رغم تبنيه مبدأ اطلاق الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين، كجزء من الالتزام الرسمي مع واشنطن والسلطة، والخلافات الحادة داخل ائتلافه الحكومي، تجاهل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال جلسة الحكومة الأسبوعية ملف الأسرى الفلسطينيين، مركّزاً حديثه على «ضرورة حماية الحدود الشرقية» في أي اتفاق مع الفلسطينيين.
جرى ذلك بعدما أطلع نتنياهو الوزراء أمس على ما دار بينه وبين وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في لقائهما الأخير في روما، والذي تمحور حول إيران وعملية السلام مع الفلسطينيين والأوضاع في الشرق الأوسط، إذ شدد على ضرورة منع ايران من امتلاك قدرات نووية.
أما بخصوص موقفه من معارضة الإفراج عن الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، داخل الحكومة، فأكد نتنياهو خلال جلسة كتلة الليكود في الكنيست، على أن اي قرار ستتخذه الحكومة يُلزِم جميع الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي.
وبالرغم من أن قرار تحرير المعتقلين الفلسطينيين اتُّخِذ على نحو مبدئي قبل استئناف المفاوضات، الا أن اقتراب موعد تحريرهم أثار عاصفة سياسية داخل حكومة نتنياهو، وخاصةً أنه اقترن بمحاولة المعارضين تمرير قانون في اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، لمنع تحريرهم.
لكن المحاولة سقطت لمعارضة 8 وزراء من أحزاب «الليكود» و«الحركة» و«هناك مستقبل»، في مقابل تأييد خمسة وزراء يتبعون حزبي «البيت اليهودي» و«اسرائيل بيتنا».
كذلك تخللت الجلسة مواجهة كلامية بين وزيرة القضاء رئيسة طاقم المفاوضات مع السلطة، تسيبي ليفني، مع وزيري «البيت اليهودي» أوري ارييل واوري اورباخ. وكان واضحاً أن من اهداف المعارضين تسجيل مواقف متطرفة لكسب تأييد الجمهوري اليميني المعارض.
وبحسب موقع «يديعوت أحرونوت»، تحدث نتنياهو مع ليفني معبّراً لها عن عزمه على وضع حد لهذه القضية، وانه دعا وزراء الليكود وطلب منهم التصويت ضد الاقتراح، الذي يحاول قطع الطريق على تحرير 26 معتقلاً فلسطينياً، كجزء من التزامات اسرائيل امام الولايات المتحدة من أجل دفع المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية.
الى ذلك، وكتعبير عن القلق من إمكانية تمرير اقتراح القانون المُقدَّم، ولضمان نتائج التصويت، حضر على نحو استثنائي أمين الحكومة، أفيحاي مندلبليط، جلسة اللجنة الوزارية المعنية، مذكِّراً الوزراء بأنهم وافقوا بأنفسهم على تحرير الأسرى الحاليين في جلسة الحكومة.
وحذّر أيضاً من قبول اقتراح القانون، مشيراً الى أن «الحكومة جهاز جدي، ومن غير الممكن ان يتغير قرار كهذا». ولفت الى انه إذا جرى تمرير الاقتراح فسيقيّد الحكومة في أي اتفاق مستقبلي. ويقوّض ثقة الولايات المتحدة باسرائيل.
لكن بعد سقوط الاقتراح، وصف وزراء في البيت اليهودي، ما حدث بأنه يوم حزين لمكافحة الإرهاب في اسرائيل، مشددين على مواصلة طريقهم بكل قوة ضد تحرير «القتلة». وعبّروا عن دهشتهم من عدم تأييد وزراء الليكود للاقتراح. في المقابل، رأت ليفني انه اتضح اليوم، أن الحكومة، على عكس أحد الأحزاب فيها، تعمل وفق المصالح القومية لا وفق تعليمات حاخامي المستوطنات. وانها تدفع العملية السياسية التي تمثل مصلحة قومية وامنية لاسرائيل.
في السياق نفسه، اتهم العديد من مسؤولي حزب «الحركة» الذي ترأسه ليفني، رئيس «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، بالمسؤولية الشخصية عن التحريض الذي تتعرض له وزيرة العدل شخصياً، على خلفية اتفاقية تبادل الأسرى بين السلطة واسرائيل، التي سيجري بموجبها تحرير 104 اسرى اعتُقِلوا قبل اتفاقيات اوسلو، مقابل استئناف المفاوضات بين الطرفين، وعدم اشتراط وقف البناء في المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية.
من جهة أخرى، ذكر المعلّق الأمني في صحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، أن تقدير المؤسسة الأمنية هو ان الأسبوع المقبل سيكون حاسماً لجهة استمرار تدهور الوضع باتجاه الانتفاضة، وخاصة أنه سيجري خلاله تحرير 26 معتقلاً فلسطينياً منذ ما قبل اتفاق أوسلو.
ومن أجل احتواء مفاعيل هذا الحدث، توقع ربابورت، تنفيذ العملية تحت جنح الظلام، مشيرا الى ان مظاهر الفرح في الشارع الفلسطيني ستكون مضبوطة، اضف الى أن اسرائيل ستعلن مع اطلاق دفعة الاسرى، بناءً استيطانياً وراء الخط الأخضر.
واضاف ربابورت، انهم في اسرائيل يثنون على نشاط الاجهزة الامنية للسلطة، في الفترة الاخيرة التي كانت فعالة جدا، غير انهم قلقون مما قد يحدث خلال الاشهر المقبلة، اذ يجري التداول بعدة سيناريوهات، منها تبلور وضع جديد، لن يكون مشابها بالضرورة للانتفاضة الاولى، التي كانت شعبية في جوهرها، ولا بالانتفاضة الثانية، التي تميزت بتكثيف العمليات العسكرية، بل وضع جديد يقع في الوسط بين الحالتين، بمعنى ارتفاع كمي بعدد عمليات «خرق النظام »، ترافقه عمليات من هنا وهناك، مشيراً الى أن الانتفاضة الثالثة يمكن ان تواصل تطورها، ببطء وبالتدرج، ويمكن ان تتراكم بسرعة، عندما تصل المحادثات الى طريق مسدود.