ربط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في روما أمس، بين ملف التسوية مع الفلسطينيين ومسار المفاوضات الأميركية مع إيران التي أكد وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون، في موقف بالغ الدلالة، أنه «ممنوع أن تبقى لديها قدرة على تخصيب اليورانيوم».وشدد يعلون أمام لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست على أن «التحدي الإيراني كان وما زال يحتل المرتبة الاولى»، مضيفاً أن «من الممنوع بأي شكل من الاشكال أن يبقى لدى إيران قدرة ذاتية على التخصيب». وتابع أن «التغييرات التي نراها في إيران هي نتيجة الضغط الاقتصادي الناجع الذي مورس ضدها، الامر الذي دفع النظام الى استنتاج مفاده أنه من أجل استمرار بقائه ينبغي الدخول في محادثات مع الولايات المتحدة على أساس التنازل عن عناصر معينة في برنامجها النووي. لكن موقفنا أنه من أجل تخفيف العقوبات ينبغي على إيران التنازل مطلقاً عن قدرة التخصيب مع التنازل عن المواد التي خصّبتها حتى الآن».
واحتل الموضوع الإيراني محور اللقاء الذي استمر نحو سبع ساعات. وذكر موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني أن كيري حاول خلاله طمأنة نتنياهو إزاء المفاوضات مع إيران، والتوضيح له أنّ واشنطن ستصر على قيود صلبة تتعلق بالنووي الإيراني ضمن إطار المفاوضات. في المقابل، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي مواقفه، التي أوردها موقع يديعوت نقلاً عن وسائل إعلام أميركية، والتي شدد فيها على أن «الاتفاق السيئ هو الاتفاق الذي يبقي لدى إيران القدرة على تخصيب اليورانيوم». وفي محاولة للمقارنة بين الحالتين السورية والإيرانية، توجه نتنياهو إلى كيري بالقول: «لو وافق الأسد على تدمير 20 أو 50 أو 90% من قدرات الكيميائية، لرفضت ذلك. الأمر نفسه ينسحب على إيران»، مذكراً «بالقرارات التي أصدرها مجلس الأمن ضد إيران».
وأضاف نتنياهو أن «من الممنوع أن تمتلك إيران أجهزة طرد مركزي أو قدرة على التخصيب، ومن الممنوع امتلاكها منشأة مياه ثقيلة لإنتاج البلوتونيوم، ومواد تستخدم لإنتاج أسلحة نووية، فضلاً عن ضرورة إخراج المواد المخصبة إلى خارج إيران». وأوضح نتنياهو أيضاً أنّ «من الممنوع أن يكون لدى إيران منشآت تحت الأرض ليست لها مهمة سوى الاستخدام العسكري».
أما في ما يتعلق بالأسلوب السلمي الذي تتبعه واشنطن مع طهران، فتوجه نتنياهو إلى كيري بالقول إن «الطريقة الأفضل لتحقيق ذلك بالطرق السلمية هي عبر استمرار الضغط على إيران، وهو ما دفعها إلى التفاوض منذ البداية»، مثنياً على «الدور الذي أدته الولايات المتحدة وقيادتها في فرض عقوبات حيوية على إيران، التي سيكون رفعها أمراً مأسوياً».
في المقابل، أوضح كيري أن «من الأفضل لكل الأطراف حل القضية الإيرانية بالطرق الدبلوماسية»، مؤكداً أن على «إيران أن تثبت أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية».
واستبق نتنياهو اللقاء بتكرار مواقفه إزاء المفاوضات الاسرائيلية ــ الفلسطينية، والمفاوضات الايرانية ــ الاميركية، لافتاً الى أنه يتباحث مع كيري في «كل يوم تقريباً» في القضية الفلسطينية، وأن السلام بين الاطراف يتطلب اعترافاً متبادلاً بدولتين لشعبين وقوميتين، في إشارة الى مطلب تل أبيب باعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة الشعب اليهودي. أما لجهة إيران، فأكد نتنياهو أنها «قادرة على تطوير قنبلة نووية خلال وقت قصير في حال قررت ذلك، ولذلك لا ينبغي تخفيف العقوبات عنها قبل أن يتم تفكيك برنامجها النووي العسكري». كذلك كرر نتنياهو كلاماً مشابهاً خلال لقائه مع رئيس الحكومة الايطالي انريكو ليتا، حيث ربط بين الحل الذي ستنتهي اليه المفاوضات الاميركية ـــ الايرانية وبين التسوية على المسار الفلسطيني، معتبراً أن «طموحنا للسلام يمكن أن يتأثر بنحو قاس إذا ما نجحت إيران في طموحاتها النووية، وأن الطريقة التي سيجري بها حل المشكلة الإيرانية ستكون حاسمة، سواء في الاتجاه السلبي أو الايجابي»، مضيفاً أن «إيران النووية أمر سيّئ جداً».
