القاهرة ــ الأخباررغم أن الوساطات الإسلامية لم تنجح حتى اللحظة في الخروج بحلّ للأزمة الحالية، غير أنّها أسهمت في دفع بعض كوادر جماعة «الإخوان» الى الإعلان عن موافقتهم على حلّ الأزمة شريطة أن تتوقف الحملة الأمنية ضدّ قادتهم، والتي تُوجت أمس، بإلقاء القبض على واحد من أبرز القيادات وهو محمد البلتاجي. مع ذلك، يبدو أن الجماعة غير راضية عن تصرفات حزب «النور» السلفي ومواقفه، حيث شنّ قادتها هجوماً عليه، واتهمته بأنه عميل لجهاز أمن الدولة المنحل.

فيما واصلت حملة «تمرد»، التي قادت تظاهرات «30 يونيو» محاباتها للسلطة الانتقالية وقائدها العسكري عبدالفتاح السيسي والحليف العائد السعودية.
وألقت قوات الأمن القبض على القيادي الإخواني محمد البلتاجي وبصحبته خالد الأزهري، وزير القوى العاملة السابق، في محافظة الجيزة. وأكد مساعد وزير الداخلية للأمن العام، اللواء أحمد حلمي، أنّه تم ضبط 3 آخرين من قيادات الجماعة مع البلتاجي من بينهم خالد الأزهري وجمال العشري، أحد قيادات الجماعة بالجيزة.
في غضون ذلك، يرتقب أن تسيّر الجماعة مجموعة تظاهرات عقب صلاة الجمعة اليوم، حيث دعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الى انطلاق 35 مسيرة من مساجد في القاهرة الكبرى والمحافظات، فيما طالبت الجماعة أنصارها بعدم التظاهر أمام مسجد «الفتح» في رمسيس، و«النور» في العباسية و«مصطفى محمود» في المهندسين. وطلبت «الإخوان» من شبابها ارتداء سترة سوداء تحمل صورة الرئيس المعزول، والأخوات بارتداء ملابس سوداء حدادا على ضحايا أحداث فض اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، على أن يرفع علم مصر، الذي يستبدل الشهادتين بالنسر.
وفي السياق، قال نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، عصام العريان، الذي لا يزال مطارداً، إن «كل ما يقال في الحرب على الإرهاب حرب وهمية يقودها الفريق عبد الفتاح السيسي واللواء محمد إبراهيم وعدلي منصور وحازم الببلاوي وحكومة الانقلاب ضد وهم اخترعوه ليثبتوا للعالم أنهم يخوضون حرباً عالمية ضد الارهاب ونسوا ان العالم قد انتهى مما يسمى الحرب على الارهاب وأن العجلة لن تعود للوراء وان العالم يدرك أنهم قاموا بانقلاب». وخاطب الشعب المصري قائلاً «موعدكم يوم 30 آب وما قبله وما بعده لتواصلوا مسيرة النضال والكفاح في التظاهر السلمي لتثبتوا للعالم أنكم قادرون على تحقيق أهداف ثورة 25 يناير».
في موازاة ذلك، كشف القيادي في الجماعة الإسلامية، عبود الزمر، أن الجماعة تعد مبادرة للخروج من دائرة العنف والأزمة السياسية القائمة في البلاد.
وقال لوكالة أنباء «الأناضول» التركية، إن «المبادرة تتضمن مرحلة للتهدئة بين الأطراف، على أن تكون المسيرات وكل الفعاليات الخاصة بمؤيدي مرسي في إطار السلمية، ووقف أي نوع من الاعتداءات من الطرفين على أي منشأة، وأن تكون هناك أيضا تهدئة إعلامية، لأن الشحن الإعلامي خطورته ستظهر في ما بعد».
وأشار إلى أن من بين ملامح المبادرة: «وضع ميثاق (شرف إعلامي) لعدم التخوين والسب والتحريض على العنف، وإلغاء حالة الطوارئ، وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين، وألا يكون القبض على أحد إلا على ذمة قضايا معينة بتهم من النيابة وليس نوعا من أنواع الاعتقال، والمصالحة بين الأطراف، وإيجاد حل عملي ومرتب لقضية الانتخابات البرلمانية والرئاسية وضوابطها»، مضيفا: «وإذا ما نجحنا في هذه الخطوات التمهيدية سندخل إلى مائدة الحوار، لنفكر كأبناء وطن واحد، خاصة أن ما يجري أمر خطير للغاية».
