فوجئت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بتحذير سعودي من أن المملكة تدرس تحولاً رئيسياً عن الولايات المتحدة، والذي جاء على لسان مدير الاستخبارات السعودي بندر بن سلطان، في حديثه لدبلوماسين غربيين. إلا أن الإدارة الأميركية سعت للحدّ من أي ضرر قد يلحق بالتحالف. فقد بذل المسؤولون الأميركيون جهداً كبيراً لتجنب خلق انطباع بأنهم لا يأخذون الهواجس السعودية مأخذ الجد. لكن لم يصدر عنهم أيضاً ما يشير إلى التراجع، رغم التحذير الذي ورد على لسان الأمير بندر في لقاء مع دبلوماسيين أوروبيين هذا الأسبوع بأن السعودية تبحث الحد من تعاملاتها مع الولايات المتحدة. وسلّم المتحدث باسم البيت الأبيض، جاي كارني، بوجود خلافات مع السعودية، لكنه قال «نحن نسوّيها بطريقة صريحة ومباشرة لأننا نصون الأسس الرئيسية لعلاقة في غاية الأهمية». وأضاف «سنواصل العمل مع شركائنا السعوديين، لأن تلك العلاقة مهمة جداً من النواحي الاقتصادية والأمن القومي».
وشبّه بعض المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين في لقاءات خاصة التحذير السعودي بثورة غضب مؤقتة لن يكون لها أثر باق على العلاقات الثنائية.
وقال مصدر في أجهزة الأمن القومي الأميركية، إنه لم تبد، على سبيل المثال، أي بادرة على أن السعودية تريد تقليص المنشآت العسكرية الأميركية، بما في ذلك قاعدة تستخدم في إطلاق الطائرات من دون طيار لمهاجمة متشددين إسلاميين في اليمن.
وتحدثت صحف بريطانية عن الخلاف السعودي الأميركي، تضمنت تقريراً للكاتب روبرت فيسك، في صحيفة «الأندبندنت»، بعنوان: «المملكة العربية السعودية وأميركا: حقيقة الشقاق»، قائلاً إن رفض السعودية غير المسبوق لمقعد مجلس الأمن لا يتصل فقط بسوريا، ولكنه رد على التهديد الإيراني».
ورأى أن «الخلاف بين الإسلامي السني والشيعي له توابع عالمية»، معتبراً إصرار وزير خارجية الولايات المتحدة جون «كيري على ضرورة تخلي الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه عن السلطة يعني أن حكومة سنية ستنصّب في سوريا. كما أن رغبته في نزع سلاح إيران، رغم أن تهديدها غير واضح، سيؤكد أن القوة العسكرية السنية (السعودية) سوف تهيمن على الشرق الأوسط من الحدود الأفغانية إلى البحر المتوسط»
واعتبر فيسك موقف «الملكية الديكتاتورية» في السعودية من مجلس الأمن، بأنه يُعبّر عن الخوف من استجابة الرئيس الأميركي، لمبادرات إيران الرامية إلى تحسين العلاقات مع الغرب.
أما صحيفة «ديلي تلغراف» فقد تحدثت عن «فجوة متّسعة» بين الرياض وواشنطن، مشيرة إلى أن المبدأ الوحيد الذي حكم دبلوماسية السعودية خلال تحالفها الطويل مع الغرب، هو الإبقاء بشكل صارم على أي خلافات خلف الأبواب المغلقة». وتصف الصحيفة البريطانية الخلافات السعودية الأميركية، بأنها «غير مسبوقة وبالغة الأهمية».
وعبّرت صحيفة «ديلي تليغراف» عن اعتقادها بأن «كثيرين سيُرحّبون بأن إدارة الرئيس باراك أوباما أغضبت بيت آل سعود، بالرغم من بوادر التأكيد على الصداقة الدائمة التي أبداها وزير الخارجية جون كيري».
في غضون ذلك، قال مسؤول أميركي رفيع المستوى سابق له خبرة واسعة بالاتصالات الأميركية بالسعودية «لا أستطيع القول إن هذا صدع رئيسي»، مشيراً إلى أن أوجه اعتماد كل من الطرفين على الآخر متعددة.
وأضاف «هذا خلاف عائلي، لكنه خطير».
إلا أن بعض المحللين في واشنطن يقولون إن الآراء أصبحت متباينة بشأن سوريا وإيران ومصر بدرجة يتعذّر معها أن تعود العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية إلى التقارب الذي كانت عليه من قبل. ورغم ظهور علامات استفهام في واشنطن تتساءل عما إذا كان الأمير بندر يتحدث باسم القيادة السعودية أم يعبر عن وجهة نظره الشخصية، فقد قالت مصادر دبلوماسية في الخليج إن رسالته تعكس وجهة نظر الملك عبد الله.
وقال محلل سعودي مقرب من أسلوب التفكير الرسمي «السعوديون يمارسون ضغوطاً حتى لا يتصرف الأميركيون بهذا الضعف»، مضيفاً إن «هذه الرسالة مفادها: أنتم تحتاجون إلينا. ونحن لن نلعب الكرة معكم الى أن تفيقوا».
ومن الاحتمالات المقلقة بشكل خاص بالنسبة الى دول الخليج أن توجه إسرائيل ضربة منفردة لمواقع نووية إيرانية إذا لم تتعامل الولايات المتحدة مع طهران. و«هذا يضع السعودية ودول الخليج في موقف سيئ للغاية... فهي لا يمكنها أن تكون مؤيدة لإسرائيل سياسياً ولا يمكنها أن تقبل امتلاك إيران سلاحاً نووياً»، بحسب المحلل السعودي.
(الأخبار، رويترز)