لم تنته تداعيات سيطرة الجيش السوري على مدينة السفيرة (شرق حلب) أول من أمس، بعد معارك عنيفة وصلت الى ذروتها في الايام القليلة الماضية. وساد استياء كبير لدى جمهور المعارضة، بعدما أصدر «مركز حلب الاعلامي»، الناطق باسم المسلحين في المنطقة، بياناً قال فيه ان «الثوار في مدينة السفيرة في ريف حلب الشرقي يعلنون انسحابهم من كامل المدينة».
وأضاف البيان «إن غرفة عمليات السفيرة وجهت في وقت سابق نداء إلى جميع كتائب الثوار بضرورة التوجه السريع للريف الجنوبي وايقاف تقدم قوات النظام، إلا أن القليل من الكتائب استجابت للنداء».
تحرير الجيش السوري للسفيرة أدى إلى تبادل اتهامات بين قوى المعارضة بخذلان المدينة، وبالخيانة، وبالعمل لمصلحة النظام. وبحسب مصادر ميدانية معارضة، أدى دخول السفيرة إلى تدني معنويات المقاتلين في حلب، وخاصة اولئك الذين باتوا يخشون تقدم الجيش السوري من جهة، وبطش «داعش» داخل أحياء حلب من جهة اخرى.
كذلك ظهر الاستياء عارماً بين جمهور المعارضة، إذ اشتعلت صفحات «التنسيقيات» المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي، وانهال الهجوم بالدرجة الاولى على «دولة الاسلام في العراق والشام» (داعش) التي كانت تسيطر على المدينة، إضافة الى «حركة أحرار الشام الاسلامية» وقائد «جيش الاسلام» زهران علوش. ووّجهت اتهامات «بالخيانة» والعمل لاجندات خارجية، ووصفت التنظيمات الثلاثة بـ«الجبانة والكاذبة». كذلك قالت مصادر معارضة إن السيطرة على السفيرة ستمنع المجموعات المسلحة التي تمتهن التهريب بين شطري المدينة من تحقيق أرباح طائلة، مقابل تهريب البضائع من احياء حلب التي يسيطر عليها المعارضون، إلى الأحياء التي يسيطر عليها الجيش.
وسيكون لسيطرة الجيش على السفيرة، تبعات عسكرية عديدة في المستقبل، وخصوصاً ان المدينة تقع الى جانب طريق سلمية ـــ في محافظة حماة في وسط البلاد ـــ حلب التي تعد طريق الامداد الرئيسي لقوات النظام الى مدينة حلب المتنازع عليها. حيث تشير مصادر ميدانية الى ان المعارضة تسيطر على كامل قرى وبلدات ريف حلب، فيما تسيطر على 50 في المئة من مدينة حلب فقط. وتبعد السفيرة عن مدينة حلب نحو 25 كلم، وعن معامل الدفاع الاستراتيجية خمسة كلم، وعن المحطة الحرارية لتوليد الكهرباء التي تغذي حلب 15 كلم، وعن مطار كويرس الحربي نحو 20 كلم، وعن مطار حلب الدولي 18 كلم.
وفي هذا السياق، أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة في بيان لها أمس، «أن أهمية هذا الانجاز الجديد لقواتنا المسلحة يأتي من كون هذه المنطقة الاستراتيجية البوابة الجنوبية الشرقية لمدينة حلب، والسيطرة عليها تعزز تأمين طرق الإمداد بالمواد الغذائية والطبية إلى أهلنا في حلب وريفها، وتمثل قاعدة انطلاق للإجهاز على العصابات الإرهابية المسلحة في الريف الشرقي لمدينة حلب».
وقال قائد ميداني لوكالة «سانا» الإخبارية أمس، إن الجيش دمّر كافة المعاقل التي كانت تختبأ فيها المعارضة المسلّحة، إضافةً الى معمل لتصنيع العبوات الناسفة وبداخله كميات كبيرة من المتفجرات.
في موازاة ذلك، سقطت عدة قذائف مدفعية وصاروخية في الأحياء الآمنة، أوقعت ما لا يقل عن ستة أشخاص، وجرحت أكثر من عشرين آخرين، في الاسماعيلية والمشارقة والحمدانية والميريدان.
وفي منبج، تتابع «داعش» ملاحقة مسلحي جماعة «جند الحرمين». ونقل مصدر معارض لـ«الأخبار» أن مجموعة من «داعش» داهمت منزل علي تير من عناصر الكتيبة المذكورة، على طريق الجزيرة، وتبادلت إطلاق النار مع مسلحيه، ثم أعدمته بعد استسلامه. وفي مدينة حلب، اندلعت اشتباكات على محور العرقوب ـــ الصاخور وسليمان الحلبي ــــ الشيخ خضر.
وفي موازاة ذلك، أعلنت «داعش» مصادرة حلي ذهبية وأسلحة ثقيلة ورشاش أميركي الصنع، ومبالغ نقدية كبيرة، إضافة إلى كمية من الأحجار الكريمة، وحبوب مخدّرة وحشيش وعدد كبير من أسطوانات الغاز من مقارّ لواء «شهداء بدر» الذي يترأسه خالد حياني. من جهتها، أعلنت «الفرقة 16» في «السوري الحر» وقوفها إلى جانب لواء «شهداء بدر»، محذرة «داعش» من تفاقم الأوضاع في حلب.
الى ذلك، ذكر معارضون في منطقة الباب (شمال شرقي حلب)، أن مسلحي «داعش» أتلفوا وثائق وسجلات النفوس المدنية في المدينة ورموها في مكب النفايات، رغم مناشدات «المجلس المحلي المنتخب» بعدم القيام بذلك.
على صعيد آخر، استمرت أمس الاشتباكات في بيت سحم وسبينة وحجيرة في ريف دمشق، بالتزامن مع قصف طاول هذه البلدات. ونقلت صفحات التنسيقيات، أن اشتباكات عنيفة بين الجيش ومعارضين مسلحين دارت في بلدة بيت سحم بريف دمشق القريبة من طريق مطار دمشق الدولي.
كذلك شهدت الجبهة الشمالية والشرقية من مدينة المعضمية اشتباكات الى جانب قصف مدفعي عنيف، طاول بلدة يلدا. وقال مصدر عسكري لـ«سانا» إن وحدات من الجيش لاحقت المجموعات المسلحة في ريف دمشق وقضت في عملية ناجحة في بلدات غزالة وسبينة الصغرى وسبينة الكبرى على اعداد كبيرة منهم.
وقال مصدر عسكري لـ«الأخبار»، إن الجيش استهدف تجمعات للمسلحين في جوبر ودير العصافير ومرج السلطان والمليحة وزبدين ويبرود في ريف دمشق، أدت الى مقتل 30 مسلّحاً.
وفي ريف إدلب، نفذ الجيش بناءً على معلومات من الأهالي كمينا لمجموعة من «ألوية صقور الشام» في المنطقة الواقعة بين قريتي قميناس والمسطومة. وأشار مصدر عسكري لـ «سانا» إلى أنه جرى خلال الكمين إيقاع كامل أفراد المجموعة قتلى ومصابين، ومصادرة أسلحتهم.
على صعيد آخر، تمكن مقاتلون من «وحدات حماية الشعب» الكردية أمس من استهداف سيارة تابعة لمسلحي «داعش» بالقرب من قرية خريبكة في عفرين (شمال حلب).
وقالت صفحات «وحدات الحماية» إن الهجوم أدى الى تدمير السيارة بالكامل، وإلى مقتل اربعة مسلّحين من «داعش».
(الاخبار)