دمشق ـ الأخبارلم تهدأ يوماً وتيرة المعارك في مدينة درعا (جنوب سوريا) بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة المعارضة المتمركزة هناك. لكن يبدو أن تغيّراً ميدانياً جديداً طرأ على الأرض، تمثل بدخول «دولة الإسلام في العراق والشام» (داعش) الى المحافظة الجنوبية، متوعّدة بقيام «ولاية درعا» قريباً. ونشرت مواقع معارضة وصفحات مقربة من «الدولة» الخبر وسط احتفالات بهذا «الإنجاز» من قبل البعض وامتعاض البعض الآخر. فمنطقة درعا شهدت في الآونة الأخيرة تقدماً على عدد من المحاور لقوات المعارضة، التي تقود عملياتها «جبهة النصرة». وسبق أن أعلنت الجبهة سيطرتها على درعا البلد (الجزء القديم من مدينة درعا)، بعد احتلالها مركزاً تابعاً لحرس الحدود السوري (الهجانة)، علماً بأن اشتباكات يومية لا تزال تدور بين الجيش السوري و«النصرة» في أحياء درعا البلد. على هذه الخلفية، ظهرت «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في المنطقة، ليحتفي أنصارها باقترابها من «أرض الأنبياء»، أي فلسطين المحتلة. في المقابل، عبّر عدد من أنصار «جبهة النصرة» والكتائب المعارضة الأخرى عن خطورة وصول «داعش» إلى المنطقة، بسبب رفض البعض لتزمّت «الدولة» من جهة، وخشية «شق الصف» الذي تقوده جبهة النصرة حالياً. وتحدّث معارضون عن انشقاق في جبهة النصرة في درعا ومبايعة بعض المنشقين لـ«داعش».
على صعيد آخر، ارتفعت حدّة المعارك بين «وحدات حماية الشعب» الكردية و«داعش» في مدينة رأس العين (سريه كانيه) في محافظة الحسكة. وأعلنت «وحدات الحماية» في بيان لها السيطرة على قرى الأسدية وتل ذياب وقصير، وقرى أخرى في ريف سريه كانيه في محافظة الحسكة. وبحسب البيان، قتل العشرات من تنظيمَي «الدولة» و«جبهة النصرة»، وفرّ الباقون من المكان.
واستكمالاً للمعارك التي تخوضها «داعش» في وجه سائر التنظيمات المسلحة المعارضة، أعلنت «الفرقة 16» التابعة لـ«الجيش الحر»، والّتي ينضوي تحت لوائها «شهداء بدر»، أول من أمس، تنفيذ ما سمّته «عملية نوعية» على حاجز تابع لـ«داعش» تحت جسر الشقيف في حلب. وأشارت الفرقة إلى مقتل سبعة عناصر من «داعش»، إلى جانب مقتل عنصر وإصابة آخر من مقاتليها. وجاءت هذه العملية على خلفية الاشتباكات بين لواء «شهداء بدر» و«داعش»، وبعدما سيطرت الأخيرة على حواجز عدة تابعة للواء وأسر العديد من عناصره.
في موازاة ذلك، أفاد نشطاء بأن «داعش» دهمت ليل أول من أمس مقر المجلس الوطني الكردي في مدينة الرقة (ريف حلب) وأغلقته، معتبرة أنه غير شرعي. ولاحقت «الدولة» نشطاء في «المجلس»، واعتقلت بعضهم.
وليل أمس، أفادت قناة «الميادين» عن اشتباكات بين «داعش» و«النصرة» في الأحياء التي يحتلها المسلحون في مدينة حلب، فضلاً عن اعتقال «الدولة» لقائد كتيبة أبي عبيدة في المدينة.
واستكمالاً لسيطرته على مدينة السفيرة (جنوبي شرقي حلب)، أعلن الجيش السوري أمس تحرير قرية العزيزية شمالي السفيرة في ريف حلب الجنوبي، في وقت ذكرت فيه عدة مواقع ليل أمس، (بعضها صفحات معارضة) سيطرة الجيش على قريتي تل حاصل وتل عرن الواقعتين بين السفيرة وحلب، فيما نفت صفحات أخرى ذلك، وذكرت أن الاشتباكات لا تزال مستمرة بين «النصرة» و«داعش» من جهة، والجيش السوري من جهة ثانية في البلدتين.

