الفن والأدب من الأساليب النضالية التي استخدمها الفلسطيني بكافة المجالات، فكانت السينما وكان المسرح والشعر والقصة والرواية. في المخيمات البعيدة، على أرض الشتات، وفي زمن انحسار المقاومة المسلحة، ثمة شاب فلسطيني من مخيم اليرموك اسمه محمد نور تميم، لا يكتب الأدب، ولا يصور الأفلام، وليس مسرحياً، لكنه رياضي من الطراز الأول يمارس لعبة «الكاراتيه» و«التايكونجيتسو» حمل اسم فلسطين، ورفع علمها في عدة بطولات عربية ودولية.
محمد خريج جامعي، درس الأدب الإسباني في جامعة دمشق، وعمل في عدة أماكن في مهن مختلفة كالكثير من شباب المخيمات الفلسطينية، ولأنه ينتمي إلى الاتحاد الرياضي الفلسطيني، فقد عانى محمد الأمرين في مسألة تمرينه الذي واظب عليه في مواقيته؛ إذ لم يهيّئ الاتحاد الفلسطيني لشاب كمحمد أقل الإمكانات التي يتطلبها رياضي متفوق. لو كان محمد ينتمي إلى أي اتحاد آخر، لتُرك متفرغاً لتمارينه ونجاحه الرياضي، ما دام يريد ذلك.
بدأ محمد اللعب في عمر مبكر، في نادي جنين الرياضي بمخيم اليرموك، ومحمد اليوم واحد من النازحين في لبنان، يتلقط رزقه، من درس خصوصي إسباني هنا وهناك، أو درس رياضة لمترف(ـة) ما. منذ نحو أسبوعين وجد نفسه أمام مسؤولية إقامة بطولة لبنان العربية، وهناك قرار عربي بمنع الاتحادين السوري والفلسطيني في سوريا من المشاركة في البطولات العربية، لكن قرر محمد المشاركة باسم المنتخب الفلسطيني، وجاء يوم الافتتاح، منتخبات تخرج أمام الجمهور بأعدادها، ومدربيها، إلا منتخب فلسطين، خرج بثلاثة لاعبين. وحده محمد رفع علم بلاده بعد تتويجه بالمركز الأول عن وزنه (تحت 82) في البطولة.
ويتحدث محمد عن إحدى البطولات التي خاضها في الأردن في بطولة عيد ميلاد الملك عبد الله الثاني الدولية، عندما هزم اللاعب السعودي في اللعبة النهائية قبل التتويج حيث حصل أيضاً على مركزها الأول، وميداليتها الذهبية، يقول مستغرباً: «وجدت اللاعب السعودي يسجد على الأرض، وكادره الخاص كلاعب توجه إليه مهنئاً، فاستغربت، هل ثمة خطأ، فأنا الذي كسبت المباراة النهائية، والحكم رفع يدي معلناً ذلك. فرحة اللاعب السعودي كانت لحصوله على المركز الثاني. وعرفت في ما بعد أن اتحاده قدم له مبلغاً كبيراً لنتيجته، ومثله اللاعب الأردني الذي توج في المركز الثالث»، فسألته: «وأنت ماذا قدم لك الاتحاد؟»، فكانت الإجابة ابتسامة فهمتها، لكوني ابن الحالة الفلسطينية... «لم آخذ أي شيء»، ولكن سعادتي كانت في عزف النشيد الوطني مع رفع العلم الفلسطيني.
محمد الذي أخذ ما يريده وطنياً، واتحاده الذي قال له شكراً، والعلاقة بينهما، علاقات لا تستحق التوقف فقط للتأمل، بل لأن الفلسطيني المظلوم من مؤسساته التي يجب أن تكون راعية، لا بأس عليه إن غادرها وتمرد عليها، وأكمل مشواره «الفدائي» وحده.
أسأل محمد هل اتصل بك أحد من الاتحاد الرياضي الفلسطيني العام، ليهنئك على الأقل، فكانت الإجابة نفياً، هل أتى أحد من السفارة الفلسطينية من لبنان، ليسأل مَن هذا الشاب؟ وكذلك كانت الإجابة بالنفي.
من سيلوم محمد لو صرخ، أو لو خرج متحدياً بعض المتربعين على المقاعد حسب الحصص داخل المؤسسات الفلسطينية الرسمية، ليقول لهم: هرمتم، فردوا إلينا الطريق.



محمد بطل سوريا

محمد نور تميم من مواليد 1992، وهو متخرج في جامعة دمشق كلية الآداب ــ قسم الأدب الإسباني. فاز الشاب بعدة بطولات في لعبتي «الكاراتيه» و«الكوانتجيتسو» منها: بطولة الجمهورية العربية السورية 2009 (المركز الأول) وبطولة الجمهورية العربية السورية الكاتا الفردي (المركز الأول) ميدالية ذهبية. بطولة دمشق للكاراتيه لخمس سنوات (2001/2005) بطولة عيد ميلاد الملك عبدالله الثاني الدولية الأولى (2009) (المركز الأول) والميدالية الذهبية، وبطولة عيد ميلاد الملك عبدالله الثاني الدولية الثانية، ذهبية أفضل لاعب في البطولة...