رغم أن المباحثات بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ونائب الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد تشمل عدة قضايا، فإن القضية الأهم للطرفين هي التوصل إلى اتفاق حول «مذكرة التفاهم» التي تتضمن تقديم مساعدات أميركية سنوية إلى إسرائيل، تطالب الأخيرة بأن تصل إلى 50 مليار دولار خلال عشر سنوات. أما نتنياهو، فيحاول أن يستغل الظرف الانتخابي من أجل ابتزاز الحزب الديموقراطي، الذي يحتاج إلى هذا الإنجاز في مواجهة الجمهوريين. في المقابل، يسعى بايدن إلى إقناعه بـ«النزول عن الشجرة» والقبول بمعدل المساعدات المالية والأمنية التي تقدمها إدارة باراك أوباما.
ومع أن اتساع دائرة من تشملهم الزيارة تشي بأنه سيبحث في مختلف «تحديات المنطقة»، ومن ضمنها الموضوع الفلسطيني، كما أكد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، لكن «إذاعة إسرائيل» نقلت عن مسؤول أميركي في البيت الأبيض أن بايدن لن يتقدم بأي مبادرة تتعلق بالملف الفلسطيني، وذلك بعد تقارير إعلامية غربية تحدثت عن أن أوباما يعتزم تحريك العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين قبل انتهاء ولايته.
على خط مواز، أكد المسؤول الأميركي نفسه أن مباحثات بايدن ستركز على عدد من القضايا، من بينها محاربة تنظيم «داعش»، والأزمة السورية، وأيضاً، وفق تقارير إسرائيلية، الدفع قدماً بالاتصالات التركية ــ الإسرائيلية.
سيحاول بايدن الدفع بالاتصالات بين إسرائيل وتركيا لمصالحة كاملة

في المقابل، فإن العنوان الأهم إسرائيلياً، الذي سيحتل رأس المباحثات، هو مذكرة التفاهم التي تتضمن مساعدات أمنية لإسرائيل لعشر سنوات مقبلة ــ خاصة بعد الخلافات التي احتدمت بين واشنطن وتل أبيب التي تطالب بأن تصل المساعدة الأميركية السنوية إلى خمسة مليارات لمدة عشر سنوات، ابتداءً من 2018 ــ. لكن الإدارة الأميركية وافقت على زيادة 400 مليون دولار في كل سنة، لتصل إلى 3,4 مليارات دولار. وتتحدث تقارير عن إمكانية زيادتها إلى 3.7 مليارات، ولكن إسرائيل تأمل زيادة تتراوح بين مليار إلى ملياري دولار عمّا تتلقاه.
ورغم أنه لا توقعات في إسرائيل والولايات المتحدة بخصوص التوصل إلى اتفاق نهائي حول المذكرة، سيحاول بايدن إقناع نتنياهو بـ«النزول عن الشجرة» والتسليم بالنتائج التي خلصت إليها المباحثات بين الطرفين حول المساعدات. وعليه، يأملون في واشنطن أن ينجح بايدن في محاولة إقناع نتنياهو بالتوقيع على هذه المذكرة خلال ولاية أوباما. ومن الواضح أن إدارة أوباما معنية جداً بنجاح الاتصالات كي تتمكن المرشحة هيلاري كلينتون، أو أي مرشح ديموقراطي، من صدّ اتهامات الجمهوريين بأنهم تخلّوا عن إسرائيل، عبر إشهار «توقيع الاتفاق على رزمة المساعدات الأمنية الأكبر في تاريخ العلاقات مع إسرائيل».
لكن مشكلة إدارة أوباما أن نتنياهو يمعن في ابتزاز واستغلال حاجة الديموقراطيين إلى مثل هذا الانجاز، ويلوّح بأنه قد ينتظر الرئيس المقبل من أجل التوقيع على مذكرة التفاهم. وكانت إسرائيل اعتادت طوال السنوات الماضية أن تتلقى موازنات أمنية من الولايات المتحدة عبر مسارين موازيين: الأول البيت الأبيض، والثاني الكونغرس. لكن إدارة أوباما اقترحت تغيير الأسلوب، عبر تلقّي تل أبيب رزمة مساعدات سخية، مقابل تقييد قدرتها على الحصول على «مكافآت» من الكونغرس، وهذا هو أحد أهم البنود الخلافية بين الطرفين.
أيضاً، سيحاول بايدن الدفع بالاتصالات بين إسرائيل وتركيا استعداداً لمصالحة كاملة، على اعتبار أن في ذلك مصلحة أميركية، عبر بلورة تحالف مضاد لمحور «إيران، سوريا وحزب الله». ووفق التصور الأميركي، فإن مخزون الغاز الطبيعي مقابل سواحل إسرائيل يمكنه أن يشكل دافعاً لإقامة هذا التكتل، كذلك يتوقع أن يبحث بايدن قضية استغلال الغاز مع نتنياهو.
في سياق ثانٍ، تأتي هذه الزيارة قبل عشرة أشهر من انتهاء ولاية أوباما، وقد تكون الأخيرة لبايدن، من موقعه في نيابة الرئيس، إلى إسرائيل، وذلك بعد سيرة سياسية اعتبر فيها أحد أهم الشخصيات المقرّبة من تل أبيب. وكان يفترض أن تتّسم هذه الزيارة بقدر من الاحتفالية، لكنها أتت بعد أجواء التشنّج بين تل أبيب والإدارة الأميركية في أعقاب إلغاء نتنياهو زيارته لواشنطن. وهي خطوة تضاربت التفسيرات بين الأميركيين والإسرائيليين حولها. فقد أثار قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية، إلغاء مشاركته في المؤتمر السنوي لمجموعة الضغط الأميركية لمصلحة إسرائيل، «أيباك»، غضباً كبيراً في البيت الأبيض.
وكشف مسؤولون أميركيون أنهم علموا بالإلغاء عبر الإعلام، ووجّهوا اللوم إلى نتنياهو قائلين إنه قرر إلغاء الزيارة رغم مجهودنا لتنسيق لقاء له مع أوباما. لكن ديوان نتنياهو ردّ، في أعقاب التصريحات الأميركية «الغاضبة»، بأن قرار ألا يصل إلى واشنطن في التوقيت الحالي يتعلق بالمعركة الانتخابية الراهنة هناك، وكي لا يرتبط اسم نتنياهو مرة ثانية بقصة «تدخّل في الانتخابات الأميركية». كلك نفى مسؤولون إسرائيليون أن يكون السبب رفض نتنياهو لقاء الرئيس أوباما، رغم الخلافات بين الاثنين.