في غمرة الحراك الديبلوماسي الروسي والأميركي لعقد مؤتمر «جنيف 2» أواخر الشهر المقبل، ختم الموفد الدولي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي لقاءاته في محطته الثامنة، دمشق. وأكّد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقائه الإبراهيمي، أنّ «أيّ حل يجري التوصل إليه يجب أن يحظى بقبول السوريين»، مجدداً القول إنّ الشعب السوري هو وحده المخول «رسم مستقبل سوريا».
وتابع الرئيس السوري قائلاً إنّ «نجاح أي حلّ سياسي يرتبط بوقف دعم المجموعات الإرهابية والضغط على الدول الراعية لها»، مشيراً إلى أنّ «هذا الأمر هو الخطوة الأهم لتهيئة الظروف المواتية للحوار ووضع آليات واضحة لتحقيق الأهداف المرجوة منه».

وقال الإبراهيمي من جهته، إن «الجهود المبذولة لعقد مؤتمر جنيف تتركز على توفير السبل أمام السوريين أنفسهم للاجتماع، والاتفاق على حل الأزمة بأسرع وقت ممكن ووضع تصور مبدئي حول مستقبل سوريا».
من جهة أخرى، أكدت المتحدثة باسم الديبلوماسي الجزائري، خولة مطر، لوكالة «فرانس برس» رغبة الإبراهيمي في أنّ تشارك السعودية في مؤتمر جنيف، وأنّه «يقدر دور المملكة في إعطاء دفع لعملية السلام» في سوريا والمنطقة.
كذلك التقى الديبلوماسي الجزائري السفير الإيراني، في دمشق، محمد رضا شيباني الذي صرّح بعد الاجتماع بأنّ حضور بلاده «اجتماع جنيف مفيد للوصول إلى حل سياسي في أقل وقت ممكن».
في موازاة ذلك، قال مسؤولون عرب وغربيون إنّ من المستبعد أن تفي القوى الدولية بموعد عقد مؤتمر جنيف الشهر المقبل، مع ظهور خلافات بين واشنطن وموسكو بخصوص تمثيل المعارضة. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية لـ«الأخبار» إن المؤتمر سيُرجأ إلى الشهر الأول من العام المقبل.
وأبلغ المسؤولون وكالة «رويترز» أنّ من المتوقع، أيضاً، أن يساهم فشل «الائتلاف» المعارض في اتخاذ موقف واضح من المحادثات في تأجيلها قرابة شهر. وقال مسؤول يشارك في الإعداد للمحادثات: «سيزيد وضوح الصورة عندما تجتمع الولايات المتحدة وروسيا الأسبوع المقبل، لكن جميع المؤشرات تبيّن أنّ من الصعب الوفاء بموعد 23 تشرين الثاني».
وأشار مسؤول غربي إلى أنّه «استشاط الروس غضباً من الموقف القوي الذي اتخذ في لندن (اجتماع «أصدقاء سوريا»)، ولأنّ البيان الختامي استجاب لكثير من مطالب الائتلاف».

«إرباك» إقالة جميل

وخيّم مزيد من الارتباك على الاستعدادات لمؤتمر جنيف، نتيجة إقالة نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل، بعدما اجتمع مع الديبلوماسي الأميركي روبرت فورد في جنيف يوم السبت الماضي.
وقال مطلعون على أجواء اللقاء إنّ جميل «قابل فورد عقب اجتماعه مع مسؤولين روس في موسكو. الاجتماع كان طويلاً، لكن بلا فائدة». وأضاف: «طرح جميل ما عدّه فورد اقتراحات عقيمة بخصوص محادثات جنيف. وحاول أيضاً دون طائل أن يكسب دعم الولايات المتحدة لضمه إلى وفد المعارضة في محادثات جنيف».
وقال مصدر دبلوماسي آخر، في هذا السياق، إنّ روسيا أيّدت الفكرة، لكن «الائتلاف» لم يكن ليقبل انضمام جميل إلى جانبه في أيّ مفاوضات.
في هذا الوقت، واصل جميل لقاءاته في العاصمة الروسية، حيث التقى نائب وزير الخارجية، ميخائيل بوغدانوف. وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية أنّه «جرت مناقشة الوضع في سوريا مع التركيز على جانبه الإنساني. وأُفصح عن رأي مشترك بضرورة عقد مؤتمر جنيف بأسرع ما يمكن لنقل الأحداث إلى مجرى الحوار الوطني السوري الشامل».
إلى ذلك، أقرّ وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بأنّ اجتماع جنيف يواجه اعتراضات من الطرفين في سوريا. لكنه أضاف، خلال زيارة لليونان، أنّ «هناك اتصالات بين روسيا والولايات المتحدة وينبغي ألا نسمح بفشل تلك الجهود».
ومن العقبات أمام عقد المؤتمر، معارضة رئيس «الائتلاف» أحمد الجربا حضور «جنيف 2» إذا كان هناك «أي احتمال لبقاء الأسد في السلطة».
وقالت مصادر في المعارضة، في هذا الصدد لوكالة «رويترز»، إنّ الجربا الذي يتمتع بدعم السعودية سافر إلى المملكة في الأيام الماضية لمقابلة الملك عبد الله. وسيرأس اجتماعاً للائتلاف في اسطنبول في التاسع من تشرين الثاني، لبحث اتخاذ موقف بخصوص محادثات جنيف، مضيفاً أنّ الاجتماع «سيمتد على الأرجح لما يصل إلى أسبوع كالمعتاد». إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها صدر في أعقاب لقاء نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف مع مساعد وزير الخارجية القطري علي بن فهد الهاجري في موسكو أمس، أنّ الجانبين أكدا أهمية تنسيق الجهود الدولية لتسوية الأزمة السورية في إطار «جنيف 2».
في سياق آخر، أعلنت الخارجية الروسية، في بيان آخر، أنّ موسكو قلقة للغاية من الأنباء الجديدة عن استخدام السلاح الكيميائي من قبل متطرفين في الأراضي السورية. جاء ذلك تعليقاً على التقارير الإعلامية عن استخدام المسلحين للسلاح الكيميائي ضد الأكراد في بلدة رأس العين القريبة من الحدود التركية. وأشارت موسكو إلى أنّ «هذه المعلومات بلا شك تحتاج إلى التأكد منها بدقة والتحقيق فيها».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)