غزة | جاءت دعوة رئيس الوزراء في حكومة غزة إسماعيل هنية، يوم الأربعاء الماضي، للفصائل الفلسطينية إلى توسيع رقعة المشاركة في إدارة قطاع غزة إلى حين تشكيل حكومة وحدة وطنية وإطلاق قطار انتخابات الجامعات والبلديات، لتزيد من حيرة الفلسطينيين بشأن المصالحة الوطنية. وأثار توقيتها الشكوك في نفوس بعض الفصائل الفلسطينية، وخصوصاً أنها جاءت بعد تهاوي حكم جماعته الأم وقوى الإسلام السياسي في مصر، فيما لم ير آخرون أي علاقة بين توقيت الدعوة وفحواها، لإيمانه بصدقيّة المبادرة ودلالتها على جديّة «حماس» في سلك درب التحام غزة مع الضفة الغربية المحتلة. وتفاوتت ردود فعل الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية على هذه الدعوة ما بين معارض ومحايد ومؤيد بحذر. المعارض لم يقرأ من الدعوة إلا تكريساً للانقسام وهروباًً من استحقاق المصالحة. وأكد عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» إبراهيم أبو النجا لـ«الأخبار» رفضه الإبقاء على حالة تفسّخ النسيج المجتمعي الفلسطيني، والتجاوب مع دعوة هنية، قائلاً: «نحن ضد أي خطوة تنفرد بها حكومة غزة أو الضفة، ولا نأمل سوى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الألوان السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار».
واستبعد تعامل سلطة رام الله الحازم والمؤلم مع «حماس» كما توعّدها الفتحاوي عزام الأحمد في أكثر من مناسبة، قائلاً: «لو توعّد الأحمد حماس مليون مرة، أؤكد أن لا وجود فعلي لخيارات مؤلمة لإجبار حماس على إنهاء الانقسام». ورأى أن حل كلّ الإشكاليات السلطوية يتمثّل في إخراج بنود اتفاق القاهرة الذي وُقِّع عام 2011 من الورق إلى حيز التنفيذ والتطبيق، مشدداً على أن أي دعوات أخرى تخرج عن نطاق اتفاقي القاهرة والدوحة لا تدور إلا في فلك عبثي وعشوائي لا ينتج منه أي ثمرة توافقية يتذوّق طعمها الفلسطينيون.
المؤيد للدعوة استشفّ منها نيةً واضحة لعدم الاستفراد بصنع القرار السياسي، ومدخلاً لإعادة الجهود من أجل تنفيذ اتفاق المصالحة. فيما فضّلت بعض الفصائل التزام الصمت وعدم الخوض في غمار الدعوة، لحين تلقيها بشكل رسمي. ووصفت حركة الجهاد الإسلامي دعوة هنية بالمسؤولة والوطنية، وقال القيادي في الحركة، خضر حبيب، إن الدعوة طرقت باب الفصائل متأخرة، لكنها أفضل من ألا تأتي أبداً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن حركته ستدرس الأمر، وبمجرد تلقيها دعوة رسمية من هنية ستناقشه.
بدوره، أكد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لـ«الأخبار» رفض مشاركة الجبهة في إدارة غزة أو الضفة وهما على شكلهما الحالي مكتنزتان بالقطيعة والانقسام، معتبراً مساهمة الفصائل في قبول أي دعوة فرديّة من هذا الطرف أو ذاك انتحاراً سياسياً لا يُحمد عقباه. وحمّل سلطتي الضفة وغزة مسؤولية عدم الاستقرار السياسي في الساحة الفلسطينية.
من جهته، رفض المستشار السياسي لهنية، يوسف رزقة، التعقيب على تصريحات الفصائل ومواقفها من الدعوة، وقال لـ«الأخبار»: «لن أتحدث في هذه القضية، إلا بعد عقد جلسة رئاسة مجلس الوزراء المقرّرة غداً الثلاثاء، التي تنوي نقاش آليات فعليّة لتوسيع رقعة المشاركة للفصائل الفلسطينية في تدبير أمور قطاع غزة حتى دقّ ساعة الوحدة الوطنية».