وحول ما إذا كان هناك تواصل بين الجماعة الإسلامية و«تحالف دعم الشرعية» وبين قادة الجيش، قال: «الخطوط مفتوحة، لكن الحلول مازالت في مرحلة البلورة والتكوين والتشكيل، ونحن في مرحلة التشاور حول إمكانية وكيفية الخروج من هذا المأزق».
بدوره، أعلن المتحدث الرسمي باسم الحزب الإسلامي التابع لتنظيم الجهاد، محمد أبو سمرة، أن قيادات القوات المسلحة وافقت على المبادرة التمهيدية التي تقدمت بها الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، والتي تتضمن بشكل أساسي وقف نزيف الدم والتحريض الإعلامي على التيار الإسلامي، والاعتقالات، وتقديم التنازلات من جميع الأطراف. ولفت إلى أن «(الإخوان) لم يرفضوا أي مبادرة، لكنهم رفضوا بعض الشخصيات مثل شيخ الأزهر، لأنه كان طرفاً في الأحداث».
وأكد أن «الأيام المقبلة ستشهد انفراجة للوضع السياسي القائم، ويدل على ذلك تصريحات رئيس الحكومة الدكتور حازم الببلاوي بعدم وجود نية لحل جماعة الإخوان المسلمين»، مشيراً إلى أنه «لو كانت التظاهرات المقرر تنظيمها الجمعة (اليوم)، لرفض الانقلاب حاشدة، فإن هذا اليوم سيكون حاسما».
وفي سياق متصل، كشفت مصادر داخل جماعة «الإخوان» المسلمين أن قياداتها، خصوصاً وزير التنمية المحلية السابق محمد علي بشر، والدكتور عمرو دراج، ينتظرون تسلم دعوة الحوار الوطني الذي دعا إليه اتحاد النقابات المهنية.
وأضافت المصادر أن «الجماعة مستعدة للجلوس إلى مائدة المفاوضات لإنهاء الأزمة السياسية»، لافتة إلى أن «هناك شروطا يجب تنفيذها لضمان نجاح المفاوضات، وفي مقدمتها الإفراج عن قيادات الجماعة في السجون».
وأوضح دراج أنّها «لم تتلق دعوة للمشاركة في جلسة الحوار الوطني الذي دعا إليه اتحاد النقابات المهنية حتى الآن، وفي حالة وصول دعوة سيتم مناقشتها وعرض مطالب (الإخوان) للمشاركة فيها».
من جهته، أعلن نقيب المهندسين، ماجد خلوصي، أن «اتحاد النقابات المهنية وجه الدعوة لقيادات الأزهر والكنيسة وجبهة الإنقاذ الوطني ووزارة الدفاع والحكومة المؤقتة و(تحالف دعم الشرعية)، إلى عقد جلسة حوار لتقريب وجهات النظر، بهدف الوصول إلى حل للأزمة الراهنة».
لكن يبدو أن جماعة «الإخوان» غير راضية على مواقف حزب «النور»، حيث قال المتحدث هاني الديب إن موقف نائب رئيس الدعوة السلفية الدكتور ياسر برهامي، من هدر الدماء هو انحطاط أخلاقي، وإن القاعدة الشعبية للحزب السلفي أيدت تظاهرات مرسي ونزلت في كل الميادين، ولم يتبق داخل الحزب سوى عملاء أمن الدولة الذين «يُخدّمون» على عودة الحزب الوطني ولا يهمهم أي شيء دون ذلك.
في المقابل، أعلن مؤسس حملة «تمرد» محمود بدر أنه من الممكن أن يدعم الفريق السيسي لتولي الرئاسة، وأنه في حالة استقرار الوضع الأمني فسيدعم رئيساً مدنياً.
وتوقع في حديث لقناة «العربية» مشاركة الإخوان في الانتخابات البرلمانية من خلال أحزاب ذات اتجاه إسلامي كحزب مصر القوية، مستبعداً مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية. كما شدد على تقديره لموقف السعودية، قائلاً إن الأخيرة تتبنى وترعى ارادة الشعب المصري وتتخذ مواقف داعمة للعروبة. ووصف موقفي الإمارات والسعودية، بالتاريخي والمذهل.