القاهرة | بانتظار إعادة محاكمته في 8 كانون الثاني المقبل، اصبح مكان الرئيس المعزول محمد مرسي معروفاً، سجن «برج العرب» قرب الإسكندرية، وذلك بعد اربعة أشهر من عدم معرفة مكان اقامته. تأجيل محاكمة مرسي ومعاونيه من جماعة «الإخوان» المسلمين اتخذته المحكمة بعد مناوشات حصلت بين المتهمين واعضاء المحكمة. وذكر التلفزيون المصري أن محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار أحمد صبري يوسف اضطرت إلى رفع أولى جلسات محاكمة مرسي في قضية ما يعرف «احداث الاتحادية» في كانون الاول 2012 بعد دقائق من بدايتها. وأوضح التلفزيون أن القاضي اضطر إلى رفع الجلسة بسبب هتافات المتهمين داخل قفص الاتهام الرافضة للتقاضي أمام المحكمة.
جلسات المحاكمة بدأت في تمام العاشرة والنصف وخمس دقائق، حيث ظهر المتهمون جميعاً داخل قفص المحكمة، وبعدها بـ5 دقائق دخل الرئيس المعزول إلى قفص الاتهام، حيث قام معاونوه بالتصفيق له. وجلس القضاة على منصتهم، بينما ظهرت هيئة الدفاع عن المتهمين والمحامي المدعي بالحق المدني، ومعهم الصحافيون والاعلاميون الذين حضروا لمتابعة مجريات الجلسة.
وقبل افتتاح الجلسة من قبل رئيس المحكمة أحمد صبري يوسف، قام مرسي ومعاونوه برفع إشارة متظاهري ميدان «رابعة العدوية»، وإعطاء ظهورهم لهيئة المحكمة.
بعدها، بدأ القاضي ينادى بأسماء المتهمين كاملة للتأكد من حضورهم، ليفاجئ مرسي الجميع بقوله لقاضي المحكمة «أنا الرئيس الشرعي لمصر، واحملك مسؤولية انعقاد الجلسة»، ثم نظر إلى بعض الضباط والأفراد المرافقين له في القفص، وقال لهم: «إياكم حد يضحك عليكم ويخليكم تضروا الشعب، فأنا الرئيس الشرعي للبلاد.. وما حدث انقلاب على الشرعية». وأضاف «أرفض أن أحاكم من قبل هذه المحكمة»، مشدداً على أنه «ينبغي محاكمة قادة الانقلاب امام هذه المحكمة». وقالت مصادر داخل قاعة المحكمة إن مرسي طلب من القاضي أن «ينهي المهزلة»، ويسمح له بالخروج لممارسة عمله «رئيساً للبلاد».
مرسي، وفور دخوله قاعة المحكمة، سأل عن نائب رئيس «حزب الحرية والعدالة»، عصام العريان، ليؤكد له مرافقوه أنه سيراه في قفص الاتهام. وفور وصول مرسي إلى القفص، تحدث مع محمد البلتاجي معزياً اياه بابنته التي قتلت في فض اعتصام «رابعة العدوية» في آب الماضي.
وبعدما جاء دور الدكتور محمد سليم العوا في الظهور بحكم أنه رئيس الطاقم القانوني لمجموعة المتهمين، مطالباً بالقاء المرافعة عن الرئيس المعزول، قاطعه المحامي الدولي، المدعي بالحق المدني، خالد أبو بكر، قائلاً: «كيف ستترافع عنه وهو يرفض أن يترافع عنه أحد»، فتوجه القاضي إلى مرسي بالسؤال: «هل تريد أن يترافع الدكتور محمد سليم العو عنك؟». فرد مرسي: «اسمع أولاً ثم اقرر إن كان يترافع عني أو أن أقوم أنا بالترافع عن نفسي». وبعد كلمات العوا قال مرسي: «موافق أن يترافع عني العوا».
وبين تداخل أصوات في القاعة وحدوث «شغب» صوتي، رفعت المحكمة الجلسة مرتين، وقام عصام العريان حينها بالقول إنه لا يعترف بالمحكمة، وإنه يرى أن مرسي هو الحاكم الشرعي للبلاد، بينما قال محمد البلتاجي: «لدي 10 أسباب موضوعية تؤكد بطلان اجراءات الجلسة، أما نائب ديوان رئيس الجمهورية السابق، أسعد الشيخة، فاكتفى بالحديث مع المستشار الأمني للرئيس المعزول، أيمن هدد الذي ظل بعدها صامتاً تماماً».
