رأى الرئيس الأميركي باراك أوباما أن الهجوم المحتمل بسلاح كيميائي في سوريا، الأربعاء الماضي، «حدث مهم مثير لقلق بالغ» و«يتطلب اهتمام أميركا»، في حين طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية بتوفير الأمان لبعثة التحقيق الدولية بدخول منطقة الهجوم المفترضة.
وأضاف أوباما، في مقابلة مع قناة «سي ان ان» الأميركية، إن إدارته «تقوم الآن بجمع معلومات عن هذا الحدث المحدد، لكنني أستطيع أن أقول إنّه خلافاً لبعض الأدلة التي نحاول جمعها وقادت محققي الأمم المتحدة إلى سوريا، رأينا مؤشرات واضحة على أنه حدث مهم يثير قلقاً كبيراً».
وفيما حرص على تجنب «الخطوط الحمر» التي كان قد حذر منها سابقاً، أقرّ الرئيس الأميركي بأن هذه المعلومات في حال التأكد منها ستكون بلا شك أخطر بكثير من الاتهامات التي وجهت في الربيع الماضي.
وشكّك الرئيس الأميركي بأن تسمح السلطات السورية للمفتشين الدوليين بزيارة مكان الهجوم المزعوم، مضيفاً إن بلاده تعمل كل ما في وسعها في إطار القانون الدولي من أجل حمل الرئيس السوري بشار الأسد على الرحيل.
كذلك عارض الدعوات إلى التدخل العسكري في سوريا من دون تفويض أممي، موضحاً أنه «إذا عزمت الولايات المتحدة على مهاجمة بلد آخر من دون تفويض من الأمم المتحدة ومن دون تقديم أدلة مقنعة، فهذا سيثير تساؤلاً حول مدى تقبل المجتمع الدولي لمثل هذه الخطوة».
من جهة أخرى، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف المعارضة السورية بضمان دخول آمن للمحققين الأمميين إلى منطقة وقوع الهجوم المحتمل بالأسلحة الكيميائية قرب دمشق.
وأكد لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، في مباحثات هاتفية، أهمية إجراء تحقيق موضوعي في حادث استخدام السلاح الكيميائي.
وأضاف إن موسكو تتوقع من المعارضة السورية القيام بخطوات بناءة من أجل عقد مؤتمر «جنيف 2» في أسرع وقت ممكن.
وبحث لافروف، أيضاً، في اتصال مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، الأزمة السورية، «وشددا على ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة عبر الآليات السياسية»، حسبما ذكرت وزارة الخارجية السورية.
من جهة ثانية، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية، ألكسندر لوكاشيفيتش، أن موسكو لا ترى ما يشير إلى استعداد المعارضة السورية لضمان أمن الخبراء الأمميين وفعالية عملهم في المناطق التي تخضع لسيطرتهم.
وشدّد على أن ذلك يعرقل إجراء تحقيق موضوعي لمزاعم استخدام السلاح الكيميائي، الأمر الذي يصر عليه عدد من الدول، وبينها روسيا، داعياً جميع الجهات المؤثرة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تنفيذ مهمات فريق الخبراء الأمميين.
وفي الإطار عينه، أكدت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أنه «في أجواء موجة جديدة من دعاية إعلامية معادية لسوريا، نعتقد أن دعوات بعض العواصم الأوروبية إلى الضغط على مجلس الأمن الدولي واتخاذ قرار باللجوء إلى القوة من الآن أمور غير مقبولة».
في سياق متصل، توعد وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، بتأمين تفويض أقوى من مجلس الأمن الدولي حيال الوضع في سوريا، معرباً عن اعتقاده بأن «نظام الرئيس السوري بشار الأسد يقف وراء الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيميائية في منطقة الغوطة بريف دمشق هذا الأسبوع».
وأشار هيغ في صفحته الرسمية على «تويتر» إلى أن «كل يوم يمر من دون أن تتمكن الأمم المتحدة من الوصول إلى المناطق المتضررة للتحقيق في مزاعم استخدام الأسلحة الكيميائية سيؤدي إلى تآكل الأدلة أو إخفائها من قبل المسؤولين عن هذه الهجمات».
أما الممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، فقد ناشدت المجتمع الدولي «التحرك بشكل عاجل» لتعزيز «حل سياسي» و«إبداء موقف موحد» حيال الأزمة السورية.
وأضافت، بعد محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، «علينا أن نبدأ بلا تأخير عملية دبلوماسية تستند إلى آلية مؤتمر «جنيف 2». علينا تجاوز خلافاتنا. إننا مدينون بذلك للشعب السوري لأنه هو من يعاني».
بان: تسوية القضايا الفنية واللوجستية لعقد «جنيف 2»
في إطار متصل، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من أنه إذا ثبت وقوع الهجمات بالأسلحة الكيميائية، فهذا سيعتبر جريمة ضد الإنسانية وسيؤدي إلى عواقب جسيمة بالنسبة إلى مرتكبيها.
وجدد الأمين العام، خلال مشاركته في منتدى مكرس للنشاط الإنساني في سيول، دعوته إلى إجراء تحقيق عاجل في الأنباء عن وقوع الهجوم الكيميائي، مشيراًَ إلى أن مفوضة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، أنجيلا كاين، ستتوجه إلى دمشق غداً (اليوم) للتفاوض حول سبل إجراء مثل هذا التحقيق.
وفي إطار المساعي لعقد مؤتمر «جنيف 2»، كشف بان عن تسوية كل القضايا الفنية واللوجستية لعقد المؤتمر، وأضاف «نعمل بجهد كبير لعقده في أسرع وقت».
بدوره، لفت المبعوث الدولي والعربي إلى سوريا، الأخضر الابراهيمي، إلى أن الحكومة السورية والمعارضة لم تتوصلا بعد إلى الاتفاق على ضرورة الحل السياسي للنزاع في سوريا، بينما يرى المجتمع الدولي فيه المخرج الوحيد من الأزمة.
وأشار الإبراهيمي، في تصريح إلى تلفزيون الأمم المتحدة، إلى بعض التقدم في تقريب موقف الحكومة والمعارضة، «حيث كانتا ترفضان في وقت سابق أي اتصالات بينهما، والآن بدأتا تتحدثان عن إمكانية الحل السياسي».
وفي معرض تعليقه على سير التحضير لمؤتمر «جنيف 2»، اعترف بأن آفاق عقده في الشهر المقبل غامضة، مؤكداً في الوقت ذاته أن الجهود الرامية الى عقده لا تزال مستمرة.
وشدّد الإبراهيمي على أن الوضع في سوريأ يشكل أكبر خطر على الأمن الدولي، موضحاً أن المعلومات عن استخدام السلاح الكيميائي في ريف دمشق دليل آخر على ذلك.
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم «الائتلاف» المعارض، خالد صالح أن المعارضة ستضمن أمن مفتشي الأمم المتحدة في المناطق السورية الواقعة تحت سيطرتها أثناء التحقيق في استخدام السلاح الكيميائي.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)