رام الله - لأول مرة مند انتفاضة الأقصى، شهد مطار قلنديا حركة مكثفة لآليات وطواقم عسكرية ومدنية إسرائيلية على مدار اليومين الماضيين، حسبما أفاد شهود عيان من المنطقة لـ«الأخبار»، في ما يُعتقد أنها عملية صيانة تقوم بها قوات الاحتلال للمطار، بغية إعادة تأهيله لاستقبال الطائرات المدنية والعسكرية، في ظل الحديث عن حرب إقليمية.
مطار القدس الدولي، أو مطار قلنديا كما تشيع تسميته، يشرف على الطريق الواصل بين رام الله والقدس المحتلة، ويقع بين أحياء سكنية فلسطينية تتبع مناطق السلطة الفلسطينية، أنشأته إدارة الانتداب البريطاني في عشرينيات القرن الماضي، وقد شهد حركة سياحية وتجارية واسعة إبان الحكم الأردني، وجرى استخدامه على نحو محدود لغايات الطيران المدني عقب سيطرة إسرائيل عليه، قبل أن تحوّله إلى معسكر للجيش مع انطلاق انتفاضة الأقصى، ثم تبادرَ إلى إغلاقه بالكامل عام 2000. وتفكّر حالياً في تحويله إلى منطقة صناعية لربطها بالمصانع المجاورة بعدما حولت ملكية الأرض التي يقام عليها إلى بلدية القدس. جرى كذلك طرحه كورقة تفاوضية بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، حيث كانت تطالب السلطة بتحويله إلى مطار مدني خاضع لسيطرتها كشرط للدخول في المفاوضات. غير أن الحركة التي شهدها المطار بالأمس أثارت تساؤلات عن الدوافع وراء إعادة تأهيله في هذا التوقيت تحديداً، ما يثير الشكوك حول نية إسرائيل استخدامه مطاراً للطوارئ في حال اندلاع حرب شاملة.
ويقول محمود عوض الله، أحد شهود العيان القاطنين بجوار مطار قلنديا، لـ«الأخبار»: «لاحظنا حركة مريبة داخل المطار على مدار اليومين الماضيين، دخل وفدان، عسكري ومدني، ترافقهما مجموعة من الآليات العسكرية، وقاموا بعمليات صيانة، واختبار لأهلية المدرج من خلال السير عليه بسرعة كبيرة، وتركيب ما يبدو أنها عواكس لتسهيل هبوط الطائرات، لكنهم توقفوا عن العمل اليوم».
في إسرائيل كل شيء معدّ لأسوأ الاحتمالات، الملاجئ منتشرة في كل المدن على نطاق واسع، كما أن أنظمة الحماية بكافة أشكالها متوافرة حتى لدى المواطن العادي، هنالك شوارع رئيسية أيضاً مؤهلة لتكون مهبط طوارئ للطائرات العسكرية والمدنية، إذا تعرضت مطاراتها في الشمال للقصف، الأمر الذي يطرح التساؤل عن سبب اختيار إسرائيل مطار قلنديا بالذات لذلك الغرض. يعتقد عوض الله أن «الاحتلال يريد أن يحتمي ويتستر بالفلسطينيين؛ لأن هذا المطار القديم المهمل منذ بداية الانتفاضة الثانية يستبعد تعرضه للقصف لكونه يقع بين تجمعات سكانية فلسطينية ومتاخم لمدينة رام الله».
ومن الجدير ذكره أنّ إسرائيل لا تملك مطارات عسكرية في مدينة القدس، ومعظم مطاراتها العسكرية متركزة في المنطقة الجنوبية المحيطة بقطاع غزة، في دائرة تمتد من تل أبيب بمحاذاة البحر المتوسط، إلى صحراء النقب جنوباً، ما يعني أنه إذا ضُربت المطارات الإسرائيلية العسكرية في الشمال، وأبرزها قاعدة مجدو الجوية، فسيكون مطار قلنديا الأقرب إلى الأراضي السورية.
وتعيش الجبهة الداخلية في إسرائيل حالة حرب حقيقية تعيد إلى الذاكرة الحالة التي سادت داخل الدولة العبرية قبيل حرب العراق عام 2003. المتابع لوسائل الإعلام العبرية يشعر بأن بدء الحملة الدولية على سوريا مسألة ساعات ليس إلا. منظومات «باتريوت»، «وحيتس»، و«القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، منتشرة على نطاق واسع في شمال فلسطين المحتلة، فيما يستمر تقاطر الإسرائيليين إلى مراكز توزيع أدوات الوقاية لليوم الثاني على التوالي، تحسّباً لأي هجوم بالكيميائي قادم من الشمال.