أجواء إيجابية بين العراق وتركيا. الانطباع السائد، أن الدولتين عازمتان فعلاً على تذليل المشاكل التي عكّرت صفو العلاقات في الفترة الماضية في سعي حثيث لتحسينها، بما يخدم مصالح كل منهما. في ظل هذه النيات، جاءت زيارة وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أمس لبغداد بدعوة من نظيره العراقي هوشيار زيباري.
وفي النهار الأول لزيارته التي تختتم اليوم بزيارة لمحافظتي كربلاء والنجف، سمع الوزير التركي من المسؤولين العراقيين رغبةً واضحة في تعزيز التعاون وتطوير العلاقات بين العراق ودول الجوار، وخاصة مع تركيا لمواجهة الأزمة التي تشهدها المنطقة.
وأكد رئيس الوزراء نوري المالكي، للضيف التركي، أن «العراق يريد علاقات طيبة مبنية على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية مع كل دول العالم، ولا سيما دول الجوار».
وأوضح المالكي، في بيان صدر عقب استقباله الوزير التركي، أن «ظروف المنطقة تستدعي التعاون والتشاور وإقامة علاقات ثنائية متينة لتكون قاعدة صلبة للتعاون على صعيد المنطقة».
وأكد المالكي قائلاً: «نحن نريد علاقات بين دولتين متكافئتين تقوم على أسس متينة ودائمة، بحيث تبقى مستمرة مع تبدل الأشخاص والحكومات». وأضاف: «لدينا القدرة على المضي معاً في هذا الطريق، وخصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب وتثبيت الأمن والاستقرار»، مؤكداً أن «العراق يتبنى سياسة متأنية في المنطقة بعيداً عن التوتر والانفعال».
من جهته، شدد وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وفقاً للبيان، على «ضرورة التعاون والتنسيق بين البلدين على كل المستويات، وخصوصاً في ما يتعلق بالتطورات الجارية في المنطقة».
وندد داود أوغلو «بالأعمال الإرهابية التي يتعرض لها العراق». وقال إن أي «هجوم على العراق يُعَدّ هجوماً على تركيا»، مضيفاً أن «تركيا على استعداد للتعاون والتنسيق مع العراق حتى على الصعيد الاستخباري».
وأوضح داود أوغلو أن «العراق وتركيا يقفان ضد إثارة النعرات الطائفية في المنطقة»، داعياً إلى «تعاون إقليمي أوسع في هذا المجال». وأكد «ضرورة مضاعفة التشاور الثنائي في ما يخص تطورات المنطقة، ولا سيما الشأن السوري».
بدوره، شدد نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، خلال لقائه الوزير التركي، على ضرورة فتح صفحة جديدة مع تركيا ونسيان الخلافات التي طرأت على العلاقات التاريخية بين البلدين. ولفت الخزاعي إلى أن «العراق بلد غني ويرغب في أن تكون تركيا شريكاً أساسياً في العلاقات الاقتصادية ويرغب في الاستفادة من التجربة التركية الرائدة».
من جانبه، أكد داود اوغلو أن «تركيا ترى أن استقرار العراق هو من استقرار المنطقة».
كذلك، أكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات، صالح المطلك، خلال لقائه وزير الخارجية التركي، قدرة البلدين على مجابهة خطر الطائفية و«الإرهاب». وأعرب المطلك عن أمله أن «تشهد العلاقات مع الأخوة الأتراك تطورات إيجابية، ولا سيما أن العراق وتركيا يتمتعان بثقل مهم في المنطقة».
من جانبه، أكد داود أوغلو أن «العراق وتركيا لابد لهما من توحيد الجهود من أجل مجابهة التحديات التي تشهدها المنطقة الإقليمية».
وفي المؤتمر الصحافي المشترك مع زيباري، شدد داود أوغلو على ضرورة محاربة الجماعات الإرهابية التي تستغل الفوضى في سوريا، مؤكداً أن بلاده لا تدعم الإرهابيين و«لا يوجد أي مخيم في تركيا لدعم مسلحي داعش».
وقال داود اوغلو إن «تركيا لن تعطي أي شبر من أراضيها لدعم الإرهابيين»، متهماً «النظام السوري بأنه وراء الكثير من العمليات الإرهابية في لبنان والعراق وتركيا»، وبأنه أكثر من يتدخل في شؤون الدول الأخرى.
بدوره، أعلن زيباري أن زيارة الوزير التركي تفتح صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين التي «شابها بعض الفتور أخيراً»، قائلاً: «اتفقنا على خريطة طريق زمنية للوصول إلى الحالة الطبيعية في العلاقات وتفعيل اللجان، وقريباً ستُنظَّم زيارات بين المسؤولين وإعادة تفعيل اللجنة الوزارية بين البلدين».
وأشار زيباري إلى أنه وُجِّهت دعوة إلى رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي لزيارة تركيا وتوسيع العلاقات التجارية وربط السكك الحديدية بين البلدين، مؤكداً أن تركيا هي الشريك التجاري الأول بالنسبة إلى العراق، وحجم التجارة يبلغ نحوي 12 مليار دولار، وهناك آفاق لزيادته، وبُحث التعاون المتبادل في مجال النفط والطاقة والزراعة وتبادل الآراء في الأوضاع في سورية والتعاون الإقليمي في المنطقة.
(الأخبار)