تحت عنوان «يوم الشرطة الجماهيرية»، بدأت وحدة «حرس الحدود» تدريب طلاب الصف الثاني في مدرسة «تل نورداو» الابتدائية في تل أبيب، على حمل السلاح وتعريفهم بوسائل قمع التظاهرات وفضّها. خلال التدريب، الذي أعدّ أساساً ليكون «فعالية، لا منهجية» تهدف إلى «تعزيز شعور الأمن لدى الطلاب»، كما ذكرت صحيفة «هآرتس» العبريّة اليوم، تعرّف الأطفال (7 ــ 8 سنوات) إلى وحدات في الشرطة الإسرائيلية، كوحدة الكلاب البوليسية، ووحدة روبوتات تفكيك القنابل، ووحدة الموسيقيين.
الصحيفة ذكرت نقلاً عن أحد أولياء أمور الطلاب أن أبناءهم تلقوا شرحاً حول الفرق بين القنابل الصوتية والقنابل الغازيّة السامة، بالإضافة إلى تعريفهم بوسائل قمع التظاهرات وفضّها، إلى الاعتقال بالأغلال، عبر المشهد الذي مثلته الشرطة بواسطة تكبيل يدي أحد التلامذة.
سابقاً، قبل أن تتحول عقيدة الأمن الاستراتيجية الإسرائيلية من «الردع» إلى إجراء «هنيبعل» أو «عقيدة الضاحية» و«جز العشب»، رأى دافيد بن غوريون، وهو مؤسس العقيدة الأمنية الإسرائيلية، أن «شعب إسرائيل» هو «تجمّع للمحاربين»، لذا يجب أن يظل مستنفراً، ومعبَّأً، ومجنداً، ما يفسر محاولة الإسرائيليين الدائمة لعسكرة مجتمعهم.
لم تمنع فضائح «الجيش الأخلاقي» وشرطته ــ بعدما تبيّن من معطيات نشرتها الشرطة العسكرية الإسرائيلية، أخيراً، أن هناك تصاعداً في حجم الجرائم الجنسية في صفوفهم ــ من دخول جنودهم إلى مدرسة أطفال، بل وضعوا «منصّة دعائيّة» ليشرحوا منها للطلّاب عن «الوسائل المساعدة» التي يستخدمونها في قمع الفلسطينيين، كمسدّسات الكهرباء، وقنابل غاز الفلفل، والرّصاص المعدني المغلف بالمطاط، وغيرها من أنواع الذخيرة والأسلحة.
وفي تقرير «هآرتس»، تبيّن أن عناصر الجيش سمحوا للطلاب بالتقرب من سلاح قاذف القنابل وإمساكه، مبررين ذلك «بتعريف التلامذة بالسلاح عن كثب». أحد الإسرائيليين المعلقين على الموضوع عبّر عن مفاجأته، وتساءل: «هل هذه إسبرطة؟!»، فيما علّق آخر بالقول: «الاحتلال يغسل أدمغة أطفالنا».
الصحيفة نفسها نشرت قبل عامين تقريراً مشابهاً حول زيارة الجنود الإسرائيليين لرياض الأطفال، التي عرضوا فيها أسلحتهم أمام الطلاب، ما دفع ذويهم إلى الاعتراض على الموضوع وتقديم شكوى إلى وزارة المعارف (التربية والتعليم). لكن ما لم يكن مفاجئاً ردّ الوزارة الذي جاء على النحو الآتي: «ما من شيء يمنع جنودنا من دخول المؤسّسات التربوية في المواعيد المحددة والملائمة، بهدف تربية أطفالنا على قيم الصهيونية».
وقيم الصهيونية هذه لا تقيم أي اعتبار لوجود مليون ونصف مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة، بل هي وجدت أساساً للقضاء على كل من بقي في تلك الأرض، سواء بالتحريض والعنصرية، أو الانتهاكات اليومية، وحتى إغراقهم بالفقر والجريمة والمخدرات. هذا الأمر يفسر نتائج استطلاع للرأي أجراه «معهد استطلاعات الرأي الأميركي» (بيو) في المدة الواقعة بين تشرين الأول 2014 وأيار 2015، ونشرتها الصحيفة نفسها اليوم.
يتضح من الاستطلاع أن 48% من مجمل الإسرائيليين اليهود، و71% من الإسرائيليين اليهود المتدينين، يؤيدون طرد الفلسطينيين من مناطق الـ48. ومع أن مظاهر العنصرية تتفشى في أوجه عدّة ضد «المواطنين» الفلسطينيين يومياً، فإن 74% من الإسرائيليين اليهود قالوا إنه «لا يوجد تمييز عنصري ضد العرب»، فيما أجاب 79% من الفلسطينيين الذين سئلوا في الاستطلاع بأنهم يتعرضون للتمييز العنصري.