ريف دمشق - انطلقت فجر الأول من أمس حوالى الساعة الثانية فجراً، عمليات عسكرية واسعة نفّذها الجيش السوري في معظم مدن وبلدات ريف دمشق؛ ففي جوبر، شرقي العاصمة، بدأ الجيش بقصف بعض مواقع مسلحي المعارضة، باستخدام سلاح الجو والمدفعية وقذائف الهاون.
وتركّز القصف هناك على «مبنى المعلمين»، الذي يتمركز فيه قناصون من «الجيش الحر»، بحسب مصادر من الجيش. وجرت استهدافات مماثلة لمواقع مسلحي المعارضة في مدن أخرى من الريف الشرقي: «دوار الثانوية» في حرستا، و«تل المسطاح» في برزة، ومواقع في زملكا والقابون وعين ترما وعربين. في حين لم تشهد مدن الريف الشمالي، على طريق التلّ، أيّة معارك مشابهة. ورافق هذا التحرك من جانب الجيش احتشاد قواته، من مدرعات ومشاة، في مداخل الطرق المؤدية إلى الغوطة الشرقية من ساحة العباسيين وكراجات العباسيين، وذلك تمهيداً لدخولها إلى تلك المناطق وبسط السيطرة عليها. وكنتيجة لهذا الوضع المفاجئ أغلقت بعض الطرق المتاخمة لساحة العباسيين وشارع «فارس الخوري»، إضافة إلى نزوح الكثير من الأهالي في تلك المناطق هرباً من المواجهات المحتملة.
ويوم أمس تمكّنت بعض المدرّعات والآليات من الدخول «مسافات قصيرة باتجاه جوبر من طريق ساحة العباسيين وطريق كراجات العباسيين»، حسبما أفاد أحد المقيمين بالقرب من الساحة، الذي أضاف لـ«الأخبار»: «مُنع أهالي العباسيين من التجوال في الشوارع لتسهيل حركة الجيش، ونتيجة لاستمرار سقوط قذائف الهاون التي يطلقها المسلحون بشكل كثيف وعشوائي».
وترافقت هذه الحملة في الغوطة الشرقية مع وقوع سلسلة مجازر رهيبة باستخدام السلاح الكيميائي في مدن عدة من الغوطة الشرقية، راح ضحيتها أكثر من 600 قتيل بينهم نساء وأطفال، وكل من السلطات والمعارضة ينفي مسؤوليته عنها ويحملها إلى الطرف الآخر.
أما إلى الجهة الجنوبية الشرقية، فتستعد بعض وحدات الجيش للدخول إلى بيت سحم، ويمهد لدخولها سلاح المدفعية والجو الذي كثّف ضرباته بشكل على نحو كبير على بعض المواقع فيها، إضافة إلى مخيّم اليرموك ويلدا وببيلا، في حين تتحدث بعض مصادر الجيش عن السيطرة على حيّي «الشرطة» و«كوم الحجر» في منطقة السبينة.
وفي الغوطة الغربية تمكّنت أمس وحدات من الجيش من التوغل في بلدة معضميّة الشام من جهة الطريق المؤدية إلى جديدة عرطوز، بحسب أحد أهالي جديدة عرطوز الذي قال لـ«الأخبار»: «تسنّى لنا رؤية عدد من الدبابات تدخل إلى المعضمية لدى محاولتنا الذهاب إلى دمشق التي فشلت بسبب إغلاق الطريق»، ويجري أيضاً قصف «دوار الفرن» في داريا الذي تتمركز فيه عناصر من «الجيش الحر»، حسب مصادر عسكرية.
وفي تعليقها على الهدف من هذه الحملة، قالت القيادة العامة للجيش والقوات المسلّحة: إنها «تؤكد إصرارها على تنفيذ واجباتها الدستورية في تخليص الوطن من رجس الإرهاب، وتدعو كل من يحمل السلاح لتسليم نفسه وتسوية وضعه قبل فوات الأوان».
ردّ المعارضة المسلّحة
بدورها، أطلقت المعارضة المسلحة عدداً كبيراً من قذائف الهاون، حوالى أربعين قذيفة تقريباً أول من أمس، وعشرات القذائف أمس، على معظم أحياء دمشق والريف المتاخم للمناطق المتوترة: أكثر من عشرين قذيفة على جرمانا، وأكثر من عشر قذائف على حيّي العباسيين والقصّاع، والباقي في أمكان متفرقة. ولا يزال عدد القتلى والجرحى نتيجة لهذه القذائف غير محصور، وهو يتصاعد باستمرار.
من جهة ثانية، تحمّل المعارضة الدولة مسؤولية مجازر السلاح الكيميائي في الغوطة الشرقية، وتثير القضيّة باتجاه تحويلها إلى ورقة للضغط لوقف الحملة، مستفيدة من وجود لجنة التحقيق حول استخدام السلاح الكيميائي في مجزرة خان العسل.
هذه التطورات، من حملات عسكرية واسعة ومجازر وتصعيد في الخطاب الإعلامي والسياسي، تعيد إلى الأذهان أجواء المرحلة الأولى من الحرب في سوريا، حيث كانت تسود لهجة حسم الصراع نهائياً بالطرق العسكرية لدى الطرفين. تلك اللهجة التي كانت قد بدأت تنخفض حدّتها بُعيد التوافقات التي جرت على المستوى الدولي حول إيجاد حلّ سياسي للأزمة السورية. لكن يرى متابعون اليوم أن هذه التحركات من جانب الجيش، وفي مقابلها تصعيد ملف الأسلحة الكيميائية من جانب المعارضة، على إثر وقوع مجزرة لا يزال أمر تحديد مرتكبها غير محسوم، هي تحرّكات إنما تصب في خانة تجميع أوراق للتفاوض من جانب الطرفين قبيل انعقاد مؤتمر جنيف في الأشهر المقبلة.
انتحاري في حلب
في سياق آخر، فجّر انتحاري، مساء أمس، نفسه بحزام ناسف في مطعم كابوغريلو في منشأة الباسل الرياضية في حيّ الموكامبو في حلب، ما أسفر عن وقوع سبعة شهداء وعدد من الجرحى.
وأفاد مصدر لوكالة «سانا» أنّ «الانتحاري يدعى خالد علي الشبلي مواليد 1995، استغل إقامة الطالبة ماريا الربيع دعوة لعدد من أصدقائها وأقربائها بمناسبة تحصيلها علامة مرتفعة في الشهادة الثانوية، وتسلل بين المدعوين وقام بتفجير نفسه، ما أدى إلى استشهاد الطالبة ماريا، ومراسل قناة الإخبارية حسن مهنا، وخمسة آخرين، بينهم والدة الطالبة». الى ذلك قامت إحدى المقاتلات الكرديات وتدعى ديلدار اوزو (بيريفان) وهي من وحدات حماية الشعب الكردي بتفجير نفسها بمجموعة من المقاتلين السلفيين في جبهة القتال في رأس العين على محور تل حلف، وذلك بعدما اصيبت خلال اشتباكات مع هذه الجماعات ورفضت طلب رفاقها بانقاذها.