بعد ذلك رفع مرسي أذان الظهر داخل القفص، وقام بإمامة المتهمين، الأمر الذي وقف أمامه البعض في ذهول تام، وعده البعض الآخر خطوة مباغتة للفت الأنظار. ووسط ما حدث وتعمد افشال سير الإجراءات القانونية المتبعة في مثل هذه الاوضاع، بجانب رفض مرسي ارتداء الزي الابيض، زي السجناء قيد التحقيق في السجون المصرية، اضطر القاضي إلى رفع الجلسة وتأجيلها إلى يوم 8 كانون الثاني المقبل، اعمالاً لحق «ضرورة الاطلاع على الاوراق المقدمة من دفاع مرسي ودفاع الحق عن المدعين بالحق المدني».
عملية خروج مرسي من قاعة المحكمة لم تستغرق سوى بضع دقائق، بدءاً من اجراءات تأمين خروجه من القفص، ونهاية بإيداعه الطائرة الخاصة لنقله إلى سجن برج العرب بالإسكندرية. أما باقي المتهمين، فكانت هناك بعض العوائق فى توصيلهم إلى سجن طرة، لكن الامن تعامل مع الموقف وتغلب عليها بسرعة، وخاصة بعد قيام عدد من أنصار الرئيس المعزول بقطع الطرق. وهو ما جعل الأمن يعزز من قواته، وصدرت الأوامر للقوات المرافقة للمتهمين من قادة «الإخوان»، بتأخير خروجهم لما يقرب من ساعة، ولحين هدوء الأوضاع في الشارع وانصراف المتظاهرين. وبعد استقرار الأوضاع أمام أكاديمية الشرطة شيئاً ما، تحركت المدرعات وبداخلها قادة الإخوان في طريقها إلى سجن طرة، بعد تفتيشهم جيداً خشية أن يكون أحداً من أنصارهم قد ساعدهم على الحصول على أي شيء أثناء عملية الخروج من القفص.
محاكمة مرسي ترافقت مع تنظيم أنصار جماعة «الإخوان المسلمين» احتجاجات في مناطق متفرقة من البلاد، جرح فيها أربعة أشخاص على الأقل. وتظاهر الآلاف الذين تجمعوا أمام أكاديمية الشرطة، مقر المحكمة، ورفعوا شعارات تندد بالمحاكمة، وتطالب بإطلاق سراح مرسي. وقام متظاهرون بالاعتداء على سيارات البث التلفزيوني.
كذلك خرجت مسيرات لأنصار الإخوان في حلوان، التي يقام فيها سجن طرة، كما احتشد متظاهرون أيضاً أمام المحكمة الدستورية في منطقة المعادي.
وفي الإسكندرية، احتشد أنصار الإخوان في محيط محكمة الإسكندرية، واندلعت اشتباكات مع الأهالي، فيما تجمع آخرون في محيط القنصلية الأميركية، ورددوا الهتافات المطالبة بالإفراج عن مرسي.
كما رفع الجيش حالة التأهب في شمال سيناء، وخاصة حول المقارّ العسكرية والأمنية، تحسباً لوقوع هجمات.
وكان قد تغير مكان محاكمة مرسي في 48 ساعة بسبب التقرير الصادر عن جهاز الامن الوطني، الذي تحدث عن «حركات غريبة وتغييرات شهدتها منطقتي طرة والمعادي»، حيث ستجري المحاكمة، بعدما رصد استئجار عدد من الشقق بأسعار مبالغ فيها، ورصد تزايد في أعداد سيارات الأجرة والخاصة المنتشرة المجهولة الهوية بين الشوارع الجانبية، كما اكتشفت الأجهزة الأمنية، على ما ادعت، مكان ثلاث منصات لإطلاق الصواريخ، ووضع اجهزة بث فضائي لشبكة رصد الاخبارية التابعة جماعة «الإخوان» المسلمين، ولقناة «الجزيرة» وشبكة «سي ان ان» في مناطق بعيدة تماماً عن مقر المعهد، المشهد الذي اوحى بأن هذه الشوارع ستكون مسرح عمليات مناسباً لاضطرابات جديدة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أن «ما حدث مجرد خطة «تمويه» لصرف أنظار مؤيدي جماعة الإخوان إلى مكان أخر وتقليل الخطر الأمني.
وأكدت مصادر أمنية أن الاستعدادات لمحاكمة مرسي في أكاديمية الشرطة كانت مرتبة منذ فترة، وأن القوات كانت تتدرب جيداً على طبيعة المكان، الذي سهل تأمينه على نحو كبير مقارنةً بمعهد أمناء الشرطة.