القاهرة | لم تكن أخطاء «الإخوان المسلمين» في حكم عام، كافية لإقصائهم عن المشهد السياسي في مصر كما يريد الحاكم العسكري الفعلي، لذلك كان هناك توجه لشيطنتهم كما ظهر من خلال الحملة الإعلامية الفاضحة، والاتهامات الفضفاضة التي أباحت حملة اعتقالات نالت من معظم كوادرهم وقياداتهم، سهل هذه الحملة في كثير من الأحيان ردّ فعل بعض الإخوانيين العنيفة، بالأقوال والأفعال. وصلت الحملة الأمنية ضدهم إلى حدّ إقصاء بعض الأعضاء أو المتعاطفين معهم، ليس من المشهد السياسي فقط، بل من الحياة الاجتماعية عموماً، وكان آخرها وقف آلاف الأئمة عن العمل، ووقف مئات الطلاب الذين شاركوا في اعتصامي «رابعة العدوية» و«النهضة»، المناصرين للرئيس المعزول محمد مرسي، وشارك فيها فئة واسعة من الداعمين للجيش، كالمؤسسات الإعلامية وهيئات رسمية أمنية والتعليمية وتيارات سياسية ومدنية، مدعومين في بعض الأحيان بقرارات قضائية.
«مصر ضدّ الإرهاب»، شعار رفعه الإعلام المصري قبل فض اعتصام «رابعة»، ولا يزال متداولاً على نطاق واسع في مختلف القنوات التلفزيونية، في إشارة إلى أن الإرهاب متمثل في جماعة «الإخوان المسلمين» دون غيرها. وظلت محاولات الشيطنة ناشطة عبر ألسنة المذيعين الرئيسين بكافة القنوات التي حولت بوصلتها من مساندة ثورة «يناير» لمساندة مسار تصحيحها في «30 يونيو».
جمعية «الشرطة والشعب» طالبت عبر لسان أمينها العام الدكتور إيهاب يوسف، وزارة الداخلية بالتصدي للهجمات الإرهابية قبل وقوعها، مضيفاً: «إننا نتعامل مع جماعة الإخوان الإرهابية، التي لديها خسة وعنف أكثر من إخوان فترة الثمانينيات»، موضحاً أن «ما يفعله الإخوان من جرائم يبتعد عن الدين والمعاملة الحسنى».
أما التيارات السياسية فنشطت باتجاه محاولات حظر تنظيم «الإخوان المسلمين»، من أجل منعه من العمل المدني والسياسي بشكل رسمي، حيث أعلن حزب التجمع اليساري المصري قبل يومين تحريكه دعوى لحظر تنظيم جماعة «الإخوان المسلمين»، مشيراً إلى أنه حُدِّدت يوم الأحد المقبل جلسة النطق بالحكم في الدعوى المقامة والمرفوعة أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة. وطالب الحزب في دعواه بحظر أنشطة تنظيم «الإخوان المسلمين» في جمهورية مصر العربية، وكذلك الجمعيات التي تتلقى التبرعات ويكون من بين أعضائها أحد أعضاء «الإخوان»، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والمنقولة والنقدية، سواء كانت مملوكة لها أو مؤجرة لها، وكذلك كافة الأموال والعقارات والمنقولات والأموال المملوكة للأشخاص المنتمين إلى الجماعة، ووضع هذه الأموال تحت إدارة إحدى اللجان المستقلة المشكلة من مجلس الوزراء وجعل تبعيتها إلى مجلس الوزراء إدارياً وقانونياً ومالياً لحين صدور أحكام قضائية نهائية وباتة بشأن ما نسب إلى الجماعة وأعضائها من اتهامات متعلقة بالأمن القومي وتكدير الأمن والسلم العام، مع إضافة المصروفات على عاتق الخزانة العامة.
تأميم الجماعة لم يكن فقط عبر دعوى التجمع القضائية، بل بدأت السلطة باتخاذ إجراءات قاسية في بعض المحافظات تجاه أعضاء الجماعة، ومنها وقف التعامل الحكومي مع المدارس التعليمية التي يمتلكها أعضاء الجماعة أو كانوا مساهمين فيها، وكانت أولى هذه الخطوات إقالة وزير التربية والتعليم لجميع القيادات الإخوانية داخل الوزارة.
ورأى وزير التربية والتعليم، محمود أبو النصر، أن إقالة القيادات الإخوانية بالوزارة، جاء لوقف إهدار المال العام والحفاظ على تماسك العمل الوزاري والقضاء على إثارة الفتنة والانشقاقات داخل الوزارة. ورداً على اتهامه بـ«العسكرة» بعد إقالة كل القيادات الإخوانية في الوزارة، قال إن إقالة تلك القيادات الإخوانية جاء لتأخر القيادات وغيابها التام عن العمل نتيجة تواصل التظاهرات واحتجاجات دعم الشرعية، ما عطّل العمل الوزاري، وبناءً عليه، جرى تنبيه القيادات وتحذيرها، وعند تجاهلها الأمر قامت الوزارة بطلب استقالتهم.
لم تتوقف الاتهامات عند هذا الحدّ، بل تحول مجرد حمل سترة تحمل شعار «رابعة العدوية»، المكون من الأصابع الأربعة، أو صورة الرئيس المعزول محمد مرسي، الى تهمة كفيلة بإلقاء القبض على حاملها، ولم تكن ملفقة بل واضحة وقانونية وهي حمل شعار «رابعة»، وهو ما حدث مع العشرات من المصريين. ولا يزال مسلسل ابتداع الاتهامات مستمر الى حين إشعار آخر.