لم يطل الودّ المصطنع بين فرعيْ تنظيم «القاعدة» في سوريا: «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») التي بدأت تحكم بأمرها وتستقبل بسرور فلول تنظيمات اختفت عن الخارطة العسكرية؛ و«جبهة النصرة» التي قرّرت إيقاف النزيف البشري باتجاه «شقيتها اللدودة»، وذلك باستقدامها تعزيزات نحو مدينة الرقة، استعداداً لاقتحامها، بعد مناوشات متكرّرة بين التنظيمين في مناطق مختلفة في الشمال السوري، بحسب مصادر عسكرية واعلامية. في الوقت عينه، اندلعت أمس معارك جديدة بين «داعش» ومجموعات من «الجيش الحر» في معرة مصرين الادلبية.
وقال مصدر معارض لـ«الأخبار» إنّ الاحتقان بلغ أوجه بين «داعش» والقوى الأخرى، وتحولت ملاسنة بين مقاتل عربي من «داعش» مع عنصر من «الحر» من أبناء البلدة إلى معركة، استخدمت فيها رشاشات «الدوشكا» وأصيب خلالها أربعة أشخاص. وأكد المصدر أنّ كل القوى في البلدة وشمال ادلب تتحضر للمواجهة المقبلة مع «داعش»، وتقوم بحشد عناصرها استعداداً لذلك.
من جهة أخرى، وبعد المعارك التي أطلقتها «الدولة الاسلامية في العراق والشام»، أول من أمس، لاجتثاث آخر مواقع «لواء عاصفة الشمال»، طالبت ستّ جماعات معارضة سورية، أمس، مقاتلي «الدولة» و«عاصفة الشمال» بوقف الاشتباكات. وفشلت من قبل محاولة لجماعات المعارضة للتوصّل إلى هدنة بين الجانبين. ودعا بيان الجماعات الست إلى «وقف فوري لإطلاق النار» بين الجانبين وطالبهما بنقل نزاعهما «إلى محكمة شرعية في حلب». ووقّع البيان قادة عسكريون من حركة «أحرار الشام» و«لواء التوحيد» و«ألوية صقور الشام» و«جيش الإسلام».
وقال مسؤول في «أحرار الشام» لوكالة «رويترز» إن «هذا إعلان وقعته أكبر ألوية المعارضة في سوريا. الرسالة واضحة».
حلب المدينة، من جهتها، عايشت مواجهات محدودة، حيث قتل خمسة مسلحين في اشتباك مع الجيش السوري على أطراف حيّ صلاح الدين، وقتل ثلاثة آخرون في منطقة السويقة في المدينة القديمة، وعدد آخر في ضهرة عبد ربه.
في سياق آخر، كشف عن مجزرة ارتكبها مسلحون في قرية عين عسان جنوبي حلب، راح ضحيتها خمسة عشر مدنياً، بينهم أطفال دون سن الخامسة من العمر.
وقال مصدر في «الدفاع الوطني» إنّ عناصرها كشفوا المجزرة، محملاً جماعة «أنصار الاسلام» يقودها شخصان، الأول ملقب بـ«الغول» والثاني «الناشف» مسؤولية المجزرة.
إلى ذلك، تمكنت ورش الصيانة في حلب من إعادة التيار الكهربائي إلى حلب، بعد انقطاعة على نحو كامل أول من أمس، بعد قصف المسلحين لمحطة تحويل الصاخور، وهي أكبر محطة في المدينة.
من جهة أخرى، يتوالى توحيد الفصائل المقاتلة ضمن تشكيلات إسلامية الصبغة، فبعد الإعلان عن «جيش الإسلام»، ثم «جيش أهل السنة والجماعة»، تمّ الإعلان عن تشكيل تجمّع «أمجاد الإسلام» في دمشق وريفها. وضمّ التجمع الجديد 5 تشكيلات، هي: «لواء أم القرى»، و«لواء أحفاد الصحابة»، و«لواء أبو ذر الغفاري»، و«لواء شهداء الغوطة»، و«كتيبة شهداء عربين».
«تقدّم مشجع» في عمل المفتشين
سياسياً، وصفت الأمم المتحدة بداية مهمة المفتشين الأمميين في سوريا بـ«التقدّم المشجّع». وذلك بعد «تأمين المواقع»، إذ سيبدأ تفكيك الترسانة الكيميائية السورية الأسبوع المقبل، الذي قد يشهد لقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي لمناقشة الأزمة السورية مجدّداً.
وأعلنت الأمم المتحدة أنّ المفتشين المكلفين تفكيك الترسانة الكيميائية السورية «يأملون البدء بعمليات تفتيش المواقع وتفكيكها خلال الأسبوع المقبل».
وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية، مارتن نسيركي، إنّ المهمة المشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية والأمم المتحدة «حققت تقدماً أولياً مشجعاً»، وأنّ الوثائق التي تسلمتها من الحكومة السورية «تبدو واعدة».
وفي اليوم الثالث من مهمتها في دمشق، أعلنت البعثة الأممية أنّها باشرت منذ الأربعاء «مع السلطات السورية» في «تأمين المواقع حيث ستعمل».
وأشارت، في بيان، إلى أنّ البعثة المشتركة تجري، في الوقت نفسه، محادثات مع المسؤولين السوريين «حول حجم المخزون السوري من الأسلحة الكيميائية وحول خطط بعيدة المدى لكي يتم الالتزام بالمهل المفروضة من المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس الأمن».
في موازاة ذلك، أعلن المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، أمس، أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي باراك أوباما قد يجريان نقاشاً حول الوضع في سوريا على هامش قمة آسيا ـــ المحيط الهادىء (أبيك) الأسبوع المقبل في بالي الاندونيسية.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن أوشاكوف قوله إنّ «الطرفين يعملان في الوقت الراهن على عقد هذا اللقاء، ونعتقد أن اللقاء سيعقد»، موضحاً أن الاقتراح روسي. لكن الشكوك ما زالت قائمة حول حضور أوباما قمة أبيك يوم الاثنين بسبب الشلل الذي يعتري ميزانية الولايات المتحدة.
في سياق آخر، طلب البرلمان الأوروبي من دول الاتحاد الأوروبي أن تكون أقل تردّداً في استقبال اللاجئين السوريين وضمان «وصولهم بانصاف إلى اجراءات اللجوء».
وملف استقبال اللاجئين سيدرسه وزراء الداخلية الأوروبيون خلال اجتماع في لوكسمبورغ يومي الاثنين والثلاثاء. وطلبت المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، من الاتحاد الاوروبي استقبال 12 ألف لاجئ.
إلى ذلك، جدّد البرلمان التركي، أمس، لسنة إضافية موافقته على ارسال قوات تركية إلى سوريا في حال دعت الحاجة لذلك. وتمّ التصويت على الاقتراح بهذا الشأن بفضل الأكثرية المريحة التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية برئاسة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان في البرلمان.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)