دعت الرئاسات الثلاث في العراق موقّعي «وثيقة الشرف الوطني» إلى احترام تواقيعهم، وفيما اعربوا عن أملهم بأن تخرج الوثيقة إلى ارض الواقع، اكدوا أن المقاطعين لـ«مؤتمر السلم الاجتماعي» سيجري التواصل معهم لإقناعهم بتوقيع الوثيقة. وتمنى نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي في مؤتمر صحافي عقده مع رئيسي مجلس الوزراء نوري المالكي، ومجلس النواب اسامة النجيفي وعدد من قادة القوى السياسية، في مبنى القصر الحكومي وسط بغداد، من موقّعيها «احترام تواقيعهم لأن الشعب سيحاسبهم اذا نقضوا هذا العهد».

من جانبه لفت رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي إلى أن«الذين لم يحضروا إلى المؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي لا نعتبرهم مقاطعين للاجتماع وسنستمر في حواراتنا والاستماع الى آرائهم».
من جهته اكد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي أن «الذين ارادوا أن تخرج الوثيقة إلى ارض الواقع وقاطعوا المؤتمر عليهم الاستمرار معنا في المسيرة لحين تحقيق نتائج ايجابية بموجب وثيقة السلم الاجتماعي».
وكانت الرئاسات الثلاث والقوى السياسية قد وقعت في وقت سابق أمس وثيقة السلم الاجتماعي لحل الازمة السياسية في البلاد، بعد ساعات من عقد المؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي في القصر الحكومي وسط بغداد.
وعقد المؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي، الذي دعا اليه نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، بحضور رئيسي الحكومة نوري المالكي ومجلس النواب اسامة النجيفي وزعيم التحالف الوطني ابراهيم الجعفري، وجمع من قادة الكتل السياسية ومسؤولين محليين وزعامات عشائر، وفيما غاب عن المؤتمر الرئيس جلال طالباني، الذي يتلقى العلاج في المانيا، وزعيم «القائمة العراقية» اياد علاوي، والقيادي في القائمة صالح المطلك، ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.
وفي كلمة له خلال مراسم توقيع الوثيقة، شدد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، على ضرورة بقاء العراق بعيداً عن الصراعات الطائفية في المنطقة الإقليمية، داعياً القادة السياسيين إلى تحويل العملية السياسية إلى حاضنة للتعايش السلمي.
وأوضح الخزاعي أن «التحديات الكبرى التي تحيق بالبلاد في ظرف شديد الخطورة، تستوجب توحيد الجميع»، مضيفاً أنه «لا بد من استمرار واستثمار النضج السياسي في الحراك المكثف لتقريب وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين».
بدوره، وصف رئيس الوزراء نوري المالكي، جلوسه وقادة الكتل السياسية لتوقيع وثيقة الشرف والسلم الاجتماعي، بأنهم كانوا «مكرهين» على ذلك، داعياً الجميع إلى الالتزام ببنود تلك «الوثيقة».
وأكد المالكي أن الوثيقة ليست «بديلاً من الدستور ومن السلطات الثلاث، ولا نريد أن نؤلف حكومة جديدة، بل انطلقنا من تشخيص المشاكل التي نحن بها».
وشدد على أن خطورة ما يحدث في العراق والمنطقة تدفع العراقيين جميعاً إلى انجاح الوثيقة لمواجهة الخطر الذي يحدق بالبلاد.
ولفت المالكي إلى أن «العراق في قلب العاصفة، وسيكون هدفاً بانعكاسات تلك الفتن، وخاصة لما يجري في سوريا»، واصفاً «المنطقة»، بأنها «اصبحت في حالة انفجار بانتشار قوى الارهاب والقتلة والمجرمين، والعراق اصبح مسرحاً لهؤلاء القتلة والمجرمين».
من جهته، انتقد رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي، «فشل» اداء الحكومة وعدم تمكنها من توفير الامن لابناء الشعب العراقي، فيما حذّر من عدم تطبيق الوثيقة، عاداً اياها «المسمار الاخير في نعش التفاهمات السياسية».
زعيم التحالف الوطني إبراهيم الجعفري، حمّل من جهته، جميع العراقيين «مسؤولية» الفساد المالي والإداري المستشري في المؤسسات الحكومية، وفيما هاجم «الدول التي تتدخل في الشأن العراقي»، اتهم البعض بـ«فسح المجال لتلك الدول لممارسة دورها في البلاد».
من جهة ثانية، أكد رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني، في كلمة القاها بالنيابة عنه نائب رئيس الوزراء روژ نوري شاويس، أن الازمة الحالية التي وصل اليها العراق هي الاخطر منذ عام 2003 وتهدد العملية السياسية.
وطرح بارزاني في كلمته عدداً من النقاط التي رأى أن الالتزام بها من الممكن أن يثمر التوصل إلى حلها، ومن بينها احترام الدستور واعتماده مرجعية لحل كل الاشكالات، الالتزام بما جرى التوصل اليه من اتفاقات، ومنها اتفاق اربيل، الذي تألفت بموجبه الحكومة الحالية، والاتفاق الاخير بين اربيل وبغداد وتفعيلها.
كذلك شدد على الالتزام بمبدأ الشراكة الوطنية، واعتماد مبدأ التوازن الوطني في تبوء المواقع المدنية والعسكرية، وضرورة احترام استقلالية الهيئات المستقلة، وتبني اراء المواطنين بما يرونه مناسباً لمسيرتهم، داعياً إلى التصدي المشترك للارهاب والتخريب.
من جهته، حذر رئيس المجلس الأعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم، من أن فشل الوثيقة «سيكون وبالاً على الجميع دون استئذان».
في المقابل، عدت كتلة «الاحرار» النيابية التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الوثيقة دعاية انتخابية مبكرة، وجاءت لحل الخلافات بين السياسيين، وليس الغرض منها مصلحة الشعب العراقي، وهي تغطية على «فشل» الحكومة في الاشهر الاخيرة من عمرها.
من جهتها، اكدت الكتلة «العراقية العربية» بزعامة صالح المطلك أن الوثيقة «ولدت ميتة، فقبل ثلاثة اشهر عقد اجتماع وطني بدعوة من عمار الحكيم، لكن لم تطبق أي اتفاق من الاجتماع على ارض الواقع».
في السياق، كشفت المسؤولة الاعلامية في حركة الوفاق الوطني، التي يتزعمها اياد علاوي، انتصار علاوي في حديث لموقع «شفق نيوز»، أن سبب رفض رئيس الحكومة الاسبق المشاركة في المؤتمر «الانسان العراقي الذي لا تحترمه الحكومة، والكثير من الابرياء يقبعون في السجون بدون تهمة، وعدم تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة، وما تتعرض له العوائل الكريمة من قتل وتهجير في البصرة والكوت وحزام بغداد والناصرية».
(الأخبار)