تفويض تام للجيش، وتهليل وترحيب بمختلف عملياته الى حدّ غضّ النظر عن أي انتهاكات وتجاوزات، الإصرار على إدانة «الإخوان»، حكمهم السابق وعنفهم الحالي، وحنق دفين عليهم جرّاء أعمالهم، مع الحرص على عدم الإقرار بعملية إقصائهم، والسماح بإعطاء فرصة «للشباب والمسالمين» منهم، للمشاركة في الحياة السياسية، مواقف عبرت عنها كلمتا كل من المتحدث السابق باسم حركة «كفاية»، جورج اسحق، والقيادية السابقة بجبهة «الإنقاذ الوطني»، نيفين مسعد، في ندوة عُقدت في مركز عصام فارس في بيروت مساء أول من أمس.
مواقف تعكس حماسة مختلف القوى السياسية، التي شاركت في تحركات «30 يونيو»، تجاه الجيش المصري، وإعطائه التفويض التام لضرب حركة «الإخوان المسلمين»، بيد من حديد، وتحميل الأخيرة مسؤولية كل الفوضى والخراب الذي حلّ بالبلاد، من دون أن يوجّه أي انتقاد على الانتهاكات التي حصلت خلال فض اعتصامات «الإخوان» في «رابعة» و«النهضة»، أو ما يجري في سيناء، وان صدر جاء خجولاً، كي لا يقلل من شدّة الامتنان للجيش على تخليصهم من الفزاعة الإخوانية.
وأقرّ اسحق بحصول انتهاكات وجرائم خلال فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة»، مشيراً الى أن أعداد القتلى أكبر بكثير مما أُعلن، وأن جثثاً كثيرة وُجدت عند منصة الاعتصام بعد فضّه، وأنّ هناك كثيرين قُتلوا بطلق ناري من الأمام. غير أنّه لم يوضح من الذي ارتكب هذه الجرائم، الشرطة والجيش أم مناصرو الرئيس المعزول. وقال إنهم شكلوا لجنة تحقيق في الأحداث. وتطرق الى الجرائم التي ارتكبها مناصرو مرسي، خصوصاً اعتداءاتهم على الكنائس والأديرة ومنازل الأقباط، مشدّداً على أنّ جماعة «الإخوان» يريدون هدم الدولة «والدولة خط أحمر».
وتحدث عن دلجا التي دخلها الجيش خلال الأيام الماضية وسيطر عليها، بعد «الاعتداءات التي ارتكبها الاسلاميون ضدّ المسيحيين»، هناك، وقال إن 150 أسرة أخرجت من ديارها، وفُرضت على المسيحيين الجزية بصفتهم أهل ذمّة.
واستفاض المناضل السياسي بالحديث عن دور الجيش الوطني، ورفض ما يقال من أنه فرض خارطة الطريق، بل كانت القوى السياسية التي وضعتها.
وأكد على أنه لو لم يتدخل الجيش في «30 يونيو» لكانت وقعت حرب أهلية، مشدّداً على أن الجيش يحمي ولا يحكم، رافضاً بخجل أن يترشح وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي الى الرئاسة، بتأكيده على أنّه يجب الحفاظ عليه رمزاً وطنياً.
وبالنسبة إلى اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، أثنى عليها، وقال إنها تمثل جميع فئات المجتمع المصري، وإن المسودة التي تعمل عليها ستخضع للنقاش والتحليل، و«لن تُقرّ أي مادة الا بموافقة 70 في المئة من المجتمعين»، ولم يذكر الإجماع، رغم أنّ الدساتير يُفضّل إقرارها بالإجماع وليس بتصويت الأغلبية. وفي ردّ على سؤال لـ«الأخبار» حول استبعاد «الإخوان» من اللجنة التأسيسية لوضع الدستور، وهو ما يعني إقصاءً فعلياً ومقونناً لفئة أساسية في المجتمع، بما أنّها لن تشارك في وضع الدستور الذي ستخضع لأحكامه، أجاب اسحق إنه جرى توجيه دعوة للجماعة من أجل المشاركة في وضع الدستور غير انهم رفضوا، كما دُعوا الى المصالحة الوطنية أيضاً ورفضوا لعدم اعترافهم بشرعية أحد سواهم.
