القاهرة | فجّر قانون التظاهر الجديد جدلاً حول العلاقة بين أطراف الصراع السياسي في مصر: النظام المؤقت والمتمثل في «الحكومة بوزارتي الداخلية والدفاع»، وثوار «30 يونيو» وتحالف دعم الشرعية. بدأ الاختلاف حين انقسم الطرف الثاني ما بين داعم لشرعية نظام ما بعد «30 يونيو» وقرارات الحكومة، ومنهم الرافض لها أسوة بجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة. المؤشرات السياسية جميعها تؤكد انقسام الثوار على أنفسهم، فضلاً عن احتمالات عودة «الإخوان» إلى المعادلة مع الجزء الثوري الذي انقلب على قرارت وشرعية حكومة حازم الببلاوي. نشطاء «الإخوان» الحاضرون دوماً في المشهد، حاولوا اقتناص الفرصة عبر حركة «طلاب ضد الانقلاب» الذين أصدروا بياناً طالبوا فيه جميع القوى بالتوحّد صفاً واحداً ضد العسكر، اعتراضاً على ما سمّوه «المنشور الأمني» لمنع التظاهر.
ولفت المتحدث باسم طلاب «الإخوان» في جامعة القاهرة، أحمد النشرتي، «الأخبار» إلى أنه «آن الأوان للجميع أن يراجعوا موقفهم»، مخاطباً القوى الثورية بأنه «آن الأوان ليتّحد الجميع ويغلّبوا مصلحة الوطن». بدوره، لم يفوّت التحالف الوطني لدعم الشرعية الفرصة، ودعا الجميع إلى «اتخاذ موقف ثوري موحّد ضد قوى القمع والطغيان والثأر والانتقام لثورة 25 يناير». خطوة تطبيق قانون التظاهر قبل يومين من التظاهرات التي دعت إليها مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية»، ومحاولة بعض النشطاء الاعتصام في ميدان «طلعت حرب» وسط القاهرة، جاءتا بمثابة «صفعة» لشباب الثورة والنشطاء السياسيين.
مؤسس حركة «تمرد»، محمود بدر، أعلن لـ«الأخبار» رفضه لتصرف وزارة الداخلية، وأيضاً أي تكامل بين القوى الثورية و«الإخوان» يسمح للجماعة بالنضال من جديد باسم «ثورة باعوها وتخلّوا عنها».
وأعرب بدر عن تخوّفه من أن يؤدي التعامل الأمني العنيف مع متظاهري الشورى الى استغلال «الإخوان» الفرصة للعودة من جديد إلى الشارع، باعتبار أن وزارة الداخلية تنكّل بحلفائها ولم تغيّر في عقيدتها الأمنية. حصول التكامل بين شباب الثورة وشباب «الإخوان» بات بعيداً جداً، بحسب ما أكد العضو السابق في حركة «6 أبريل»، علي حسن. ولفت حسن «الأخبار» إلى أن العند بين شباب القوى الثورية، وقيادات التحالف الوطني لدعم الشرعية، يزيد من صعوبة التحالف بينهم، إلى درجة الاستحالة، نظراً إلى انعدام الثقة وعدم وجود أرضية مشتركة بين الطرفين، حتى في مواجهة القمع الأمني.
وفي رأي حسن، فإن «مستقبل العلاقة بين الحكومة والقوى الثورية بعد حالة الصفاء التي استمرت بين شباب القوى الثورية والسلطات الجديدة انتهت، فالحكومة ماضية في تثبيت أقدامها، بعدما وصلت إلى ما تريده، والقمع الأمني العنيف سيجبر الكثيرين على التزام بيوتهم».
من جهته، أوضح حسين ميلاد، الشهير بـ«كاريوكي التحرير»، أن قطاعاً واسعاً من شباب الثورة الذين وصفهم بـ«الحقيقيين» مستعد للتعاون مع شباب «الإخوان» من أجل المصلحة العامة وعدم عودة الدولة الأمنية مرة أخرى. وهو نفس ما ذهب إليه أحد مؤسّسي حملة «تمرد»، كريم الشاعر، في تسجيلات له متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيها «الآن نحن أمام انقلاب عسكري متكامل الأركان على كل مكتسبات ثورة يناير»، مضيفاً أن «هناك مبادرة لتجميع كل رفقاء الميدان للقضاء على نظام حسني مبارك الذي يعود الآن وبكل قوة». ورأى أنه ليس لديه مشكلة في أن يضع يده في أيدي شباب «الإخوان»، لأنهم جزء من ثورة 25 يناير.
الباحث السياسي صلاح لبيب رأى في حديث إلى «الأخبار»، أن التظاهرات التي تشهدها القاهرة هي بمثابة «مرحلة فاصلة» في عودة الزخم الثوري إلى الشارع.
ولفت لبيب إلى أن تأثير الأحداث التي تمر بها البلاد على علاقة الأطراف الثلاثة «النظام المؤقت، الثوار بشطريهما، الإخوان المسلمين»، سيظهر بمرور الوقت، فهو لا يمكن التنبّؤ به الآن، ولكنه يؤكد في الوقت نفسه أن محاولة استغلال الجماعة للزخم الثوري الذي بدأ في الاشتعال قد يضعفها تحت مسمّى محاربة الارهاب.