أعيد في الايام الأخيرة إحياء الحديث عن المسار السياسي الساعي إلى حلّ الأزمة اليمنية، بعد أشهر من الجمود أعقبت محادثات «جنيف 2» التي أخفقت في التوصل إلى وقف إطلاق النار ووضع اليمن على سكة العملية السياسية. وتحدثت وسائل إعلام غربية عن انعقاد محادثات مباشرة بين السعودية وحركة «أنصار الله»، وعن توجه وفد من الحركة اليمنية إلى الداخل السعودي يوم أمس، للقاء مسؤولين. وكانت رسالة مسرّبة قبل أيام من المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ إلى الأمم المتحدة، قد كشفت عن وساطة الأخير لعقد لقاء سري بين السعودية و«أنصار الله» في العاصمة الأردنية عمّان.
وتضمنت رسالة ولد الشيخ الموجهة إلى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، جيفري فيلتمان، في الأسبوع الثاني من شهر شباط الماضي، أن ولد الشيخ التقى بوزير الدولة السعودي مساعد العيبان، وبشخص آخر يُدعى أبو علي، وهو الاسم الذي يتكرر في عدد من الوثائق المتعلقة بالمحادثات مع السعودية، ومن المرجّح أنه ضابط سعودي. وقال إنه أخبر العيبان وأبو علي «باستعداد الحوثيين لاستئناف المفاوضات السرية المباشرة مع ممثلي السعودية»، وأنهما «رحّبا بهذا التقدم المحرز، وأعربا عن التزامهما بالمضي قدماً في هذا المسار».
مصادر سياسية مقرّبة من «أنصار الله» قالت لـ«الأخبار» إن الحديث عن الدخول إلى السعودية وعقد لقاءات مع مسؤولين هناك، «غير دقيق». ونقلت وكالة «رويترز» عن «مصادر في اللجنة الثورية» معلومات عن توجه الوفد اليمني إلى السعودية، في حين أكد المصدر أن مهمة «اللجنة الثورية»، التي نسبت وكالة «رويترز» معلومات اللقاء مع السعودية إلى مصادر من داخلها، محلية معنية بإدارة شؤون البلاد، وهي غير مطلعة على الشؤون السياسية أو المفاوضات بشأن إيقاف الحرب، الذي هو «بيد قيادة الحركة اليمنية فقط».
ونقل ولد الشيخ عن العيبان وأبو علي ثلاث نقاط أورداها خلال اللقاء، وهي:
أولاً، أنه في ضوء التقدم التي تحرزه قوات «التحالف» ميدانياً باتجاه صنعاء، فإن «من مصلحة الحوثيين اغتنام الفرصة والتفاوض بحسن نية باعتبار أنهم في موقف ضعيف ميدانياً، وأن خياراتهم بدأت تنحصر».
رسالة ولد الشيخ المسرّبة ناقضت إحاطته أمام مجلس الأمن

ثانياً، رفض الرياض رفع مستوى تمثيلها في هذه المفاوضات في الوقت الراهن، وفقاً لما طلبه محمد عبد السلام، معتبريْن أن «الشخصين اللذين مثّلا الرياض في الجولة السرية السابقة هما من مستوى محمد عبد السلام نفسه».
ثالثاً، موافقتهما على «مقترح أنصار الله» بعقد المفاوضات في عمان بعدما خيّرهما بين الاردن والمغرب، فيما كان المسؤول الدولي ينتظر إجابة من قيادة «أنصار الله» عبر عبد السلام على الموضوع، ولم يعرف في الوثيقة التي تعود إلى نحو شهر، إذا ما حدث اللقاء أو لم يحدث.
وبشأن انعقاد محادثات في إحدى العاصمتين، أفادت المصادر بأن هذه اللقاءات لم تجرِ، والمحادثات الدبلوماسية اقتصرت على العاصمة العمانية مسقط التي تحتضن لقاءات بشأن الأزمة اليمنية منذ بداية الحرب، «لكنها مجمّدة الآن».
أما عن دور المبعوث الدولي، فقد جددت المصادر التعبير عن رؤية الحركة لدور ولد الشيخ الضعيف. ورجّحت المصادر أن يكون إفراج «أنصار الله» عن أسير سعودي مؤخراً قد جاء في سياق منفصل عن المسار السياسي «الذي يراوح مكانه»، وأنه يأتي من ضمن تفاهمات في إطار الحرب.
وكانت المعلومات قد تحدثت عن وجود وفد من «أنصار الله» في السعودية لإجراء مباحثات حول وقف لإطلاق النار على الحدود الجنوبية للسعودية، ويتضمن الوفد عضو المجلس السياسي والمتحدث الرسمي باسم الحركة محمد عبد السلام وعسكريين آخرين. وبدأت الزيارة المذكورة، يوم أمس، «تلبيةً من مسؤولين سعوديين، بعد أسبوع من المحادثات التحضيرية السرية».
وجاءت مراسلة ولد الشيخ المسرّبة مناقضةً لإحاطته أمام مجلس الأمن قبل أيام، حين قال إنه «يفضّل التريّث في الدعوة إلى جولة جديدة من محادثات السلام»، لأن التباعد في وجهات النظر لا يزال عميقاً، ولأن «الأطراف منقسمة بين ضرورة إعلان وقف الأعمال القتالية قبل المحادثات أو الذهاب إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف الأعمال القتالية».
على المستوى الميداني، استمرت العمليات الصاروخية ضد قوات «التحالف» والمسلحين في محافظة الجوف، إذ جدد الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» إطلاق صاروخ باليستي من نوع «قاهر1» المطوّر محلياً على تجمعات المسلحين في معسكر الخنجر شرقي الجوف. ويعتبر الصاروخ الباليستي الثاني من نوعه الذي استهدف تجمعات المسلحين في معسكر الخنجر خلال اليومين الماضيين، والسادس خلال أيام.
وفي الجبهات الحدودية، استهدفت القوات اليمنية تجمعاً للمسلحين بالقرب من مديرية ميدي، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم، وبينهم قيادي كبير لم يُكشف عن هويته بعد.

(الأخبار، رويترز، أ ف ب)