لم تشغل قرارات الاونروا الجائرة،  ومحاولاتنا كفلسطينيين للتصدي لها عبر الاعداد لتحركات واسعة،  لم تشغل اهالي مخيم نهر البارد عن متابعة ما حدث في الضاحية الجنوبية، ما ادمى قلوب الكثيرين من ابناء الشعب الفلسطيني. لكن المؤلم حقاً في كارثة كهذه، ما تردد حول تورط احد الفلسطينيين في التفجير وفي اعمال مماثلة جرت منذ فترة. هكذا تسمرت العيون بوجوم امام شاشات التلفاز لتشاهد الجريمة بابشع صورها في زمن العمى الذي اصاب القلوب قبل العيون، تسمرت العيون امام شاشات التلفاز وهي ترى هذا الكم من البشاعة. واستعادت الذاكرة للحظات شريط قصف الضاحية عام 2006 على يد الاجرام الصهيوني، وكيف ان الضاحية تنكب مرة بايدي العدو مباشرة وتارة بالوكالة، بيد من باعوا انفسهم للشيطان باسم الدين. هؤلاء الذين وكما قال فيهم سماحة السيد لا دين لهم ولا مذهب ولا طائفة ولا وطن، هم قتلة بكل ما للكلمة من معنى. هي الضاحية صخرة العشق وقبلة الحب، ضاحية الاباء والشرف، تاريخها يشهد لحسبها ونسبها، ضاحية عجزت كل آلة الدمار والحرب الصهيونية عن اذلالها واخضاعها، ضاحية صرخة الدم بوجه السيف: هيهات منا الذلة. ضاحية المقاومة والمقاومة لن تخضع ولن تذل ستبقى رافعة الهامة ممشوقة القد عالية الجبين لان المجد لها ولاهلها.
نترّقب طلّات سيد المقاومة لنقف على حقيقة ما يحصل في منطقتنا العربية... توقعنا وما زلنا ان يقوم العدو الصهيوني بقصف «الضاحية» من البحر والجو وله اسبقيات بذلك، ولكن ان تأتي هذه المرة الطعنة من الخلف؟ ممن يُفترض انه «شقيق»؟ امر يثير في القلب غصّة وفي العين دمعة ويترك جرحاً قد لا تستطيع الايام دمله. جرح سيظل مفتوحاً على مدى السنوات وربما «يلتهب»...
أعلم ان الضاحية تدفع ثمن وقوفها الى جانب فلسطين واهلها والى جانب سوريا وشعبها وجيشها، واعرف كإبن مخيم انها تدفع ثمن هزيمتها للكيان الصهيوني الغاصب اكثر من مرّة، وأعرف اكثر مما يعرف البعض، انه ممنوع على «الضاحية» ان تكون امتدادا للمخيم، وممنوع ان تتحوّل من «عاصمة المستضعفين» الى «عاصمة المجاهدين»، وممنوع ان تنتشل كرامتنا من تحت «بساطير بني صهيون»، وممنوع ان تعيد مجد الامة الضائع بين عتبات التاريخ، وممنوع ان تبحث عن عز الامة والّا... فباسم «الدين» تُحارب هذه المرّة، تتوقع في كل شارع او زاروب متفجرة. تتبعثر فيها الاشلاء ويسيل فيها نهر الدم، ويتطاير بنيانها الذي دمر واعيد اعماره اكثر من مرة. في الارجاء. ولكن هيهات.. فلنرفع الصوت كالأذان: من المخيم هنا الضاحية. من غزة هنا الضاحية. من الضفة هنا الضاحية. من عكّا هنا الضاحية... ومن كل فلسطين هنا الضاحية. ومن دمشق هنا الضاحية... وانّا براء... برآء... برآء من كل هؤلاء الذين فصّلوا «دينهم» على مقاسهم ليزنوا باسم «الدين» ويقتلوا باسم «الدين» ويمارسوا موبقاتهم باسم «الدين» والله ورسوله والمؤمنون منهم ومن افعالهم برآء.
وانا، ابن المخيم، اعلن اني مع «الضاحية» وألعن كل من يعاديها، فما عانقنا المجد الا في ازقتها. ولن نسمح بأن يبث الحقد والضغينة فيها، واعلن انها ستظل شامخة... متألقة بعزها ومشرقة بمجدها ولن تثنيها عن القيام بدورها «سيارة مفخخة» من هنا، ولا «صاروخ حقد» من هناك وانها ستكون المنطلق نحو فلسطين... كل فلسطين.