معلولا، أميرة صغيرة هربت من الفردوس، وغفت ونسيت نفسها في حضن ذاك الجبل. بهذه الجملة المعبّرة تفتتح صفحة «معلولا حكاية أرض وتاريخ» على موقع «فايسبوك».
وبينما كانت الأخبار الكاذبة تتوارد عن مجزرة ارتكبتها «جبهة النصرة» بشراكة «الجيش الحر» بين أهالي المدينة، أكدت الصفحة، عبر بيان نشرته، سلامة جميع أهالي المدينة، قبل أن تنفي ما انتشر من إشاعات وتهويل في بعض الشبكات والمواقع بنَفَس طائفي ومذهبي.
ثم نفى المسؤول عن الصفحة خبر إحراق كنيسة «مار الياس» أو دير «مار تقلا» أو غيرها من الكنائس، مؤكداً أنّ جميع الفيديوات المنتشرة على «يوتيوب» والصفحات تم تصويرها أثناء وجود المسلحين وقبل انسحابهم صباحاً بعد تدخل الجيش السوري.في المقابل انتشرت بعض مقاطع الفيديو على «يوتيوب»، وبدا واضحاً تصويرها على جناح السرعة وبجودة منخفضة جداً، وفيها تظهر سيارات «ثوار بابا عمرو» المطلية بالطين، ويتوجهون نحو معلولا. وفي فيديو آخر تظهر سيارة محملة برشاش دوشكا في ساحة البلدة الأثرية، وهي تلقي الرصاص عشوائياً على بيوت موصدة النوافذ وشوارع خالية هجرها أهلها فور دخول المسلحين إليها، بينما أثار المقطع الذي يظهر فيه أحد قادة «الجيش الحر» ليوصي رفاقه بسبب الوصية المفبركة بعدم التعرض للمدنيين والمقدسات وأبناء الوطن المسيحيين بعض الضجيج الافتراضي! ويدّعي أنهم جاءوا ليحموا أهلها، فيما تظهر في شريط آخر حفنة من المسلحين وهم يتكلمون بجمل ركيكة يؤكدون فيها سيطرتهم المطلقة على البلدة وخلوّها من «عصابات الأسد»، رغم أنّ القرية التاريخية لم يكن فيها أي وجود للأمن الرسمي عدا عدداً من الحواجز المحيطة بها من الخارج، علماً بأن بعض سكانها الذين نزحوا إلى دمشق صرّحوا لـ«الأخبار» بأنّ المسلحين اقتحموا فندق السفير على أطراف البلدة، وحولوه إلى غرفة عمليات أثناء معاركهم في قرى وبلدات جبال القلمون (رنكوس وعسال الورد ويبرود والنبك). ولم يسبق أن تعرضوا للبلدة الأثرية التي تعتبر مصيفاً لأبنائها المسيحيين والمسلمين. لكن بمجرد دخول المسلحين شهدت البلدة نزوحاً كبيراً للنساء والأطفال نحو دمشق. من جهة أخرى، يؤكد هؤلاء الأهالي سلامة دير مار تقلا وكنيسة مار الياس. في هذه الأثناء، كانت صفحات السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي تشتعل بالتعليقات الوجدانية وشموع الكنائس ومآذن المساجد ليتوحد الصوت في وجه العبث بالمقدسات والتراث والتاريخ، ويتغنى بحالة التآخي التي تعتبر معلولا نموذجاً له.