تتعامل تل أبيب مع اللقاء الأميركي الايراني المرتقب بين وزيري خارجية ايران والولايات المتحدة محمد جواد ظريف وجون كيري، في جلسة محادثات نووية بين مجموعة «5+1» وطهران في نيويورك، غدا الخميس، على أنه مؤشر إلى صحة مخاوفها، رغم أن الأميركيين وجّهوا رسائل الى اسرائيل، أكدوا فيها انه ليس لديهم أي نية لمد سجادة حمراء أمام الرئيس الايراني حسن روحاني.
لذلك، يجهد الإسرائيليون في رسم سقف مرتفع يقيّد الأميركي في مفاوضاته مع الطرف الايراني.
وفي هذا المجال، نقلت الإذاعة الاسرائيلية عن مصادر رفيعة المستوى قولها، إن إيران باتت تملك أجهزة طرد مركزي قادرة على تحويل اليورانيوم المخصب من درجة 3,5 الى درجة مناسبة لصناعة قنبلة نووية، خلال بضعة اسابيع. وتضيف المصادر إن التقدير الرسمي الاسرائيلي هو ان ايران حتى لو تخلت عن مخزونها من المواد المخصبة بدرجة 20 في المئة، فإنها باتت قادرة على انتاج سلاح نووي، عبر نصب الف جهاز طرد مركزي متطور في منشآتها النووية، مما يتيح لها زيادة وتيرة التخصيب أربعة او خمسة اضعاف.
وفي السياق، شدد وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلية يوفال شطاينتس، في مقابلة مع اذاعة جيش الاحتلال، على ان اسرائيل تحذّر المجتمع الدولي كله، من أن إيران يمكن ان تكون تريد اتفاقا، لكنه سيتحول لاحقاً الى ما يشبه اتفاق ميونيخ عام 1938، مع المانيا النازية.
وأضاف شطاينتس إن الرئيس الإيراني «يريد أن يُخادع، وجزء من العالم يريد ان يكون مخدوعاً، ودور اسرائيل الصغيرة هو شرح الحقيقة من أجل الوقوف بحزم، وهذا ما نقوم به بكامل قدرتنا»، مشيراً الى ان الصراع في هذا المجال طويل. وعبّر عن أمله بألا تحصل مصافحة بين الرئيسين الاميركي والايراني في الامم المتحدة، مضيفاً أن «الأمر الأهم في كل ما يُقال هو الافعال والقرارات».
وتستمر التسريبات الإعلامية حول ما سيقوله رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في كلمته المقررة يوم الثلاثاء المقبل، ومن ضمنها أن الرئيس الروحاني كسلفه محمود أحمدي نجاد، متمسك بهدف إزالة اسرائيل من الوجود والمس بكل العالم الغربي. وسيدعو أيضاً العالم الى عدم التأثر بكلام روحاني، الذي هو في الواقع «ليس عسلاً بل سم».
الى ذلك، قال معلق الشؤون السياسية في صحيفة «هآرتس»، حامي شاليف، إنه بالرغم من أن روحاني ينوي «الانقضاض» على الرأي العام الأميركي في كل الجبهات، الا ان نقطة ضعفه لا تكمن في تعهداته الضبابية في ما يتعلق بالسلاح النووي، بل في نفي سلفه الكارثة النازية، ورفضه التنصل من هذا الكلام.
وأشار الى أن ذلك كان أحد الأسباب التي تقف وراء رفض الجالية اليهودية الايرانية في أميركا، اللقاء به.
ولفت شاليف الى أن هذه الورقة هي الأقوى بيد نتنياهو في الصراع على الرأي العام الأميركي، التي يمكن أن تحل بدلاً من الرسم الذي قدمه نتنياهو على منصة الامم المتحدة في ايلول السنة الماضية، عن الخط الاحمر في الطريق الى القنبلة النووية.
من جهة أخرى، ذكر المعلق السياسي في صحيفة «هآرتس»، باراك رابيد، أن التغييرات التي طرأت في الأشهر الأخيرة على المشروع النووي الإيراني، وفوز حسن روحاني في الانتخابات، جعلا «الخط الأحمر» الذي رسمه نتنياهو العام الماضي أقل أهمية.
وأشار الى أن الايرانيين باتوا قادرين من خلال زيادة عدد أجهزة الطرد المركزي، وتركيب عدة آلاف متطورة منها، على مضاعفة التخصيب نحو أربعة أضعاف إلى خمسة أضعاف.
ويضيف رابيد إن نتنياهو بات يدرك أن خطه الاحمر، آخذ في الاضمحلال، وهو يتخوف من صفقة بين إيران والدول العظمى لا يستطيع منعها أو التأثير في بنودها. وبالتالي من المتوقع أن يحل محل «خطاب القنبلة» للسنة الماضية، خطاب «الشروط الأربعة» لهذه السنة، اذ سيطالب بوقف تخصيب اليورانيوم على مختلف أنواعه، وإغلاق منشأة فوردو، وتفكيك أجهزة الطرد المتطورة التي وُضعت في منشأة التخصيب في ناتنز، وإخراج اليورانيوم المخصب كله من إيران حتى ذلك المخصب بنسبة منخفضة، كما سيطالب نتنياهو الإيرانيين بإغلاق مفاعل المياه الثقيلة في آراك، حيث تدور شكوك بأن الإيرانيين يطورون طريقة لإنتاج سلاح نووي من خلال استخدام البلوتونيوم.
هذا وفيما يجد نتنياهو صعوبة في مواجهة الهجمة الإعلامية للرئيس الإيراني، ويتعامل مع الأصوات الجديدة التي تصدر من إيران بازدراء وسلبية، مدعياً أن الأمر عملية خداع كبرى، يرى مسؤولون اسرائيليون رفيعو المستوى، على صلة بالقضية، أن نتنياهو بالغ في تصريحاته، وحوَّل نفسه وإسرائيل إلى معرقل بنظر المجتمع الدولي.
وبحسب مصدر اسرائيلي رفيع فإن رسائل نتنياهو على هذا الصعيد لا تتسم بالحكمة، وتثير معارضة ولا تقنع أحداً، ومن شأن هذا التوجه أن يلحق الضرر بقدرة إسرائيل على التأثير في مواقف الدول العظمى في المفاوضات مع إيران.