استاذة العلوم السياسية والقيادية السابقة بجبهة «الإنقاذ الوطني»، نيفين مسعد، شاركت زميلها بالثناء على الجيش والامتنان له ولقائده على القرارات والخطوات التي خلصت المحروسة من الاقتتال الأهلي، وأنقذتها من النظام الإخواني، الذي أراد تغيير هوية مصر، وإعلان الخلافة الإسلامية؛ الهدف غير المعلن عنه لجماعة «الإخوان». واشارت الى أنها كانت حاضرة خلال زيارة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، عرض خلالها إقرار الخلافة الإسلامية. وأكّدت أن تغيير هوية الدولة هو الجريمة التي لم يكن يمكن السكوت عنها لـ«الإخوان».
وتطرّقت مسعد الى المؤتمر الذي عُقد حول سوريا، وأُعلن خلاله الجهاد، وقالت إنه جرى «سب الشيعة» امام الرئيس مرسي في حينها، وهو ما أدى الى ارتكاب مجزرة ضد الشيعة بعدها، لكن الرئاسة لم تصدر أي إدانة. وذهبت الى حدّ القول إنّه بات هناك «شعب الإخوان وهوية الإخوان»، وان الأمر وصل الى حدّ التأثير على العلاقات الخارجية، حيث جرت أخونة القضية الفلسطينية، وباتت ادارة العلاقات الخارجية تقوم على أساس إيديولوجي. وقالت إن نظام مرسي كان نظاماً انتهازياً، وقد ظهر ذلك بقوة من خلال تفاوضه للحصول على قرض الصندوق الدولي، حين أقر أن الضرورات تبيح المحظورات، وطرح الصكوك الاسلامية.
واعتبرت أن نظام «الإخوان» كان حليفاً قوياً للولايات المتحدة لأنه كان نظاماً ليبرالياً من الناحية الاقتصادية، وكان قادراً على كبح جماح المقاومة، وتعهد بالحفاظ على اتفاقية «كامب دايفيد». وفي ردّ على سؤال لـ«الأخبار» حول إن كان النظام المقبل سيحمي المقاومة، بما أن «الإخوان» كانوا بالنسبة للأميركيين الكابح لها، خصوصاً في ظل المؤشرات السلبية التي تظهر من خلال عملية «تأديب حماس» التي يقوم بها الجيش حالياً، قالت مسعد إنّ الحديث هنا يتعلق بأي مقاومة، فان كان القصد «حماس»، فالنظام المقبل، حسب اعتقادها، لن يدعمها، لكنه حتماً سيدعم المقاومة الوطنية الجامعة في فلسطين.
وتطرقت مسعد الى الشباب الذين قادوا ثورة «30 يونيو»، وقالت إنهم قوميون ووطنيون، وانّ رئيس حملة «تمرد»، محمود بدر، كان قد تسلق السفارة الاسرائيلية كي ينزل العلم الاسرائيلي في إحدى التظاهرات.
وكان لافتاً أن أياً من اسحق او مسعد لم يتطرقا الى العملية الجارية في سيناء، غير أن مسعد قالت لـ«الأخبار»، إنها تشارك القلق حول العمليات العسكرية التي يقودها الجيش هناك، وإنه يجب على الأخير إطلاع الشعب المصري على ما يجري بالتفصيل، والا يكتفي بالقول إنه يقضي على البؤر الارهابية، خصوصاً في ظل عمليات القصف العشوائي التي جرت، وسقوط ضحايا من المدنيين، بعضهم من النساء والأطفال. وقالت إنهم سيعملون من أجل التحقيق في هذا الأمر.