حلب | لم تكن الجماعات المسلحة في مدينة حلب وريفها تتوقع الهجوم الذي نفذه الجيش السوري خلال الأسابيع الماضية. وبعد انطلاقه، لم تكن تنتظر تقدم القوات الحكومية سريعاً، وتحريرها مناطق شاسعة من ريف حلب الجنوبي، ووصلها إلى تخوم عاصمة البلاد الاقتصادية. وأضيف إلى ذلك الخسائر البشرية الكبيرة التي مُنيت بها المجموعات المقاتلة، ما أدى إلى سيطرة حالة من القلق والخوف على هذه الجماعات. ونتيجة لذلك، أعلنت الكتائب المسلحة أمس، «النفير العام» في صفوفها، وحظر التجوّل في المدينة وريفها، إضافة الى قرار ما يسمى «الهيئة الشرعية» بإغلاق معبر كراج الحجز في حي بستان القصر أمام المشاة والبضائع بشكل نهائي لـ«أسباب أمنية وحفاظاً على أرواح المدنيين» اعتبارا من صباح اليوم، من السابعة مساء وحتى السابعة صباحاً. وسبق أن أغلق مسلحو المعارضة المعبر الذي يسيطرون عليه منذ أشهر. ويشمل حظر التجوّل أحياء حلب القديمة والقلعة والمشهد ونزلة الإذاعة والزبدية جسر الحج السكري وصلاح الدين والانصاري الشرقي. الى ذلك، أعلنت ست من الجماعات التكفيرية المسلحة «النفير العام» ودعت منتسبيها وجميع مقاتلي الجماعات المسلحة للمشاركة في المعارك ضد ما سمته «العدوان الغاشم، الذي يشنه الجيش السوري وحزب الله و(ما سمته) «لواء فضل ابو عباس» في حلب وريفها».
وجاء في البيان الذي لم توقع عليه «دولة الإسلام في العراق والشام» ووقعت عليه عدة جماعات تكفيرية أخرى أبرزها «حركة أحرار الشام الإسلامية» و«جبهة النصرة» و«لواء التوحيد» (الذراع العسكرية للفرع السوري لجماعة «الاخوان المسلمين»): «نهيب بكل الفصائل والتشكيلات العسكرية المتواجدة في مدينة حلب للمشاركة في صد هذا العدوان». وتوعد البيان بأن «كل من لم يشارك في تلبية هذا النفير ستتم محاسبته واتخاذ الإجراءات الصارمة بحقه وسحب سلاحه وتسليمه للقضاء الشرعي وينتهي الالتحاق بغرفة العمليات خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان».
ويأتي هذا البيان بعد خمسة أشهر من بيان شبيه، نشر عشية توقع المسلحين بدء الجيش السوري عملية تحرير ريف حلب في حزيران الماضي، إلا أن «النفير العام» السابق ناشد جميع القادرين على حمل السلاح التوجه الى مكاتب «النفير» في الريف والمدينة تحت طائلة «الإثم»، فيما اقتصر الحالي على منتسبي «التشكيلات العسكرية»، وتحت طائلة تسليمه لما يسمى «القضاء الشرعي». ونشرت بعض المجموعات لقطات فيديو لما قالت إنها تعزيزات وصلت إلى المدينة من إدلب وحماه.
في المقابل، ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية للجيش السوري في المدينة كما في الريف، حيث تتقدّم وحداته على اكثر من محور في الليرمون والأشرفية والمدينة القديمة، في وقت تصاعدت فيه حدة الاشتباكات بين مسلحين تابعين لـ«الدولة الاسلامية» من جهة وتنظيمات معارضة أخرى من جهة ثانية.
وفي الريف الشمالي الشرقي المشتعل منذ الجمعة الماضي، تقدم الجيش في عدة محاور وثبّت سيطرته على مساحات اكبر باتجاه طريق الباب القديم والمدينة الصناعية في الشيخ نجار، فيما أغلقت معظم المعامل الصغيرة والورش القليلة الباقية أبوابها، وسط نزوح سكاني كبير باتجاه مناطق أكثر أماناً. وفي مدينة عين العرب (شمال حلب) الواقعة على الحدود مع تركيا، شيّع الأهالي جثامين أحد عشر مواطناً بينهم خمسة أطفال قتلوا في تفجير سيارتين مفخختين استهدفتا نقطة طبية تابعة لوحدات «حماية الشعب الكردية» ليل أول من أمس.
على صعيد آخر، أعلنت «وحدات حماية الشعب» الكردية تصدّيها لمجموعات تابعة لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» في ريف اعزاز (شمال حلب) وفي ريف الحسكة (أقصى شرق سوريا).