أعلنت إسرائيل أمس وفاة زعيم حركة شاس للمتدينين اليهود، الحاخام عوفاديا يوسف، عن عمر يناهز 93 سنة، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من إدخاله إلى المستشفى، إثر تدهور طرأ على صحته.
ونعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الحاخام يوسف، معتبراً وفاته خسارة كبيرة لليهود لما يمثله على الصعيد الديني والروحي.
وبينما يوصف الحاخام الراحل بأنه الأشدّ كرهاً للفلسطينيين والعرب من مسلمين ومسيحيين على حد سواء، والأكثر تأثيراً في الوسط الديني اليهودي، ينتظر إسرائيل والوسط الديني الحريدي، مع غيابه، تداعيات من شأنها أن تغيّر خريطة توزيع القوى في الوسط الديني وأحزابه، وتبعاً لذلك، خريطة القوى السياسية الإسرائيلية.
ومع موته، تُطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير حزب شاس للمتدينين الشرقيين (سفارديم)، وإمكان تشظّيه لاحقاً الى أحزاب وحركات متعددة، تفقد هذه الشريحة تأثيرها الكبير في الحياة السياسية الإسرائيلية.
وعوفاديا يوسف الذي اشتهر بين مريديه بلقب «صانع الملوك»، في إشارة الى تأثيره ونفوذه، كان رمزاً لمئات الآلاف من اليهود الشرقيين في فلسطين المحتلة وفي خارجها. وكان رجل الدين اليهودي الأكثر جدلاً بين المتدينين والعلمانيين في الدولة العبرية.
وُلد يوسف في بغداد عام 1920، وكان في الرابعة عندما هاجرت عائلته من العراق الى القدس المحتلة إبان الانتداب البريطاني، حيث تلقى علومه الدينية في معاهدها، وشغل سريعاً مناصب رفيعة في الهياكل الدينية اليهودية، بما في ذلك كبير حاخامي مدينة تل أبيب. وفي عام 1947 توجه الى القاهرة، ليرأس المحكمة الدينية اليهودية فيها، ويتحول سريعاً الى كبير حاخامي اليهود في مصر حتى نهاية الأربعينيات من القرن الماضي، ليعود لاحقاً الى فلسطين المحتلة، حيث تبوأ أرفع المناصب الدينية فيها، ومن بينها منصب الحاخام الأكبر لإسرائيل عام 1972.
سيطر يوسف سريعاً على حزب المتدينين الشرقيين (شاس)، بعد عام واحد من تأسيسه سنة 1983، وذلك في أعقاب خلاف اندلع في صفوف الحزب الديني المتزمت الأم، أغودات إسرائيل، حيث انفصلت عنه مجموعة برئاسة الحاخام شاخ، على خلفية مظاهر التمييز ضد اليهود المتدينين الشرقيين في هذا الحزب، الذي يهيمن عليه اليهود الأشكنازيم من أصل أوروبي.
ومن تاريخ تأسيس شاس وحتى اليوم، عمل يوسف على استغلال تمثيله الكبير نسبياً في الكنيست كـ«لسان ميزان» بين الأحزاب الكبيرة، من اليمين واليسار، من أجل كسب مزيد من الاعتمادات المالية لنشاطاته الدينية والاجتماعية والتربوية.
وتشهد مواقف يوسف وتصريحاته على منسوب مرتفع من الحقد والعنصرية والكراهية للفلسطينيين والعرب، ومنها وصفه العرب والمسلمين بالصراصير في إحدى عظاته الدينية عام 2004، والتي أشار فيها الى أن «اليهودي الذي يقتل مسلماً، فكأنما يقتل ثعباناً أو دودة مضرّة وهما خطر على البشرية، والتخلص منهما مثل التخلص من الديدان وهو أمر طبيعي أن يحدث». ودعوته عام 2001 الى إبادة العرب بالصواريخ «إذ يجب أن لا نرأف بهم وأن نقصفهم بالصواريخ كي نبيدهم وذريّتهم هؤلاء الأشرار والمعلونين».
وفي العام الماضي، خلال الأعياد اليهودية، طالب الحاخام الراحل المتدينين اليهود بأن يخصصوا ابتهالاتهم وأدعيتهم لإبادة حزب الله وإيران، ومحوهما من على وجه البسيطة وإماتتهم وسحقهم بالكامل.
وفي سياق متصل، أرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس «تعازيه الحارة» لعائلة عوفاديا يوسيف.
وأوضحت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن عباس قدم تعازيه خلال لقائه وفداً من أعضاء البرلمان الإسرائيلي ضمّ 14 عضواً من مختلف الكتل السياسية، تحت مسمّى «لوبي حل الدولتين».
ونشرت الصحيفة تصريحات على لسان أبو مازن، قال فيها إنه التقى الحاخام يوسيف في مقر المقاطعة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، في وقت سابق، متابعاً «والآن أنقل تعازيَّ وأسفي وأسف الشعب الفلسطيني لوفاته».