نشرت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية أمس تحقيقاً كشفت فيه عن «قلق إسرائيل من استمرار سوريا في الاحتفاظ بالاسلحة البيولوجية»، مشيرة الى أن الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة تجاهل كلياً حقيقة امتلاك النظام السوري لهذا النوع من الاسلحة. ولفتت الصحيفة الى أن السبب الوحيد لعدم كون السلاح البيولوجي ضمن دائرة الاهتمام العالمي يعود الى عدم استخدامه، فيما لو تم استخدامه لكانت الولايات المتحدة أثارته الى جانب الاسلحة الكيميائية.
واستشهدت الصحيفة بقول الجنرال الاميركي مايكل ميبلس، في شهادة أدلى بها أمام الكونغرس بتاريخ 27/02/2008، إن «لدى سوريا برنامجاً لتطوير الاسلحة البيولوجية، وبناها التحتية قادرة على تطوير قتال بيولوجي محدود، لكن من غير المعروف إن كانت سوريا نجحت في إنتاج منظومة أسلحة بيولوجية ناجحة». كذلك نقلت «معاريف» عن مستشارة حلف «الناتو» غيل داكار، في مجال القتال البيولوجي ومكافحة الارهاب، قولها إن النظام السوري استطاع تطوير ثلاثة أنواع من هذه الاسلحة بالتعاون مع روسيا، كما أن سوريا نجحت في تركيب رؤوس بيولوجية تحمل جرثومة «انتراكس» على الصواريخ. لكن رئيس الاستخبارات الوطنية الأميركية والمسؤول عن التنسيق بين وكالات الاستخبارات المختلفة، جيمس كلابر، قدّر في شهر نيسان الماضي، بحسب «معاريف»، أن «سوريا قادرة على إنتاج الأسلحة البيولوجية على نطاق محدود فقط، ولم تنجح في تركيب رؤوس بيولوجية خاصة على وسائل إطلاقها».
وأشار تقرير الصحيفة الى أن الهيئة المسؤولة عن تطوير الأسلحة البيولوجية في سوريا هي «وكالة البحث العلمي»، حيث يقع جزء كبير من مختبرات البحث والتطوير التابعة للوكالة على مشارف دمشق. ولفت التقرير الى أن سوريا «استخدمت صناعة الادوية كغطاء من أجل توسيع عمليات شراء الاحتياجات المتعلقة ببرنامجها للاسلحة البيولوجية»، هذه الصناعة هي «الأكثر تطوراً في الشرق الاوسط».
وعلى الصعيد الرسمي، تخضع هذه المصانع لإشراف مفتشي وزارة الصحة، لكن عملياً هي مراقبة من وزارة الدفاع والاستخبارات السورية.
وذكرت «معاريف» أن سوريا «أقامت عدداً من المعامل والشركات الوهمية التي اشترت تكنولوجيا تستخدم لإنتاج هذه الأسلحة من ألمانيا، بريطانيا، هولندا، فرنسا، روسيا والولايات المتحدة»، وذلك بهدف تطوير الاسلحة البيولوجية والكيميائية.
في السياق نفسه، كشف التقرير أن إسرائيل والولايات المتحدة تعلمان أنه على الرغم من كثرة الكلام حول تفكيك الاسلحة الكيميائية في سوريا، إلا أن الواقع مختلف كلياً، حيث «ما زال بيد النظام السوري مخزون من الاسلحة البيولوجية، كما أن لديه القدرة على استخدام أسلحة الدمار الشامل.»
أكثر من ذلك، إن القلق الكبير الذي تخشاه كل من تل أبيب وواشنطن هو «تسرّب محتمل للاسلحة البيولوجية الى أيدي منظمات الجهاد العالمي السوري التي تقاتل في صفوف المتمردين، ومن بينها «حزب الله» في لبنان».
وبحسب مصدر أميركي رفيع المستوى، ودائماً بحسب «معاريف»، إن هذه القضية طرحت أخيراً في المحادثات التي جرت في الفترة الاخيرة بين ممثلي إسرائيل والولايات المتحدة، حيث أشارت الاستخبارات في كلا البلدين إلى أن نظام الأسد لم يستخدم الاسلحة البيولوجية خلال الحرب الدائرة في سوريا. وأضاف المصدر الأميركي أنه على الرغم من انتشار المخاوف من تسرب الاسلحة البيولوجية، لم تطرح حتى الآن مخاوف حاسمة انطلاقاً من معلومات استخبارية محددة وملموسة.
وبحسب جهات استخبارات غربية، تشغل سوريا منذ الثمانينيات موقعين لإنتاج الأسلحة البيولوجية وتخزينها، أبرزها الجمرة الخبيثة وغيرها من الفيروسات القاتلة، كما أن أحد المواقع يقع على شاطئ البحر، وهي مخزنة تحت الأرض. في مقابل ذلك، نشرت صحيفة «الواشنطن بوست» الأميركية أخيراً مقالاً حول إدراك الادارة الاميركية أن الأسد لديه أسلحة بيولوجية، والجميع يعرف أن هذه الاسلحة هي «أشد فتكاً من ترسانة كيميائية».