وفي محاولة للتشديد على أهمية استمرار العقوبات، رأى نتنياهو أمام نظيره الايطالي أن من الممكن منع إيران من امتلاك سلاح نووي عبر الحوار، وتحديداً «في هذه اللحظة الزمنية، التي هي فيها قريبة من الانكسار الاقتصادي، وبالتالي إذا ما نجحت من التفلت من العقوبات فسيكون أمراً مأساوياً». وتابع نتنياهو «علينا التأكد من ألا يكون لدى إيران قدرات نووية، ويمكن تحقيق ذلك بطرق سلمية». واشترط أيضاً لامتلاك إيران طاقة نووية سلمية، أن يكون ذلك بدون أجهزة طرد مركزي، أو بلوتونيوم، معتبراً أن إصرار إيران على امتلاكها هو من أجل أن يكون لديها القدرة على إنتاج ما يكفي من المواد لمصلحة القنبلة النووية، وهو ما دفع مجلس الامن منذ عام 2010 الى دعوة إيران إلى تفكيك أجهزتها للطرد المركزي ووقف إنتاج البلوتونيوم.
من جهته شدد كيري على أهمية منع إيران من تطوير أسلحة نووية، مضيفاً أن الطريق الافضل لحل هذه القضية هو الطريق الدبلوماسي. كذلك شدد على «ضرورة اتخاذ طهران خطوات تثبت بنحو قاطع وغير قابل للتأويل الطابع السلمي لمشروعها النووي». وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أشاد كيري بشجاعة «رئيس الوزراء ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، التي أتاحت الشروع في مفاوضات السلام»، مشيراً الى أن «المفاوضات تستمر هذه الايام في القدس المحتلة بمساعدة من المبعوث الاميركي مارتن إنديك.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن أن اللقاء في روما سيضم الى جانب كل من نتنياهو وكيري السفير الاميركي في تل أبيب دان شابيرو، ونظيره الاسرائيلي في واشنطن رون درمر، إضافة الى المبعوث السياسي لرئيس الحكومة، المحامي يتسحاق مولخو، ومستشاره للأمن القومي يوسي كوهين.
لكن مصادر مقرّبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية أوضحت أنه «على الرغم من حضور المستشارين الرفيعي المستوى والسفراء، سيكون جزء واسع من اللقاء بين نتنياهو وكيري على انفراد». ونقلت المصادر نفسها عن نتنياهو أنه سيكون مسروراً للقاء عباس، «في أي زمان ومكان، وأن الاخير لم يفعل شيئاً خلال السنوات الاربع الاخيرة لدفع فرص عقد مثل هذا اللقاء».
في السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن كيري معني باستيضاح الحلول الوسط التي سيكون نتنياهو مستعداً لتنفيذها كي يمضي قدماً في تسوية دائمة مع الفلسطينيين. وأضافت الصحيفة أنه «بالرغم من أنه لم يتحقق حتى الآن تقدم ذو مغزى في المحادثات، إلا أن كيري راض عن أنه في الاسبوعين الاخيرين تم الارتقاء درجة في وتيرة اللقاءات التي بلغت حتى الآن 13 لقاءً، ثلاثة منها في الايام الخمسة الاخيرة. هذا الى جانب أن دور المبعوث الاميركي مارتن انديك في المحادثات يتعمق. وخلافاً للشهرين الاولين من المحادثات، فإن إنديك يشارك اليوم في معظم اللقاءات بين الطرفين».