».
وتابع: «ليعلم كل من تدخل في شؤون مصر الداخلية أنهم بذلك يوقدون نار الفتنة، ويؤيدون الإرهاب الذي يدّعون محاربته، فمصر الإسلام والعروبة والتاريخ المجيد لن يغيرها موقف هذا أو ذاك، وقادرة بحول الله وقوته على العبور إلى بر الأمان».