القاهرة | دخلت لجنة الخمسين أمس أزمة جديدة بسبب الخلافات الحادة بين أعضائها حول عدد من المواد الأساسية المتعلقة بمجلس الشيوخ، وحرية ممارسة الشعائر الدينية، وحرية تداول المعلومات، فضلاً عن إصرار حزب النور «السلفي» على وضع نص لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية كتلك الموجودة في المادة (219) من دستور 2012. ثماني ساعات من النقاش استغرقتها جلسة أمس، التي لم تستطع إقرار سوى 4 مواد فقط، فيما أُلحقت المادة الرقم (47) بالمواد الخلافية، وذلك بعدما أضافت لجنة الحقوق والحريات إلى المادة التي تقول إن «حرية الاعتقاد مصونة، وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية، وتيسر إقامة دور العبادة للأديان السماوية»، نصاً يعطي أصحاب الديانات غير السماوية الحقوق نفسها، ما جعل اللجنة تنقسم على نفسها بين مؤيد ومعارض.
وأفادت مصادر «الأخبار» أن التأخير في التصويت، وعدم إنجاز ما اتفق عليه خلال الجلسة، يعودان على نحو أساسي إلى المقترحات الإضافية التي أتى بها ممثل حزب النور، وإصراره على إقرارها، إلا أن تلك المفترحات قوبلت جميعها بالرفض من قبل لجنة الخمسين.
وتضيف المصادر إن ممثل القوات المسلحة، اللواء مجدي الدين بركات، تسبب أيضاً ببعض الإرباك والتأخير بسبب الجدل الواسع بينه وبين معظم أعضاء اللجنة، الذين رفضوا مقترحه بتضمين مصطلح «بما لا يتعارض مع الأمن القومي» لنص المادة الرقم (50) الخاصة بحرية تداول المعلومات، وإقرار رئيس اللجنة عمرو موسى للمادة بعد انتهاء المناقشة وانتقاله إلى المادة التالية، وهو ما عدّه بركات تجاهلاً له، فهمَّ بالخروج من القاعة لولا أن خرج خلفه عدد من الأعضاء أبرزهم منى ذو الفقار، وخالد يوسف، ثم أُجّلت مناقشة المادة في محاولة لاسترضائه.
وشهد اجتماع لجنة نظام الحكم، المنبثقة عن لجنة الخمسين، خلافات حادة بسبب اعتراض أعضاء اللجنة على قيام لجنة الصياغة بحذف المواد الخاصة بمجلس الشيوخ، الأمر الذي أثار غضب مؤيدي بقاء الغرفة الثانية للبرلمان، ومنهم عمرو موسى، الذي انضم إلى الاجتماع بمجرد علمه بالأمر، وهو في حالة غضب شديد.
ووفقاً لمصادر مطلعة حضرت الاجتماع، استهجن رئيس حزب الوفد، سيد البدوى، موقف لجنة الصياغة، مشيراً إلى أن ما فعلته «تقليل من شأن لجنة نظام الحكم». يأتي هذا في الوقت الذي يرى فيه عدد غير قليل من الأعضاء أن حسم بقاء المجلس من عدمه، سيكون من خلال الجلسة العامة للخمسين عبر التصويت.
من جانبه، أكد المقرر المساعد للجنة، محمد عبد العزيز، لـ «الأخبار» أن «لجنة نظام الحكم ستراجع كل ما تقوم به لجنة الصياغة، وستقارنه بالمنتج الذي أرسلته إليها».
وفي تصريح خاص بـ «الأخبار» قال القيادي في حزب «النور» السلفي، والعضو الاحتياطي في لجنة الخمسين عن الحزب، صلاح عبد المعبود، أمس إن اجتماع قيادات الحزب مع موسى لبحث «وضع نص لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، فشل في التوصل إلى نتيجة إيجابية».
وأضاف عبد المعبود «لم نتوصل إلى شيء، وهناك جلسة جديدة ستُعقَد في وقت لاحق، لكن لم يحدَّد موعد لها، ما زلنا عند رأينا في حزب النور بضرورة وضع نص في الدستور لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية كما هو وارد في المادة (219) من دستور 2012، سواء في مادة منفصلة أو في فقرة من المادة الثانية المتعلقة بمبادئ الشريعة».
وأكد تمسك الحزب بالتفسير «وفق مذهب أهل السنّة والجماعة، حتى نواجه الشيعة»، مجدداً رفضهم نص «مصر دولة مدنية» في المادة الأولى من الدستور. وعن موقفهم النهائي من الدستور حال طرحه للاستفتاء دون إجابة مطالبهم، قال عبد المعبود: «نحن ننتظر لحين صدور المسودة النهائية، والإعلان عن موقف الآن، أمر سابق لأوانه».
وفي سياق متصل، توجه الأعضاء الاحتياطيون في لجنة الخمسين أمس إلى رئاسة الجمهورية، لمناقشة أزمة استبعادهم من حضور جلسات التصويت النهائية على مواد الدستور مع المستشار السياسي لرئيس الجمهورية مصطفى حجازي.
وقال عمرو درويش العضو الاحتياطي في اللجنة إن المؤشرات تؤكد أن الموضوع فى طريقه للحل، وأن حجازي أبدى تفهماً لأزمة الأعضاء الاحتياطيين داخل اللجنة، مشيراً إلى أن جميع الخيارات لا تزال مطروحة أمام الأعضاء الاحتياطيين لتصحيح «القرار الخاطئ» الذى حرمهم المشاركة فى جلسات اللجنة العامة.