سكوت موديل*، ديفيد أشر** في ظلّ الشكوك حول الدعم الرئاسي لتدخل عسكري في سوريا، ووضع قوة أميركا وهيبتها على المحك واستخدام النظام السوري للغاز ضد شعبه، يحتاج الرئيس باراك أوباما إلى خطة «ب» في سوريا. فإحالة سياسة أسلحة الدمار الشامل إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن تسهم في وقف آلة القتل الحكومية السورية.
لحسن الحظّ، يوجد خيار استراتيجي قد يكون أكثر فاعليةً ضد الرئيس السوري بشار الأسد وداعميه الإيرانيين وأتباعهم في حزب الله. فعلى إدارة أوباما أن تذهب أبعد من العقوبات لتحشد تحالفاً من الراغبين في الانضمام إليها وتبدأ بشكل مكثّف في استهداف عناصر أساسية في بنية الدعم المالي والاقتصادي واللوجستي السورية، بما فيه الدعم الآتي من إيران وحزب الله.
فعلى الرغم من العقوبات، تستطيع سوريا وحلفاؤها الاعتماد على بنى تحتية أساسية مشبوهة وشريكة وفاسدة، من مرافئ ومعابر حدودية وخطوط جوية ومصارف وشركات شحن.
ولتحييد مصادر الدخل هذه، يجب بذل جهود غير حركية للاحتواء والعرقلة تحيط بمنطقة النزاع في سوريا وتحدّ من تدفق الرجال والمال والموارد إلى نظام الأسد. فهذه الاستراتيجية المترافقة مع حملة قصف دقيقة تستهدف مصادر أساسية يعتمد عليها النظام نجحت في كوسوفو وقد تنجح في سوريا أيضاً.
وعلى هذه الإجراءات أن تشمل التالي:
ـــ الضغط على نقاط أساسية في البنى التحتية التي يستند إليها الأسد مثل المطارات والمعابر الحدودية والمرافئ البحرية. فمجرد التهديد بتقليص أو وقف منح حقوق الهبوط للخطوط الجوية التي تسيّر رحلات إلى مطار بيروت الدولي من الولايات المتحدة سيقود إلى المزيد من التعاون. فعلى السلطات اللبنانية أن تستعيد السيطرة على المرافئ البحرية والمطارات وغيرها من البنى التحتية التي يتحكم بها حزب الله ويسمح من خلالها بمرور كلّ شيء، من أموال نقدية تمّ الحصول عليه بوسائل جرمية إلى السلاح والمقاتلين وغيرها من المواد الفتاكة. فالمرور بدون عراقيل للمقاتلين الشيعة من العراق ولبنان إلى سوريا بات من العوامل الأساسية في هذا الصراع ويتعين التعامل معه بشكل ملائم.
ـــ حملة دولية ضد «شبكة التهديد الإيرانية». منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا، أكد مسؤولون إيرانيون بشكل متكرر أن الأسد كان ليسقط لولا الدعم الإيراني. ولا يعني ذلك الدعم العسكري من إيران وحزب الله للقوات الموالية للأسد على الجبهة الأمامية فقط، بل أيضاً هناك طيف واسع من المسهلين وخطوط التواصل الداعمة لـ«شبكة التهديد الإيرانية».
ومع الرفض القاطع لتعريض الجنود الأميركيين للخطر، يجب أن ينصب التركيز على عرقلة وتفكيك الممرات غير الشرعية التي ستستمر في الوجود لوقت طويل بعد انتهاء الضربات الجوية الأميركية.
ــــ دور أكبر لإنفاذ القانون. يتعين التعامل ومهاجمة شبكات العمليات الخارجية التابعة لإيران وحزب الله من خلال جهات إنفاذ القانون وليس عمليات مكافحة الإرهاب فحسب. فيجب على «مبادرة تسهيل مواجهة التهديد» أن تستهدف الأعمال غير الشرعية وتدفقات المداخيل من خلال عمليات إنفاذ قانون مخطط لها استراتيجياً لمهاجمة خطوط الإرهاب والجريمة التابعة لإيران وحزب الله عبر أنظمة التجارة والمصارف العالمية. وتتعامل إدارة مكافحة المخدرات الأميركية ووزارة الخزانة مع حزب الله على أنه مافيا منذ سنوات، وهذا العمل الناجح يجب أن يتوسع أكثر.
ـــ ملاحقة أموال نظام الأسد. إن النظام المصرفي اللبناني هو مركز الجاذبية الأساسي للأسد وحزب الله، وهو مسلك لإيران إلى النظام المالي العالمي. وبما أن الاقتصاد اللبناني في 70% منه بالدولار، لا يمكن للمصارف الصمود بدون حسابات مقابلة في نيويورك. وحيث إن مصارف لبنان لديها سمعة سيئة في ما خصّ غسل الأموال لصالح عصابات المخدرات، من ضمنها بالشراكة مع نظام الأسد وشريكه في الجريمة حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، فذلك يزيد من هشاشة الاقتصاد. وقد ظهرت قوّة الإجراءات المالية ضد شبكة العمل الإيرانية في لبنان حين أدرجت وزارة الخزانة المصرف اللبناني ـــ الكندي، وأصوله 5.5 مليارات دولار، تحت البند 311 من قانون مكافحة الإرهاب في شباط 2011. وبموجب ذلك أقصي البنك عن الولايات المتحدة ما أدى سريعاً إلى إغلاقه. كذلك كشفت تحقيقات إدارة مكافحة المخدرات في عمليات غسل الأموال الكبرى التي قام بها المصرف، فإن المصرف كان مصرف حزب الله الرئيسي ولديه صلات عميقة مع الأسد وإيران. وقد أشارت وزارة العدل إلى هذه الوقائع من خلال إجراء غير مسبوق بحجز 483 مليون دولار من المساهمين بينهم أولئك الذين يعتبرون واجهةً لحزب الله. ويمكن لخطوات مماثلة من قبل وزارة الخزانة ووزارة العدل أن تتوسع لتشمل كافة المصارف الإجرامية في لبنان التي تعمل كواجهة للأسد وإيران وحزب الله. كما على الحكومة الأميركية أن تستهدف المصرفي الأساسي التابع للأسد، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي عين في منصبه من قبل حافظ الأسد عام 1992، وهو وفيّ لأسياده في دمشق.
هذه مجرد طرق بسيطة يمكن من خلالها للولايات المتحدة وحلفائها أن تعمل معاً لمهاجمة الأسد وداعميه بطريقة لا حركية وأكثر فاعليةً. وفيما تنظر إدارة أوباما في الخطوات التالية في ما يتعلق بسوريا، عليها أن تدرس عن كثب إعادة ترتيب مقاربتها الكاملة للشرق الأوسط وتسأل ما الذي سيضعف فعلاً الأسس الاستراتيجية والقدرات الخارجية والسورية بالإضافة إلى شبكة العمل الإيرانية الأوسع؟
(نقلاً عن «فورين بوليسي)
(ترجمة هنادي مزبودي)

* مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية
** مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية
(مؤلفا كتاب «الدفع إلى الخلف: مواجهة شبكة التحرك الإيرانية» الصادر مؤخراً عن مركز «الأمن الأميركي الجديد»)