استقالة العكيدي

ومن تداعيات الهزيمة التي تلقّتها المعارضة المسلّحة في السفيرة، أعلن قائد «المجلس العسكري الثوري» في حلب عبد الجبار العكيدي استقالته من منصبه، نتيجة «تقاعس قيادات الثورة في الداخل والخارج عن نصرة المقاتلين، وخاصة في المعركة التي خاضوها مع الجيش السوري في السفيرة في ريف حلب»، قائلاً لهم «ابقوا في فنادقكم». وأشار في تسجيل مصوّر إلى أن استقالته تأتي من أجل «فسح المجال أمام الشباب»، متعهداً «بالبقاء في العمل ضمن ميادين الثورة».
وتحدّث العكيدي عن تخاذل المجتمع الدولي وفساد المعارضة الخارجية وعدم التزامها بتعهداتها، واصفاً إياها بـ«معارضة الفنادق». وكان العكيدي قد انضم الى المقاتلين في القصير، وتوعد مراراً بعدم السماح بسقوط المدينة.

معارك سبينة وحجيرة

الى ذلك، يواصل الجيش عملياته العسكريّة الواسعة في الريف الجنوبي لمدينة دمشق (ليث الخطيب). وبحسب مصدر عسكري، تحدّث لـ«الأخبار»، فإن «مركز عمليات الريف الجنوبي يقع في العمق، لا على أطراف العاصمة، منطلقاً من بلدة السيدة زينب إلى البلدات المجاورة، بما يسمح بقطع خطوط الإمداد من الخلف عن المعارضة المسلّحة التي تتمركز على الأطراف الجنوبية للعاصمة، في الحجر الأسود ومخيم اليرموك وببيلا ويلدا والتضامن، بالتزامن مع قطع خطوط الإمداد من جهة الشرق».
وخلال اليومين الماضيين، شكّلت بلدتا حجّيرة وسبينة (الكبرى والصغرى) مسرحاً لفصل جديد في العمليّة العسكرية، حيث يحرز الجيش تقدماً في كلتا البلدتين على نحوٍ مركّز بما يسمح بالسيطرة الكاملة عليهما، «ولكن دون أن ينعكس ذلك على المحور الآمن، الخاضع لسيطرة الجيش، من الناحية المقابلة، على طريق درعا الجنوبي وحوله»، يشرح المصدر. وتحدّثت تنسيقيات المعارضة عن مقتل 11 مسلّحا في بلدة سبينة في اليومين الماضيين.
في موازاة ذلك، تجدّد خلال اليومين الماضيين سقوط قذائف الهاون على العاصمة دمشق، التي تشهد ازدحاماً شديداً خلال الأسابيع التي تلت عيد الأضحى. واللافت أن صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي أعلنت أن «داعش» هي التي قصفت دمشق بالهاون خلال اليومين الماضيين. وسقطت قذيفة عند أحد جدران قلعة دمشق، ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات بين المدنيين. وسقطت ثماني قذائف هاون في حي القصاع، شرقي دمشق، أصابت إحداها مقر الكشاف في باحة كنيسة الصليب، ما أسفر عن إصابة شخصين بجروح. وسقطت اثنتان في شارع خالد بن الوليد في وسط العاصمة، ما أسفر عن إصابة 3 أشخاص بجروح، واستهدفت القذائف تجمع المدارس في دويلعة، ومحيط ساحة العباسيين، وأخرى في حي المزرعة. وفي جرمانا، أصيب تسعة مدنيين إثر سقوط 5 قذائف.
وفي الريف الجنوبي الغربي للعاصمة، أفادت وكالة «سانا» الإخباريّة بأن الجيش أحبط محاولة تسلل مسلحين من قرية الحردين إلى كناكر، وقتل معظم أفرادها أثناء الاشتباك، وضُبطت جوازات سفر ووثائق لمسلحين أردنيين وتونسيين ومنشورات تتضمن تعليمات حول طريقة إعداد العبوات والأحزمة الناسفة.