في وقت كان فيه رئيس «الائتلاف» المعارض أحمد عاصي الجربا يعلن من العاصمة الفرنسية ضرورة توجيه ضربة عسكرية غربية للنظام السوري، يبدو أنّ الرئيس فرانسوا هولاند يفضّل ربط الحل السياسي في سوريا بقدرة «الائتلاف» على الظهور كبديل قوي. المعادلة الفرنسية تزامنت وكشف زملاء الجربا في مؤسسة المعارضة تفاصيل قد لا يسره فضحها، خاصة وأنها صادرة عن شخصية فاعلة من أهل البيت.
في برامج حواري تبثه فضائية سورية معارضة (أورينت)، اعترف عضو الهيئة السياسية لـ«الائتلاف»، كمال اللبواني، (منذ يومين) بأن هذه المؤسسة غير مؤهلة لقيادة «الثورة». وقال أيضاً: «لا يعول على الائتلاف للقيام بأي واجب من واجبات الحكومة الانتقالية»، التي سبق أن أعلن عنها. غير أنّ الغريب والخطير في حديث اللبواني، هو تأكيد رواية دمشق الرسمية، وكشفه، دون حرج، أنّ «الائتلاف» شُكّل من قبل «أجهزة مخابرات تابعة لـ11 دولة»، مؤكداً أن بعض هذه الأجهزة رفضت انضمام شخصه للائتلاف فيما رشحته أجهزة أخرى.
مراجعة سريعة لتصريحات الرئيس السابق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب تعيد المتابع إلى الحلقة ذاتها. التصريحات تكشف عن أن سوريا ليست سوى ملعب لأجهزة استخبارات، غالبيتها يتبع لـ«أصدقاء» الشعب السوري. ويقول الخطيب إنّ هناك «عشرات الأجهزة الغربية التي تأكل وتنام في بيوت بعض أبناء السوريين». الشيخ الدمشقي لم يخض في التفاصيل. لكن حينها، انتقد البعض آلية الاستقالة، والتي تقدم بها للدول الغربية، في حين كان يتوجب عليه تقديمها للأمانة العامة للائتلاف.
بلغة يائسة، يصف اللبواني الطريقة التي شُكل خلالها الجسم المعارض في الدوحة بـ«المهزلة». كذلك يوضح أنّ «النظام الداخلي» لمؤسسة المعارضة الرئيسة مهمته «تعطيل» «الائتلاف». وقال: «وقعونا على اتفاقية الدوحة وليس على هذا النظام الداخلي». ذلك دون أن ينسى الإشارة إلى معاناة «الائتلاف» المالية، وشحّ ميزانيته دون ذكر التفاصيل.
وشُكِّل «الائتلاف الوطني السوري» في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2012، أثناء اجتماعات المعارضة في العاصمة القطرية. وعُقد اجتماع الدوحة ردّاً على الضغط الذي مارسته دول غربية من أجل تشكيل تكتل معارِض أكثر تنوّعاً وشمولاً من «المجلس الوطني السوري».
وبعد أيام على تشكله، اعترفت الدول الأعضاء في الخليج بالائتلاف «ممثلاً شرعياً» للشعب السوري، وتبعتها جامعة الدول العربية (ما عدا الجزائر والعراق ولبنان). كذلك اعترفت به فرنسا وتركيا وإسبانيا وبريطانيا. وفي ديسمبر/ كانون الأول، اعترفت واشنطن بالائتلاف، ثم تبعتها 100 دولة خلال مؤتمر «أصدقاء سوريا» في مراكش، المغرب.
ولا شك في أنّ صراحة اللبواني، المُقيم في العاصمة السويدية استوكهولم، قد فاجأت مُقدم البرامج، الذي لفت، من جانبه، إلى خطورة هذه التصريحات ومدى وقعها السلبي على الشعب السوري. غير أنّ الكلام الآنف، تأكد في الحلقة ذاتها، عبر الضيف الآخر. إذ أكد سمير نشار حديث زميله في «الائتلاف» أنّ هذه المؤسسة ليست «صناعة وطنية سورية»، كما أكد أن هذه المؤسسة مختصرة في «4 أو 5 أشخاص هم رئيس الائتلاف ونائباه والأمين العام».
وبحسب عضو اللائتلاف، ميشيل كيلو، ستكون هناك توسعة قريبة في «الائتلاف»، بعد الاتفاق مع «المجلس الوطني الكردي» للانضمام إلى هذه المؤسسة التي يصفها كيلو بـ«الجامعة الوطنية». وشهد «الائتلاف» توسعة قبل نحو ثلاثة أشهر، ليرتفع العدد من 63 عضواً إلى 114. حيث رافق عملية التوسعة اجتماعات مطولة، شهدت تدخلاً من سفراء عدد من الدول «الصديقة» و«الحليفة»، وصلت إلى حد تدخل وزراء خارجية كلّ من تركيا وقطر.