جديد إسرائيل هذه الأيام، الرهان على روسيا، انطلاقاً من تجارب سابقة «فاجأت فيها موسكو» الكيان العربي، حسبما ذكر موقع «يديعوت أحرونوت»، وخاصة أن الروس لا يحبون فكرة أن يقود الأميركيون القصة كلها، إضافة إلى اهتمامهم بألّا يكون هناك سلاح نووي، في الباحة الخلفية لروسيا، في إشارة إلى إيران. ضمن هذا الإطار، ينوي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، زيارة موسكو، يوم غد الأربعاء، واللقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين، في محاولة لإقناعه بتأجيل توقيع الاتفاق النووي بين طهران ومجموعة «5 + 1»، على الأقل. ولفت موقع «يديعوت» إلى أن نتنياهو استغل زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند لإسرائيل، لإطلاعه على معلومات استخبارية حساسة، إضافة إلى معلومات إسرائيلية عن تقدم البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي الحاجة إلى الانتظار عدة أشهر من أجل مفاقمة العقوبات.
رغم ذلك، نقلت «يديعوت» أيضاً، أن الإسرائيليين غير متفائلين إزاء النتائج النهائية، في ضوء الاتصالات التي تُجرى بين الولايات المتحدة وإيران، والتي وصفها مصدر سياسي عبري بأنه «حتى الوكالة الدولية فوجئت من مضمون هذه المحادثات». وأضاف الموقع الإسرائيلي أن هذا المسار هو الذي يملي على بقية الدول الغربية المشاركة في المحادثات بشروط الاتفاق المطروح على الطاولة، وفي ضوء ذلك، يتهم الإسرائيليون الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ«التوق» للتوصل إلى اتفاق مع طهران.
من جهة أخرى، وجه اللواء يعقوب عميدرور، الذي أنهى منصبه بصفته مستشاراً للأمن القومي الإسرائيلي قبل نحو أسبوع، رسالة إلى أصدقاء إسرائيل وأعدائها في آن واحد، انسجاماً مع السياسة العامة التي يتبعها نتنياهو في مواجهة مساعي التوصل إلى اتفاق مرحلي مع الجمهورية الإسلامية في إيران. وأكد عميدرور، في رسالته، أن «إسرائيل تملك القدرة على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وحدها وشل قدراتها على إنتاج أسلحة نووية لمدة طويلة جداً، رغم أن الأخيرة تؤكد أنها لا تعتزم إنتاج هذا النوع من الأسلحة». ولإضفاء المزيد من الصدقية على مواقفه، لدى المعنيين في الغرب وطهران، رأى عميدرور أيضاً، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أن «نتنياهو بالتأكيد على استعداد لاتخاذ قرار كهذا، ولكن الوضع سيملي العمليات التي يتقرر تنفيذها».
إلى ذلك، كشف عميدرور، ما هو معروف، بأن «سلاح الجو نفذ في السنوات الأخيرة عمليات تحليق بعيدة المدى في كافة أنحاء العالم في إطار الاستعدادات لمهاجمة إيران»، لافتاً إلى أن «المسافة بين إسرائيل وإيران تصل إلى 2000 كيلومتر، وأنه يجب معرفة الأهداف جيداً». وأشار إلى أن كل من يملك رادارات تغطي الشرق الأوسط يعرف ماذا تفعل إسرائيل. وفي ما يتعلق بالمقارنة مع القدرات الأميركية، رأى عميدرور أن «إسرائيل ليست الولايات المتحدة التي تمتلك قدرات أكبر بكثير، لكن لإسرائيل ما يكفي من القدرة لوقف إيران لفترة زمنية طويلة». ولجهة الرد على إسرائيل، تطرق عميدرور إلى إمكانية تلقي إسرائيل آلاف الصواريخ من قبل حزب الله، الأمر الذي يفرض على إسرائيل أن تستعد لحملة برية في لبنان والدخول إلى البلدات اللبنانية لوقف إطلاق الصواريخ.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر أميركية، مطلعة على تفاصيل المفاوضات مع إيران، أن الاقتراح الغربي يتضمن وقف إيران عملية البناء داخل مفاعل المياه الثقيلة في آراك (وسط)، لكنها تستطيع مواصلة العمل في البنى التحتية خارجه. إضافة إلى الوقف التام لعمليات تخصيب اليورانيوم إلى نحو 20في المئة، والتزام عدم زيادة كمية اليورانيوم المخصب الموجود بحوزتها. وفي حال مواصلة التخصيب بعد التوصل إلى اتفاق، ستضطر إلى تسليم مفتشي الغرب كمية مساوية من اليورانيوم المخصب.
وأضافت «هآرتس» أن الاقتراح تضمّن أيضاً ضرورة موافقة إيران على آلية رقابة صارمة للتأكد من التزاماتها التعهدات التي تأخذها على عاتقها في إطار الاتفاق.
وبحسب المصادر الأميركية، تشمل الرقابة إجراءات عمليات فحص يومية، في ظروف معينة، وهو ما يُعَدّ أمراً أساسياً في طريق التوصل إلى اتفاق.
ولفتت الصحيفة إلى أن الكشف عن هذه التفاصيل على خلفية جهود الإدارة الأميركية في إقناع قادة الكونغرس بالامتناع عن فرض عقوبات اقتصادية أخرى على إيران، الأمر الذي قد يؤثر سلباً على احتمالات نجاح المفاوضات.
وأضافت أيضاً أن أوباما ينوي استدعاء قادة جمهوريين وديموقراطيين إلى البيت الأبيض، لكي يعرض عليهم تفاصيل المفاوضات مع طهران. وتعمل الإدارة الأميركية على «تبديد مخاوف قيادة يهود الولايات المتحدة من الاتفاق الجديد، وإقناعهم بعدم خوض مواجهة علنية مع الإدارة الأميركية».
وفيما رأت «هآرتس» أن نتنياهو تعمّد تخفيف لهجته، من دون التراجع في المضمون، في ضوء ما بات يدركه من أجواء سائدة في واشنطن، ذكرت صحيفة «معاريف»، أن نتنياهو أظهر استعداده للمرة الأولى للموافقة على اتفاق جزئي، بشرط أن يكون جزءاً من اتفاق شامل يكون واضحاً فيه أن إيران ستفكك قدراتها على تخصيب اليورانيوم وعلى إنتاج البلوتونيوم. وقال إنه «لو اتخذ الإيرانيون خطوات ما في الطريق إلى تفكيك أجهزة الطرد المركزي أو مفاعل البلوتونيوم، لكان هذا أعجبني، ولكني كنت سأقول إن في هذا تقدماً». لكن نتنياهو عاد وحذر من أن الاتفاق الانتقالي «سيؤدي بالإيرانيين إلى تصليب مواقفهم»، في ضوء المؤشرات على أن التسهيلات المتوقعة في العقوبات تغري «شركات، مستثمرين وحكومات تنتظر الهجوم على الاقتصاد الإيراني».
على خط موازٍ، بالرغم من تبادل الاتهامات والتراشق عبر وسائل الإعلام، يصل وزير الخارجية الأميركية يوم الجمعة المقبل إلى إسرائيل، في محاولة لتبريد الأجواء. وتمهيداً للزيارة، أثنى نتنياهو عليه في مستهل جلسة الحكومة أول من أمس، واصفاً إياه بأنه «صديق قديم لي وهو صديق أيضاً لإسرائيل».