لا تعارض بين موقفي موسكو وواشنطن بشأن اعداد قرار في مجلس الأمن حول السلاح الكيميائي السوري، حسب رئيس الدبلوماسية الروسية. لكن هذا «التقارب» لم يتمظهر بعد في شكل مشروع قرار واضح ومتفق عليه رغم اللقاءات الثنائية بين مسؤولي البلدين المتكرّرة.
فقد أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ بلاده والولايات المتحدة اتفقتا على أنّ العمل على إعداد قرار دولي في مجلس الأمن بشأن الأسلحة الكيميائية السورية يجب أن يجري على أساس اتفاق الإطار الذي تمّ التوصل إليه في جنيف. وأوضح لافروف، في مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، أنه اتفق مع كيري في لقائهم الأخير في نيويورك على التمسك بتفاهم جنيف لدى إعداد مشروع القرار الدولي في مجلس الأمن، مشدداً على أنه لا يرى أي تعارض بين موقفي البلدين، وفق ما سجل في اتفاق الإطار، مضيفاً أن «اتفاق الإطار الصادر في جنيف مفتوح ويمكن للجميع الاطلاع على مضمونه».
وفي سياق متصل، لفت لافروف إلى أنّ خطوات الحكومة السورية الأخيرة تدل على أنها تفي بالتزاماتها المتعلقة بالأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى أنّه لا يعرف كيف ستتحقق الولايات المتحدة من صحة المعلومات التي قدمتها دمشق بشأن مخازن أسلحتها الكيميائية، ونقل عن مندوب واشنطن لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن البيان التي قدمته سوريا بهذا الشأن كان جيداً. وأكد أن «موسكو ستكون مستعدة للنظر في اتخاذ إجراءات مناسبة في حال انتهاك سوريا للاتفاقيات المتعلقة بالأسلحة الكيميائية».
من جهة أخرى، أعلن لافروف أنّه سلم كيري معلومات تؤكد تورط المعارضة السورية في الهجوم الكيميائي قرب دمشق. وقال «نعتقد أن هناك أدلة مقنعة جداً على ذلك»، مضيفاً: «قدمت مجموعة من هذه الأدلة لجون كيري عندما التقينا مؤخراً في نيويورك. وليست هذه المعلومات شيئاً جديداً، بل يمكن الاطلاع عليها في شبكة الانترنت».
وأوضح أنّ هذه الأدلة تتضمن شهادات صحافيين زاروا مكان الحادث وتحدثوا إلى مقاتلين أكدوا لهم أنهم تلقوا صواريخ وذخائر جديدة من دولة أجنبية ولا يعرفون طريقة استعمالها. وتابع أن هناك أيضاً شهادات راهبات أحد الأديرة القريبة.
وأضاف «يمكنكم أن تطلعوا على استنتاجات خبراء كيميائيين يقولون إن الصور التي تم بثها على شاشات التلفزيون لا تتناسب مع الواقع، كما نعرف عن الرسالة المفتوحة التي بعث بها موظفون سابقون في «سي آي أيه» إلى الرئيس باراك أوباما، قالوا فيها إن المزاعم عن استخدام الحكومة السورية للكيميائي كانت كذبة».
وأكد لافروف أن لدى موسكو ما يؤكد أن غاز السارين الذي تم استخدامه في غوطة دمشق كان مصنوعاً يدوياً، مضيفاً أن العينات التي أخذت من مكان استخدام الكيميائي في خان العسل في ريف حلب ومن مناطق الغوطة التي تعرضت للهجوم الكيميائي، تتطابق.
في إطار آخر، حذّر لافروف من أن المرتزقة الأجانب الذي يقاتلون في سوريا، بمن فيهم مواطنون من الدول الغربية وروسيا، يمثلون خطراً على المجتمع الدولي برمته.
ودعا شركاءه الدوليين إلى التركيز على هذا الموضوع، لدى بحث الأزمة السورية، بدلاً من المناقشات حول من من السياسيين السوريين يجب أن يبقى ومن عليه أن يرحل.
روحاني: مستعدون للمشاركة في «جنيف 2»
في موازاة ذلك، أكد الرئيس الايراني حسن روحاني أن طهران مستعدة للمشاركة في جميع المفاوضات واللقاءات بشأن الأزمة السورية، بما فيها مؤتمر «جنيف2» إذا انعقد دون طرح أية شروط مسبقة.
وكشف، في مقابلة مع قناة «بي بي آس» الأميركية، أن طهران حذرت المجتمع الدولي قبل وقوع الهجوم الكيميائي في ضواحي دمشق، من أن المجموعات الإرهابية التي تنشط في سوريا تسيطر على مناطق فيها مؤسسات كيميائية.
ودعا إلى إجراء مزيد من التحقيق في الموضوع، لتحديد الجهات المسؤولية عن استخدام الكيميائي في سوريا.
المفتشون يزورون منطقة مجهولة
في السياق، غادر مفتشو الأمم المتحدة المكلفون بالتحقيق حول استخدام الأسلحة الكيميائية بعد ظهر أمس فندقهم في دمشق إلى جهة مجهولة.
وذكرت وكالة «فرانس برس» أن عدداً من أعضاء الفريق، الذي يرأسه السويدي آكي سلستروم، غادروا فندقهم على متن ثلاث سيارات، من دون أن يتمكن الصحافيون من توجيه أسئلة لهم.
من جهة ثانية، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن بعض دول حلف شمالي الأطلسي «تنتهك بنشاطها المبادئ التي حددها مجلس الأمن الدولي، وبذلك تحاول تكرار السيناريو الليبي في سوريا».
وقال، خلال حديث بين الخبراء جرى على هامش المعرض الدولي للأسلحة والمعدات العسكرية في روسيا، أن «موسكو تعارض بشدة مثل هذه الأفعال على الساحة الدولية».
كذلك أكّد ريابكوف أنّ روسيا مستعدة للمشاركة في حراسة المؤسسات التي ستتولى إتلاف الأسلحة الكيميائية السورية، كما لم يستبعد مشاركة الدول الأعضاء في «منظمة معاهدة الأمن الجماعي» في مهمة حراسة هذه المؤسسات إلى جانب روسيا. وأشار إلى أن «من المناسب أن تجري عملية إتلاف السلاح الكيميائي السوري في الأراضي السورية، وخاصة لأن معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية التي أصبحت سوريا طرفاً فيها، تحظر نقل الاسلحة الكيميائية إلى خارج البلد».
إلى ذلك، أكدت وزارة الخارجية الروسية، في بيان أصدرته في اعقاب لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الصيني وانغ يي، أنّ مواقف موسكو وبكين متطابقة بشأن عدم جواز أي سيناريوهات تقضي باستخدام القوة ضد سوريا.
في سياق متصل، أعلن مسؤول أميركي رفيع المستوى أن الولايات المتحدة والصين بينهما اتفاق قوي على الحاجة لقرار ملزم من مجلس الأمن الدولي بشأن ازالة ترسانة الأسلحة الكيميائية السورية.
من جهة أخرى، بحث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في لقاء مع وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مبادرة تدمير الترسانة الكيميائية السورية وآفاق عقد مؤتمر «جنيف 2»
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)