دمشق | «يمكن لصواريخنا أن تطاول تل أبيب وقطر وكل الدول التي تعادينا إن شئنا»، عبارة قالها أحد القادة الميدانيين على الأراضي السورية. كلام الرجل لم يأتِ كتصريح صحافي، إنما كان كلام العارف الواثق في حديث ودّي. وقفة لا بدّ منها أمام مثل هذه العبارة، إذ لربما ليست قطر المستهدفة كدولة ذات سيادة، بل القاعدة الأميركية هي الهدف. كل الاحتمالات بالنسبة لمقاتلي الجيش السوري تتحدث عن شكل الرد العسكري السوري في مواجهة الضربة الأميركية التي تشغل بال السوريين ووسائل الإعلام.
لا ينكر الرجُل أن لدى السلطات السورية مضادات أرضية تفي بالغرض في مواجهة أي عدوان، كما لا يُنكر ما يُقال عن وجود صواريخ مضادة يمكن استخدامها لإيقاف الصواريخ المعادية. ويضيف: «الأمر معروف، إذ إننا لم نكن نجلس كل هذه السنوات نتفرج على المتغيرات العالمية». يُجمِع عسكريون ومحللون سوريون على أن الاختراقات الإسرائيلية للأجواء، والضربات المحدودة السابقة لم تجرّ النظام إلى الرد من خلال عمل عسكري ممنهج وفوري، إنما من الواضح أن العدو يعرف جيداً أن لدى السوريين ما يشغل باله من وسائل دفاعية. معلومات عسكرية متفرقة من هُنا وهُناك تتحدث عن صواريخ منصوبة ضمن الأراضي السورية وعلى الحدود، يمكن أن يصل مداها إلى مئات الكيلومترات، ما قد يهدّد أمن دول عدة تعمل على الإطاحة بالنظام السوري منذ سنوات، والمهدد الأبرز أمن الكيان الصهيوني. لا خوف على المواقع الاستراتيجية المتوقع ضربها، بحسب أحد العسكريين، فالسلطات اتخذت إجراءاتها الاحترازية لحماية بعض المواقع المستهدفة، من خلال تقنيات يرفض الجميع التصريح عنها. رصد البحر والحدود هو هاجس الجيش السوري مؤخراً، دون أن يمنع ذلك عسكريين آخرين من متابعة العمليات العسكرية في وجه متمردي الداخل وحلفائهم من الجنسيات المختلفة ممن تقاطعت أهدافهم مع أهداف العدوان الأميركي المحتمل. ويتناقل السوريون أخباراً باتت معروفة عن تغيير مواقع عسكرية هامّة وإخلاء مواقع أُخرى ممن فيها، تزامناً مع تصاعد وتيرة التصريحات الأميركية والدولية. إذاً، الجيش السوري على أهبة الاستعداد، وهذا يُضاف إلى استنفار كبير لدى حلفائه في الجوار والخارج، حيث ليس خافياً استعداد عناصر حزب الله اللبناني المستنفرين على الحدود السورية وفي الجنوب اللبناني، للرد على أي عدوان محتمل. إمكانية الرد، بالنسبة للجيش السوري، ممكنة من أي نقطة أو مدينة على الأرض السورية. وفي وقت يتبادل السوريون النكات عن توقف الأحوال جميعها بانتظار الناس للضربة العدوانية الأميركية، وصولاً إلى تحضير مؤن الشتاء، تتوقف بعض الأعمال العسكرية داخل البلاد، وتقتصر على اشتباكات متفرقة أو مدفعية ترد على صواريخ يضربها مسلحو المعارضة بين وقت وآخر. العسكريون السوريون يودّعون ذويهم، آملين اللقاء خلال فترة ما بعد الحرب، إذ لا أحد لديه السيناريو المحتوم لشكل العدوان القادم وآلية الرد عليه. لا يكشف السوريّ أوراقه جميعها، ولا يمكن الحصول على إجابة منه عن حقيقة مقدّراته العسكرية وأنواع أسلحته وصواريخه. يمكنه فقط أن يقول معلومات بسيطة عمّا لديه من عتاد وذخيرة وأنواع أسلحة متطورة. فيما تتّجه أنظار كل عسكري يمكن سؤاله عن الأهداف السورية المحتملة إلى الهدف الأقرب الذي يكمن في عرض البحر. أمرٌ يفتح التساؤلات أمام السوريين في حال حصول الاعتداء فعلاً، حول احتمالات مشاهدة بوارج أميركية مرشحة للتدمير، وهو احتمال ليس مستحيلاً في ضوء القدرات العسكرية السورية، وما أثبتته قدرات حزب الله اللبناني في حرب تموز 2006.