القاهرة | أبدت الكنيسة استياءها أمس مما يحدث داخل لجنة الخمسين المنوط بها تعديل الدستور المصري في مذكرة من خلال ممثلها في اللجنة الأنبا بولا إلى رئيس اللجنة عمرو موسى، إثر بوادر للاستجابة لمقترحات حزب النور السلفي بوضع تعريف لكلمة مبادئ في ديباجة الدستور استناداً إلى المادة 219 التى تفسر كلمة مبادئ الشريعة الاسلامية، وهو ما ألغته لجنة الخبراء المعروفة بـ«العشرة» في مسودتها، الأمر الذي دفع موسى للقاء وفد من المجلس الاستشاري القبطي أول من أمس في مقر عمل اللجنة. ونقل عضو الوفد، كمال زاخر، عن موسى تأكيده أن لا وجود للمادة 219 في ديباجة الدستور أو نصوصه، وسيتم الاكتفاء بتفسير المحكمة الدستورية حول الشريعة، كما كان فى دستور 1971 بالأحكام قطعية الدلالة وقطعية الثبوت، وأن أي حديث عن وجودها محض افتراء.
وقال زاخر إن الوفد شرح لموسى تخوفهم من سيطرة الإسلاميين على لجنة «الخمسين»، وفرض رأيهم عليها، إلا أن موسى قال إن هذا هو ما يشغل اللجنة المصرة على تأكيد مدنية الدولة.
لكن مصادر مطلعة في اللجنة أكدّت لـ«الأخبار» أن الأزمة مازالت قائمة بسبب تبني الأزهر لوجهة نظر حزب النور السلفي على حساب مقترحات الكنيسة، والذي يمثله كل من محمد عبد السلام مستشار شيخ الأزهر، ومفتي الجمهورية شوقي علام.
وأكدت المصادر، التي فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن أزمة الكنيسة الحقيقية هي حذف كلمة «مدنية» من الفقرة الأولى في الدستور، وعدم تضمينها في الديباجة حتى الآن، فضلاً عن مخاوفها من ألا تحسب الديباجة ضمن مواد الدستور التي لا يمكن مخالفتها، مشيرةً إلى أن البحث جارٍ عن مخرج خلال الـ48 ساعة المقبلة، كي لا تتخذ الكنيسة خطوة الانسحاب.
مصادر أخرى رأت في حديث لـ«الأخبار» أن اجتماعات موسى بممثلي الأزهر وحزب النور دون دعوة ممثل الكنيسة الذي لم يعلم بها إلا عبر وسائل الاعلام، هي أيضاً سبب آخر لاستياء الكنيسة، لم يفصح عنه الأنبا بولا لا في مذكرته ولا في تصريحاته.
وكان الأنبا بولا قد أرسل أوائل الأسبوع مذكرة سرية لموسى، يعرض مطالبه واعتراضاته على طرق التصويت داخل لجنة المقومات الأساسية المنبثقة عن «الخمسين»، والتي يترأسها مستشار شيخ الأزهر محمد عبد السلام، حيث يلتزم الأخير برأي الأزهر والسلفيين ولو على حساب رأي الأكثرية.
وشرح الأنبا بولا بمذكرته طرق التصويت لافتاً إلى أن التصويت على كلمة «مدنية» حسم لصالح إضافة الكلمة لتصبح العبارة (جمهورية دولة مدنية ذات سيادة) وذلك بموافقة 10 في مقابل اعتراض 3 فقط، أي جميع أعضاء اللجنة مقابل ممثلي الأزهر والسلفيين، ومع ذلك امتثل مقرر اللجنة لرأيهم على حساب فريق الأغلبية.
وذكر أنه في المادة الثالثة أيضاً تم صوت 10 أعضاء لصالح عبارة «غير المسلمين» في مقابل 4 أعضاء فقط (ممثلي الأزهر والسلفيين) لصالح عبارة «اليهود والمسيحيين» ومع ذلك أقرت العبارة الأخيرة، مشيراً إلى أنه على المستوى الشخصي كان قد قدّم رأيه مكتوباً من قبل ويتضمن عبارة «اليهود والمسيحيين»، ولكنه تنازل عن هذا الرأى توافقاً مع رأي الغالبية. وتابع في مذكرته لموسى «إن ما تم نشره بخصوص النص المتفق عليه، للكتابة في ديباجة الدستور كبديل للمادة 219 يؤدي إلى اعتبار المسيحي مواطناً من الدرجة الثانية، لاعتباره كافراً، وعليه ينبغى معاملته أمام القانون ككافر، وبالتالي ومن خلال دراسات إسلامية كثيرة نلاحظ أنه ومن خلال الدستور سيتم عدم قبول شهادة المسيحي، إذ سيعامل الرجل القبطي كنصف الرجل المسلم.. والمرأة القبطية كنصف المرأة المسلمة».
وشدد في نهاية المذكرة على إلغاء أي تفسير لكلمة مبادئ الشريعة الإسلامية بما في ذلك الديباجة، أو الالتزام نصاً بما ورد في أحكام المحكمة الدستورية.