القاهرة | تناقض أعضاء لجنة الخمسين في مواقفهم كان واضحاً منذ تشكيل اللجنة، وما كانوا يطالبون بإلغائه في الأمس أصبح محلّلاً اليوم، وما كانوا يطالبون بضرورة نصّه، امتنعوا عن إضافته في مواد الدستور التي تناقَش الآن. «إلغاء مجلس الشورى وتعيين نائب لرئيس الجمهورية»، مطلبان رئيسان بسبب عدم تنفيذهما ومطالب أخرى، أعلنت جبهة الانقاذ الوطني، أثناء جلسة برئاسة عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر، الانسحاب من الجمعية التأسيسية التي شكلت في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، وقادت حملة شرسة ضد الجمعية.
وكانت الجبهة قد طالبت في تعديلها الذي سبق أن قدّمته إلى رئيس اللجنة حسام الغرياني بمقترح ينص على أنه «في هذه المرحلة الحرجة، من الأفضل أن تقتصر السلطة التشريعية على مجلس النواب، اختصاراً للجهد والوقت والمال». وهو ما أعلنته أيضاً في مؤتمرات صحافية عدة عقدتها بمختلف أحزابها. وقبل أيام قليلة كان القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، عزازي علي عزازي، قد أكد في تصريحات صحافية أن الجبهة تؤيد إلغاء مجلس الشورى.
القيادي في حزب الدستور، باسل عادل، أحد أضلاع الجبهة، وصف إقرار لجنة نظام الحكم في لجنة الخمسين بالإبقاء على مجلس الشورى بالمهزلة، في ظل غياب منصب رئيس الجمهورية الذي طالبت به مراراً وتكراراً، مضيفاً أن اللجنة تكتب الكلام نفسه الذي سبق أن اعترضت عليه على السطور نفسها.
«إلغاء مجلس الشورى كان مطلباً رئيساً لثورتي 25 يناير و30 يونيو، لما يسبّبه من إرهاق تشريعي، فضلاً عن كونه عقبة أمام التطور الديموقراطي، كذلك فإن مسمّاه فيه عيب، فكيف يكون مجلس شيوخ وللشباب نسبة فيه»، حسبما يرى عادل.
وانتقد عادل بشدة غياب منصب رئيس الجمهورية عن المقترحات الأولية في مواد الدستور، إضافة الى عدم توازن السلطات بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب، داعياً إلى إلغاء «لام الاختيار» التي يتضمنها بعض البنود، مثل «ولرئيس الجمهورية أن يلقي بياناً أمام مجلس النواب»، مشيراً إلى أن مهمة الدستور هي أن يضمن البنود الإلزامية التي يجب ألا يكون فيها لا الاختيارية.
القيادي في الجبهة وحيد عبد المجيد سبق أن قال إن الديموقراطيات الحديثة في العالم تتجه إلى نظام المجلس الواحد، ونحن أخذنا بهذا النظام لسبب أساسي هو أننا في ظروف نحتاج فيها إلى عمل سريع فى كل المجالات، بما في ذلك العمل التشريعي. فبعد إجراء التعديلات الدستورية والانتخابات البرلمانية، سنحتاج إلى إجراء كمّ كبير من التعديلات التشريعية وإلى إصدار تشريعات جديدة. فلو كان لدينا مجلسان للتشريع، فسنستهلك ضعف الوقت المخصص لإصدار تشريع واحد، حيث يقرّ مجلس الشورى قانوناً ليقرّه مجلس النواب مرة أخرى، فضلاً عن أنه لو اعترض مجلس النواب على قانون أقرّه مجلس الشورى فسيترتب على ذلك تشكيل لجنة مشتركة من المجلسين تنظر في الخلاف القائم وتسعى إلى حل يجري التصويت عليه، وكل هذا من شأنه إهدار الوقت والجهد والمال.
أمّا تمثيل الجبهة في الجمعية الحالية فقد بلغ 12في المئة، ومنهم رئيسها الحالي عمرو موسى، جميعهم موافقون على الإبقاء على مجلس الشورى، بل إنهم خاضوا حروباً ومناقشات حامية للإبقاء عليه.
وحول انقلاب الجبهة على مواقفها، أوضح رئيس حزب الكرامة محمد سامي لـ «الأخبار» أن الإبقاء على مجلس الشورى لا يزال قيد الدراسة، وإقراره سيكون مرتبطاً
بصلاحيات جديدة، وكنوع من تعويض الأقليات المصرية للتمثيل في البرلمان، مثل كوتة للمرأة والأقباط.
ويتابع: منصب نائب رئيس الجمهورية أمر لم يعد مطروحاً الآن في ظل توجه مصر لنظام الحكم المختلط الأقرب إلى النظام الفرنسي، مشيراً إلى أنه حال غياب رئيس الجمهورية تؤول مهماته إلى رئيس الوزراء، أما في حالة وفاته فيتولى مهمات رئيس الجمهورية رئيس مجلس الشعب أو رئيس المحكمة الدستورية.
من جانبه، قال عضو لجنة الخمسين، ناصر أمين، لـ«الأخبار»، إنه لا مانع من استمرار مجلس الشورى شريطة إعطائه حق التشريع لبعض القوانين ليكون بمثابة إضافة لا عبئاً على الدولة. وفي شأن أزمة تعيين نائب رئيس الجمهورية في ظل النظام شبه المختلط والأقرب إلى الرئاسي الذي تسعى اللجنة لوضعه، قال ما زلنا ندرس هذا الأمر وكيفية الأخذ بنظام آخر بدلاً من نائب الرئيس.
من ناحيته، رأى المحلل السياسي جهاد عودة أن مسألة وجود مجلسين هي مسألة متعلقة بالهندسة الدستورية، موضحاً أن الهندسة الدستورية هي من تقوم بعمل النظام السياسي وربطه بالدستور، ونحن لا نملك هذا الفن، مضيفاً أن لا أحد من اللجنة الفردية للدستور يعي ماهية الهندسة الدستورية.
كذلك أشار إلى أن عملية وجود مجلسين يجري تحديدها وفقاً لطريقة صناعة السياسة العامة، موضحاً رأيه بأن مصر الآن بحاجة إلى وجود مجلسين، وأنه في حالة الموافقة على هذا المقترح بإلغاء المجلس لا بد من مبررات لذلك، وعلى أي أساس سيتم ذلك، وهل إذا حدث خطأ في هذا المجلس مسبقاً تتخذ على إثره هذا القرار.