القاهرة | أنهت لجنة التعديلات الدستورية في مصر، المعروفة بلجنة العشرة، قبل أيام، إعداد المسودة قبل النهائية لدستور ما بعد حكم «الإخوان المسلمين»، وسلّمتها الى الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور، تمهيداً لتشكيل لجنة تضم 50 ممثلا عن قوى وأطياف المجتمع تضع مسودة الدستور، الذي سيُستفتى عليه الشعب.
ورغم أن لجنة العشرة ضمت في عضويتها متخصصين في القانون الدستوري، غير أن مسودتهم لاقت اعتراضات قوية من القانونيين قبل السياسيين، خصوصاً أنها شملت إلغاء مجلس الشورى وعودة مجلس الشعب بدلاً من مجلس النواب مع إلغاء نسبة تمثيل العمال والفلاحين بـ50 في المئة داخل مجلس الشعب، وإلغاء المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية المنصوص عليها في المادة الثانية من الدستور. غير أن اللجنة عادت وعدلت عن اتجاهها وأعلنت في بيان أن أمر مجلس الشورى ونسبة العمال والفلاحين لم يحسم بعد ولا يزال متروكاً للجنة الخمسين، مقرر لجنة التعديلات الدستورية.
من جانبه، قال مقرر اللجنة المستشار علي عوض لـ«الأخبار» إن اللجنة، وفقاً لمواد الإعلان الدستوري الأخير، قامت بإلغاء 32 مادة من مواد الدستور المعطل وعدّلت 154 مادة أخرى من مواده، مضيفاً أن أبرز نصوص الدستور الجديد هو النص على أن تكون الانتخابات البرلمانية التالية لإقرار الدستور بالنظام الفردي. وهي المادة التي لاقت اعتراضات سياسية، رغم أن الانتخاب بنظام القوائم ثبت عدم دستوريته وعدم جاهزية المجتمع المصري له.
وأضاف عوض أن كل حرف في مسودة الدستور له مبرر وسند دستوري، وأن أعضاء اللجنة قاموا بدراسة جميع الدساتير المصرية السابقة ابتداءً من دستور 1923 وحتى دستور 2012، وأعدوا وثيقة دستورية محكمة للتاريخ، بحسب وصفه. وشدد على أن اللجنة تحرت الموضوعية في عملها وعملت على إعداد وثيقة دستورية جيدة يصعب على لجنة الخمسين إدخال تعديلات جوهرية عليها.
حديث مقرر اللجنة لم يلق صداه عند عدد من القانونيين، الذين طالبوا لجنة الخمسين، التي من المقرر أن يصدر قرار جمهوري بتشكيلها اليوم، بتعديل معظم مواد المسودة الجديدة. وحسب أحد قضاة المحكمة الدستورية العليا في حديث لـ«الأخبار»، فإن «المسودة الجديدة تعاني من نفس الخلط الحادث في دستور الإخوان بشأن النظام البرلماني والرئاسي، حيث أن طريقة اختيار رئيس الوزراء الواردة في المادة 121 أساسها مستمد من النظام البرلماني الخالص الذي يقوم على مبدأين: رئيس أو ملك يسود ولا يحكم، ورئيس وزراء يحكم من خلال وزرائه بعد أن يحوز ثقة الحزب الفائز في الانتخابات، وهو ما لا يتفق مع النظام المصري، الذي لا يأخذ بالنظام البرلماني الخالص، ولا يأخذ بالنظام الرئاسي الخالص، الذي لا يوجد فيه مجلس وزراء من الأصل، فيما يتولى الرئيس فيه يتولي جميع السلطات. ولكن يأخذ النظام بطرف من كل من النظامين البرلماني والرئاسي». وتساءل عن كيفية اختيار رئيس الوزراء من بين الحزب صاحب الأغلبية أو الأكثرية في مجلس الشعب في ظل الانتخاب بالنظام الفردي.
نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا شدد على أن الدستور الجديد تجاهل النص على منصب نائب رئيس الوزراء وإشتمل كذلك على نص يجيز التأميم، وهو جريمة اقتصادية كبرى، وترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لإرهاب وهروب المستثمرين، حسب القاضي، الذي لفت الى أن لجنة العشرة قامت بحذف المادة 39 من دستور 2012 رغم ما فيها من ضمانة تمنع الأجهزة الأمنية من دخول أي مكان بدون أمر قضائي مسبب. وأضاف أن دستور لجنة العشرة تضمن أيضاً في مادته رقم 128 نفس العيب الوارد في دستور «الإخوان»، حيث أطلق يد رئيس الجمهورية في تعيين وعزل المدنيين بلا ضابط من قانون وهو الأمر الذي قد يسيء رئيس الجمهورية استخدامه.
في المقابل، شنت القوى السياسية هجوماً مكثفاً على المسودة الأولية لدستور 2013؛ فالإسلاميون، من جانبهم، اعتبروا أن اللجنة ركزت عملها على النيل منهم ونزع الهوية الإسلامية عن مصر، مدللين بأن اللجنة حرصت على حذف المادة 219 من دستور «الإخوان» المفسرة للمادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية، في الوقت الذي أضافت نصاً يحظر قيام الأحزاب على أساس ديني، وهو الأمر الذي عارضه حزب «النور» ولوح على اثره بعدم المشاركة في لجنة الخمسين قبل أن تعدل اللجنة عن موقفها وتؤكد أن إلغاء المادة 219 ليس نهائيا والأمر متروك للجنة الخمسين.
وأكد أحد قادة حزب «النور» لـ«الأخبار»، أن الحزب حصل على وعد من وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي قبل عزل الرئيس محمد مرسي بالحفاظ على مواد الهوية والشريعة في الدستور الجديد. ولفت الى أن لجنة العشرة وضعت نصاًَ صريحاً لحل جميع الأحزاب القائمة على الشريعة الإسلامية «ولن نسمح بتمريره».
الأحزاب المدنية، بدورها، اتفقت جميعها على معارضة مسودة الدستور وخاصة النص الخاص بإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة بالنظام الفردي. وحسب الأمين العام بالحزب المصري الديموقراطي، أحمد فوزي، فإن نظام الانتخابات الفردي سيسفر عن سيادة دولة رجال الأعمال والمال على عكس نظام القوائم الذي يعطي فرصة أكبر لأشخاص لا يملكون القدرة المالية.
كوت: السيسي وعد «النور» قبل عزل مرسي بالحفاظ على مواد الشريعة في الدستور